توقيت القاهرة المحلي 07:24:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين يقفز الجمهوريون من السفينة

  مصر اليوم -

حين يقفز الجمهوريون من السفينة

بقلم - منار الشوربجي

المقال الذي نشره كاتب الرأى الشهير جورج ويل وأثار ضجة الأسبوع الماضى هو أحد تجليات الأزمة العميقة التى تعيشها الولايات المتحدة حتى أن سلسلة من رموز نخبة الجمهوريين التقليدية صارت تقفز علنا من سفينة الحزب الجمهورى بل وتعتبر أن الحزب قد صار يمثل خطرا على الديمقراطية الأمريكية ذاتها.


فجورج ويل كاتب رأى، ينشر مقالين أسبوعيا فى صحيفة الواشنطن بوست. وليس سرا أن جورج ويل كاتب محافظ يميل بوضوح للحزب الجمهورى، وطالما دافع عن سياساته ورموزه السياسية. غير أن الرجل كتب مقالا الأسبوع الماضى دعا فيه الناخبين الجمهوريين علنا للتصويت ضد الحزب، ولصالح الديمقراطيين مؤكدا أنه قد آن الأوان ليشغل الجمهوريين مقاعد الأقلية بدلا من الأغلبية فى الكونجرس بعد الانتخابات التشريعية المزمع انعقادها فى نوفمبر القادم.

وأسباب جورج ويل التى حددها فى مقاله كانت واضحة، وهي باختصار أن الكونجرس الذي يتمتع فيه الجمهوريون بالأغلبية تخلى، تحت قيادتهم، عن صلاحياته الدستورية، التى هى جوهر نظام الحكم الأمريكى القائم على التوازن والرقابة، مما يمثل، عند ويل، خطرا على الديمقراطية الأمريكية ذاتها. فهو اتهم الحزب الجمهورى بأنه صار "دمية فى أيدي الرئيس ترامب ومن ثم دعا الناخبين للتصويت للحزب الديمقراطى حتى يستعيد الكونجرس صلاحياته فى مواجهة الرئيس.  


والواقع أن التوازن والرقابة، كمفهوم جوهرى قام على أساسه النظام الأمريكى، فلسفته الجوهرية هى عدم السماح لأي من مؤسسات الحكم الثلاث، الرئاسة والكونجرس والقضاء، بالانفراد بأى سلطة من السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية. فكل واحدة من المؤسسات الثلاث لها صلاحيات دستورية تمس كل واحدة من تلك السلطات.

فإذا كانت السلطة التشريعية، مثلا من نصيب الكونجرس، فإن للرئيس صلاحية الفيتو، وهي تعتبر صلاحية تشريعية تمثل قيدا على الكونجرس، الذي لا يملك دستوريا إلغاء فيتو الرئيس إلا إذا امتلك أغلبية الثلثين فى كل مجلس. وبالمثل، فإذا كان للرئيس السلطة التنفيذية، فإن الكونجرس يمثل قيدا عليه لأنه وحده الذي بإمكانه مثلا إعلان الحرب، وإنشاء الهيئات التنفيذية المختلفة، فضلا عن التصديق على كل تعيينات الرئيس للمناصب التنفيذية والقضائية. وهكذا.


ومن بين الصلاحيات الدستورية التى يرى الكثير من الجمهوريين، ومنهم جورج ويل، أن الكونجرس تخلى عنها ما يتعلق بالتجارة الخارجية. فالنص فى الدستور الأمريكى صريح فى منحه تلك السلطة للكونجرس لا الرئاسة. لكن الكونجرس كان قد ابتدع نظاما هدفه عدم إحراج الرئاسة حين تتفاوض مع دول أخرى بشأن اتفاقات التجارة الحرة فى حالة قيام الكونجرس، وفق سلطاته، بتعديلها بعد توقيع الرئيس عليها أو إذا ما تأخرت المؤسسة التشريعية فى البت فيها وفق أجندتها المزدحمة.

وقد قام هذا النظام على اشتراط أن يقوم الرئيس، طوال فترة المفاوضات التجارية بإخطار الكونجرس أولا بأول بكل تطوراتها، وذلك فى مقابل أن يمنح الكونجرس للاتفاقية، متى وقعها الرئيس، "مسارا سريعا" على جدول أعماله، أى لا تنتظر دورها، بل ويتم التصويت عليها دون تعديل بالرفض أو الموافقة.

وقد تم العمل بذلك النظام الذي صار يعرف "بالمسار السريع" منذ فترة. لكن المؤسسة التشريعية راحت تمنح الرئيس تلك المزية لسنوات طويلة قادمة. وهو بالضبط ما حدث عام 2015. فتحت ضغوط من إدارة أوباما، وافق الكونجرس، ذى الأغلبية الجمهورية، على منح الرئاسة "المسار السريع" حتى عام 2018 مع إمكانية مد الفترة حتى عام 2021، أى أنها تغطى فترة حكم ترامب بالكامل. والحقيقة أن الجمهوريين لا الديمقراطيين هم الذين أعطوا لأوباما ذلك النصر.

فقيادات الحزب الديمقراطى، أى حزب أوباما، وقفت ضده بقوة فى تلك المعركة التى حسمها الحزب الجمهورى، حزب الأغلبية وقتها. فالقوى الرئيسية للحزب الديمقراطى، كاتحادات العمال ومنظمات البيئة فضلا عن يسار الحزب، حاربوا منح أوباما تلك الصلاحية بينما الحزب الجمهورى، المدافع تقليديا عن التجارة الحرة، كان سندا للرئيس الديمقراطى.


لذلك، يجد الكثير من الجمهوريين اليوم أنفسهم فى مأزق بعد أن وصل للحكم رئيس جمهورى راح يفرض، بإرادة منفردة، تعريفات جمركية على الحلفاء قبل الخصوم، مما صار يهدد بحرب تجارية فعلية، سواء مع كندا واليابان وأوروبا والمكسيك أو مع الصين، فى الوقت الذى يقف فيه الكونجرس عاجزا، ليس فقط لأن الكثير من الجمهوريين يخشون معارضة ترامب الذى يحظى بشعبية فى أوساط الحزب، وانما لأنهم تخلوا بالفعل عن صلاحيتهم الخاصة بالتجارة الحرة حين وافقوا على منح "المسار السريع" لأوباما، ولمدة تتخطى ولايته لتشمل ولاية من يأتى بعده.

وقد كان لافتا أن العضو الوحيد الذي تحدى إدارة ترامب بخصوص موضوع التعريفات الجمركية هو السناتور جيف فليك الذي كان قد أعلن أنه سيتقاعد ولن يخوض الانتخابات القادمة. فهو أعلن أنه على استعداد لوقف التصديق على ترشيحات ترامب للمناصب القضائية، لدفعه لتغيير موقفه بشأن التعريفات الجمركية.

ومأزق التجارة الخارجية هو أحد تجليات حالة شاملة انتقدها الجمهوريون قبل الديمقراطيين تتعلق بتخلى الكونجرس عن صلاحياته لصالح الرئاسة.

نقلا عن البيان الاماراتية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يقفز الجمهوريون من السفينة حين يقفز الجمهوريون من السفينة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon