توقيت القاهرة المحلي 07:30:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الكورية الجميلة»

  مصر اليوم -

«الكورية الجميلة»

بقلم - منار الشوربجي

ذكّرتنى رحلة الصعود ثم الهبوط ثم الصعود مجددا فى آفاق العلاقة بين إدارة ترامب وكوريا الشمالية بسؤال كان الرئيس الأمريكى قد طرحه على سيدة أمريكية العام الماضى. فالرحلة مثلها مثل السؤال، جسدت رؤية ترامب للعالم، بل لأمريكا نفسها. وهى رؤية تنبع خطورتها من مغالاتها فى التبسيط.

أما الرحلة، فقد انتقل فيها ترامب من استخدام لغة فجة فى الإشارة لرئيس كوريا الشمالية، إلى قبول الدعوة للقاء قمة والحديث عنه باحترام، ثم إلغاء القمة، ثم التراجع عن الإلغاء.

 فترامب الذى كان قد وصف رئيس كوريا الشمالية بالرجل «القصير» و«رجل الصاروخ»، كان هو نفسه الذى فاجأ وفدا من كوريا الجنوبية بقبوله الفورى للقاء قمة مع رئيس كوريا الشمالية، ثم أعلن الرئيس الأمريكى بنفسه أن وزير الخارجية، مايك بومبيو، التقى سرا رئيس كوريا الشمالية حين كان مديرا للمخابرات المركزية. ولم يأل ترامب جهدا منذ ذلك التاريخ فى تكرار الحديث عن الإنجاز العظيم الذى سيحققه بعد أن فشل كل سابقيه من الرؤساء الأمريكيين.

 وقبل أن يتحقق شىء يذكر، راحت رموز الإدارة ومؤيدوها يستخدمون لغة الانتخابات مؤكدين أن لقاء القمة جاء نتيجة نجاح سياسة ترامب التى انتهجت «أقصى مستويات الضغط» على كوريا الشمالية، مما دفع الأخيرة دفعا لمائدة المفاوضات. وزادت الإدارة وقالت إنها لا تطلب أقل من «تخلص كوريا من سلاحها النووى» بالكامل.

وقد تمادت رموز الإدارة فى صلفها، فذكر جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومى، «النموذج الليبى» فى التخلص من أسلحة الدمار الشامل، وعاد نائب الرئيس، مايكل بنس، ليكرر الفكرة نفسها، بل يحذر رئيس كوريا الشمالية من مصير القذافى إذا لم يتخل عن السلاح النووى!.

وقد كان واضحا منذ فترة أن تلك السلسلة الطويلة من الأخطاء الفادحة أثارت حفيظة بيونج يانج التى كانت قد هددت قبل ساعات من إلغاء ترامب لقاء القمة أنها ستقوم بإلغائه. فكوريا الشمالية كانت ترى أنها ستجلس على مائدة المفاوضات من موقع قوة بعد أن طورت سلاحها النووى، وأنها لذلك لا تقارن بليبيا التى كان برنامجها فى مرحلة بدائية حين قبل القذافى بالتراجع عنه. وكوريا الشمالية كانت هاجمت بولتون بالاسم الأسبوع الماضى، ثم انتقدت نائب الرئيس الأمريكى بقسوة، وإن كانت على ما يبدو لم تكن تنوى إلغاء القمة، كما هددت.

لكن الصلف الذى انطوى عليه أداء ترامب وفريقه تجاه المسألة الكورية لم يخل أيضا من تجاهل للطبيعة المركبة للعلاقات الدولية، والتى تحتاج صبرا ومثابرة، فضلا عن أنه يتضمن افتراضا ساذجا يتصور أن العالم لا يتابع ما يقوله المسؤولون الأمريكيون فى مخاطبة الداخل الأمريكى نفسه!. وقد ذكّرتنى رحلة الصعود والهبوط تلك بواقعة جرت العام الماضى، حين سأل ترامب سيدة أمريكية ذات ملامح آسيوية: «من أين أنت؟» وهو سؤال اعتدت أن أقول لدارسى الولايات المتحدة إنه لا يجوز طرحه على أبناء بلد متعدد العرقيات والإثنيات كأمريكا. فهم جميعا «أمريكيون».

 والسيدة الأمريكية أجابت أول الأمر بأنها «من نيويورك»، لكن مع إصرار ترامب قالت إنها من أصول كورية، فالتفت ترامب لمستشاريه وسأل بصوت التقطته الميكروفونات: «لماذا لا تفاوض هذه الكورية الجميلة كوريا الشمالية؟»، ففضلا عن أن ترامب أنكر عليها جنسيتها الأمريكية، فإنه افترض أنها- دون الحاجة للتخصص- تعرف بالضرورة عن البلد ا��ذى جاء منه أجدادها ما يؤهلها لمفاوضته.

 وهو افتراض يحمل رؤية مغالية فى التبسيط لمجتمع بالغ التركيب، تماما مثل رؤيته بالغة التبسيط للعلاقات الدولية.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الكورية الجميلة» «الكورية الجميلة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon