توقيت القاهرة المحلي 07:24:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العنصرية.. الصحية!

  مصر اليوم -

العنصرية الصحية

بقلم : منار الشوربجي

خبران أواخر الأسبوع الماضى جسدا آخر دلالات العنصرية فى مجال الصحة بالولايات المتحدة. أولهما يتعلق بمصل كورونا، والثانى بكرة القدم. فقد تبين غياب البيانات الخاصة بهوية نصف من تلقوا المصل، ولم تجمع مثل تلك البيانات، كالعمر والعرق والنوع، سوى 17% فقط من الولايات، وهو ما يعقد أصلًا من تحقيق المساواة فى توزيع المتاح من الأمصال. أما المعلومات المتاحة فقد كشفت عن أن 5% فقط من السود تلقوا المصل، رغم أنهم من أكثر الجماعات الأمريكية على الإطلاق تضررًا من الوباء. وهو ما دعا عددًا من أعضاء الكونجرس للتوجه بخطاب لوزير الصحة يطالبون فيه بإجبار الولايات على جمع تلك البيانات.

وكان الرئيس بايدن، فى ثانى أيامه بالحكم، قد أصدر أمرًا تنفيذيًا للوزارة لتحقيق المساواة العرقية فى مجال الصحة. لكن القصة أكثر تعقيدًا من مجرد التزام الوزارة أو حتى إلزام الولايات. فرغم أنهم من الأكثر تضررًا من انتشار كورونا، فإن السود هم أيضًا الأكثر ترددًا فى تلقى المصل، والسبب أنهم يتناقلون عبر الأجيال الخبرة التاريخية المريرة التى ظلوا خلالها دومًا حقلًا لتجارب العملاء الذين كانوا يستغلون أجسادهم دون علمهم، ناهيك عن موافقتهم، لفهم تطور أمراض خطيرة وتجربة عقاقير علاجها. وهى الخبرة التى كثيرًا ما تضمنت حرمانهم من العلاج المتوفر حتى يقف العلماء على مراحل المرض المتأخرة، وهو ما يصدق على الأمراض المعدية مما كان يودى بحياتهم وبحياة عائلاتهم. باختصار، لن تتحقق المساواة الصحية عبر القوانين والأوامر التنفيذية وإنما عبر الاعتراف بالظلم التاريخى، ومن ثم إيجاد واقع ينتج ذاكرة جمعية للسود، مختلفة عن تلك التى أفقدتهم الثقة فى النظام الصحى برمته.

أما الحدث الثانى فهو الذى كشفه تحقيق لقناة «إى بى سى» حول ممارسات الاتحاد الأمريكى لكرة القدم. وكرة القدم الأمريكية ليست هى نفسها كرة القدم التى يعرفها العالم خارجها، وإنما هى لعبة أخرى خطرة تتسبب فى إصابات خطيرة للاعبيها، خصوصا بالمخ. فقد ثبت أن 87% من اللاعبين الذين لايزالون فى قمة لياقتهم مصابون إصابات بالمخ لها تداعيات خطيرة على المدى القصير، بدءًا بالاكتئاب مرورًا بضعف الذاكرة وصولًا للعجز عن التفكير والإدراك. وهى كلها أمور تعوق حياة أولئك اللاعبين وهم فى سنى شبابهم بعد ترك الملاعب، مما يدفعهم لطلب المساعدة المادية أو التعويض من الاتحاد. لكن تبين أن الاتحاد يستخدم ما يسمى زورًا «القاعدة العرقية»، التى يُفرض على الأطباء، ضمنًا، اتباعها لتحديد المستحقين. والقاعدة تعنى باختصار أن يقارن الطبيب إصابة المتلقى بخلل إدراكى بالأصحاء من نفس عرقه فقط، لا بالأصحاء عمومًا. وهو معيار بالغ العنصرية يؤدى لحرمان اللاعبين السود من الحصول على المساعدة أو التعويض المادى. فهو قائم على أساس لا علاقة له بالعلم، مؤداه أن عقل البيض يتفوق على عقل السود، وبالتالى تقل نسبة إدراك السود الأصحاء أصلًا عن نسبة إدراك البيض، وهو ما فندته الدراسة بعد الأخرى. ويعنى تطبيق تلك القاعدة البائسة أن اللاعب الأسود حتى يحصل على التعويض لابد أن تكون نسبة تدهور الإدراك لديه أعلى بكثير من البيض. باختصار، عند النسبة نفسها من التدهور الإدراكى يحصل البيض على التعويض ويُحرم منه السود.

القضية الرئيسية فى كل ذلك تحمل مفارقة مهمة. فالعالم السويدى الحاصل على نوبل، جانار ميردال، وصف، فى الأربعينيات، المسألة العرقية بأنها «المعضلة الأمريكية». والمفارقة أنها كانت المعضلة الأمريكية عبر قرون طويلة، ولاتزال هى المعضلة نفسها فى القرن الحادى والعشرين!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العنصرية الصحية العنصرية الصحية



GMT 22:13 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 08:10 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

لا يبيع الوهم

GMT 08:03 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

العدالة في العشوائية

GMT 17:35 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

احتجاجات طرابلس بين سرايا ساحة النور وثكنة القبة

GMT 16:54 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

"أبو مازن" الذي تذوّق السلطة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon