بقلم - منار الشوربجي
التضارب المتكرر فى مواقف إدارة ترامب بخصوص الأزمة الكورية يعقد الأزمة ويزيد من قلق حلفاء الولايات المتحدة لا قلق كوريا الشمالية.
فعشية الألعاب الأوليمبية بكوريا الجنوبية، كانت زيارة نائب الرئيس الأمريكى لكل من اليابان وكوريا الجنوبية حافلة بالمواقف المتضاربة. فقبل وصوله لكوريا الجنوبية لحضور حفل افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية على رأس وفد بلاده، كان مايك بنس قد زار اليابان والتقى برئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى. واتفق الطرفان على المزيد من تشديد العقوبات على كوريا الشمالية. وقد خرج رئيس الوزراء اليابانى عقب اللقاء ليعلن أن طوكيو وواشنطن تتفقان «بنسبة مائة بالمائة بخصوص السياسة تجاه كوريا الشمالية». لكن فى غضون يومين فقط، أحاط الموقف الأمريكى الكثير من الغموض. فقد وصل بنس لكوريا الجنوبية، وأثناء حفل الافتتاح رفض الوقوف تحية لفريقى الكوريتين، وأكد، فى تصريحات وقتها، أن بلاده ستستخدم كل الخيارات إزاء كوريا الشمالية لحماية نفسها، فكان بذلك مؤكدا على الموقف نفسه الذى أعلنه من طوكيو. لكن سرعان ما أثار مايك بنس جدلا واسعا بعد لقاءين عقدهما مع رئيس كوريا الجنوبية قال بعدهما فى حوار للواشنطن بوست إن بلاده على استعداد لإجراء محادثات مع كوريا الشمالية. فهو قال إنه «لن يتم رفع الضغوط عن كوريا الشمالية إلا حين تقوم بفعل يعتبره الحلفاء خطوة جيدة نحو نزع السلاح النووى. فحملة الضغوط الشديدة ستستمر. لكن إذا أرادوا المحادثات فسنجريها». وقد أثار ذلك التصريح قلقا بالغا فى طوكيو التى أجرى رئيس وزرائها فورا اتصالا هاتفيا مع ترامب نفسه خرج بعده ليصرح بأن الولايات المتحدة واليابان «مستمرتان فى ممارسة الضغوط» على كوريا الشمالية. أما مايك بنس فقد دافع عن نفسه وتراجع بعض الشىء حين صرح لاحقا بأن ترامب نفسه «يؤمن بالمحادثات» مؤكدا أن «المحادثات تختلف عن المفاوضات».
والحقيقة أن ذلك الموقف المتذبذب مجرد حلقة فى سلسلة من التناقضات الأمريكية فى هذا الملف. فمنذ شهور، وبعد الإعلان عن أن وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون يبحث قنوات خلفية للحوار مع كوريا الشمالية، كتب الرئيس ترامب عبر تويتر ناصحا وزيره «بألا يضيع وقته» فى إجراء مثل ذلك الحوار. وفى ديسمبر الماضى، كان تيلرسون قد رفع سقف التوقعات من جديد حين أعلن أمام أحد مراكز الفكر الأمريكية «أننا على استعداد للحديث متى أرادت كوريا الشمالية ذلك، ونحن مستعدون لأن نعقد اللقاء الأول دون أى شروط مسبقة» مضيفا: «ألا يمكننا على الأقل أن نجلس ونرى بعضنا البعض وجها لوجه؟» وما إن أثارت تصريحات تيلرسون ضجة كبرى، حتى أصدر البيت الأبيض بيانا قال فيه العكس مؤكدا أن موقف الرئيس الأمريكى لم يتغير. لكن الرئيس الأمريكى عاد بنفسه ليقول العكس إذ قال لرئيس كوريا الجنوبية إنه على استعداد «للدردشة» مع رئيس كوريا الشمالية فى الوقت المناسب وحين تكون الظروف مهيأة. ثم جاءت تصريحات بنس لتمثل أحدث حلقات ذلك التضارب.
وتلك المواقف كلها تربك طوكيو وسيول، خصوصا مع الانتقادات التى لا يكف الرئيس ترامب عن توجيهها لهما فى قضايا التجارة بل والدفاع أيضا. فبعد أيام قليلة من الجدل حول تصريحات بنس فى آسيا، إذا بالرئيس الأمريكى يوجه انتقادات لاذعة للبلدين. فهو هدد بإعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة المبرمة بالفعل مع كوريا الجنوبية أو إلغائها بالكامل بعد أن وصفها بالاتفاقية «الكارثية». أما اليابان، فقال إنها لا تدفع للولايات المتحدة ما يكفى مقابل الدفاع عنها!
نقلا عن المصري اليوم القاهريه