بقلم - منار الشوربجي
الواقعة التى جرت داخل أحد مقاهى ستاربكس بالولايات المتحدة ليست الأولى من حيث طبيعتها، ولن تكون الأخيرة بأمريكا. ورد فعل ستاربكس هو ا��آخر ليس جديدا من جانب المؤسسات الكبرى الأمريكية رغم عدم فاعليته.
والواقعة تتلخص فى أن شابين أسودين دخلا مقهى ستاربكس بمدينة فيلادلفيا وجلسا ينتظران شخصا ثالثا كانا على موعد معه، ولم يطلبا المشروبات انتظارا لزميلهما. ثم طلب أحدهما استخدام دورة المياه فرفضت مديرة الفرع، مشيرة إلى أنه مخصص فقط لرواد المقهى. ورغم أن الشابين أوضحا أنهما ينتظران ثالثا، إلا أنها قامت بالتصعيد فاتصلت بالشرطة دون إخطارهما أو حتى تحذيرهما مسبقا. وحضرت الشرطة فعلا واقتادت الشابين مكبلين للمخفر، حيث مكثا لساعات طويلة قبل إطلاق سراحهما. وحين انتشر خبر القصة اعتذرت إدارة ستاربكس، أول الأمر، عما جرى وتم إيقاف مديرة الفرع عن العمل. لكن بعدما تطورت الأمور، خاصة بعدما تبين أن تلك المديرة تضمر تحيزا ضد الأقليات عبرت عنه فيما سبق ومنها كتابات على مواقع التواصل الاجتماعى وعبارات مهينة للأمريكيين من أصول لاتينية، قدم الرئيس التنفيذى للمؤسسة اعتذارا جديدا وقال إن 8 آلاف من فروع ستاربكس بأمريكا سوف تتوقف عن العمل فى أحد أيام شهر مايو القادم لإخضاع أكثر من 170 ألفا من العاملين لتدريب فى ذلك اليوم، وعنوانه التحيز «غير المعلن»، معترفة ضمنيا بأن ما جرى لم يكن ليحدث لولا أن الشابين من أصحاب البشرة السوداء.
والحقيقة أن واقعة التحيز ضد الأقليات بأمريكا، والتى تسفر عن أضرار بهم تصل لحد الحبس أو حتى القتل، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. ففى الأسبوع نفسه، منعت موظفة بصالة جمانيزيوم بولاية نيوجيرسى شابا أسود من الدخول، بدعوى أنه لم يدفع الرسوم رغم أنه عضو بالصالة يدفع مقابلا شهريا، ولم تتوقف عن مضايقته حتى بعدما تأكدت من صحة عضويته، وطالبت الأمن بالتعامل معه حين راح يسجل ما يجرى بينهما بهاتفه المحمول.
وفى الأسبوع نفسه أيضا، أعلنت إحدى المدارس الثانوية بولاية ميتشجان عن تعليق الدراسة بعدما أحاطت بمبنى المدرسة عدة عربات تحمل العلم الكونفيدرالى، الذى صار رمزا لمرحلة العبودية، وبعد أن تعرض التلاميذ السود للتحرش بهم سواء من بعض زملائهم البيض أو من جانب أصحاب تلك السيارات، وتوجيه كلمات مهينة صرخوا بها فى وجوههم أو كتبوها على لافتات رفعوها، لم يكن أسوأها وصفهم بالعبيد.
القضية إذن لا تتعلق بستاربكس تحديدا وإنما تتعلق بحالة مجتمعية ينتج عنها ما جرى داخل مقهى ستاربكس وصالة الجمانيزيوم والمدارس وغيرها من المؤسسات الأمريكية.
ورد فعل ستاربكس، أى تعليق العمل والإعلان عن دورة تدريبية، ليس جديدا هو الآخر. فالكثير من المؤسسات الأمريكية تتخذ الإجراء نفسه فى مثل تلك الحالات، لتنفض يدها عن الموضوع، وتتجنب المزيد من الانتقادات، رغم أن عشرات الدراسات أثبتت أنه لا يؤتى أثرا يمتد لأكثر من أيام قليلة، بل أثبتت بعض الدراسات أنه يأتى أحيانا بنتائج عكسية، خصوصا ما إذا كان موقع التدريب يمثل مشقة للعاملين. وقد أثبتت تلك الدراسات نفسها أن الوسيلة الأنجع هى مزيد من التواصل بين البيض والأقليات، سواء فى مواقع العمل أو غيرها، وذلك فى مجتمع يعيش من حيث الواقع الفعلى فصلاً بينهم فى أغلب الأحيان، رغم أن الفصل العنصرى القانونى قد تم إلغاؤه منذ خمسين عاما.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع