بقلم - منار الشوربجي
واقعتان تؤكدان حجم الخروج عن المألوف فى أداء الرئيس الأمريكى. الواقعة الأولى ارتبطت بإقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون. والثانية كانت ما قاله ترامب عن لقائه برئيس وزراء كندا.
فمغادرة ريكس تيلرسون موقعه كانت متوقعة منذ فترة، نظرا للخلاف السياسى والشخصى بين الرئيس ترامب ووزيره الذى كان علنيا فى بعض الأحيان. إلا أن المفاجأة كانت فى الإخراج. ففضلا عن أن اختيار هذا التوقيت بالذات- ستكشفه الأيام- فقد فوجئ العالم بمعركة علنية بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية حول الطريقة التى عرف بها تيلرسون نبأ إقالته. فالبيت الأبيض يؤكد أن رئيس الجهاز الفنى جون كيلى أخطر الوزير قبلها بأيام، بينما تصر الوزارة على أن الوزير عرف من خلال إعلان الرئيس على تويتر نبأ الإقالة. ولأن الوزير لا يستخدم تويتر، فقد تم تضمين ما كتبه الرئيس فى التقرير اليومى للأخبار الذى يعرض على الوزير. ولم يكن ذلك هو وحده الخارج عن المألوف. فالوزير ألقى بعد إقالته كلمة حدد فيها بنفسه الموعد الذى تلقى فيه اتصال الرئيس، والذى كان بعد ساعات ثلاث من إعلان الخبر على تويتر. لكن الأكثر إثارة للانتباه هو أن الوزير لم يشكر الرئيس فى كلمته، كما جرت العادة، على «إتاحة مثل تلك الفرصة له لتولى المنصب الرفيع»، وإنما وجه شكرا عاما، وذكر أنه بينما سيظل رسميا فى منصبه لنهاية الشهر، فقد فوض صلاحياته لنائبه. وإقالة وزير الخارجية بعد أيام من استقالة، مستشار الرئيس الأمريكى للشؤون الاقتصادية سرعان ما تلتها، أنباء إقالة أندرو ماكابى، نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى ثم أخبار عن إقالة وشيكة لمستشار الرئيس للأمن القومى، الجنرال ماكماستر، متى استقر الرئيس على من يخلفه فى ذلك المنصب.
وإذا كانت تلك الوقائع تخرج فعلا عن المألوف، فالأغرب منها ما قاله ترامب عن لقائه برئيس الوزراء الكندى، جاستن ترودو. ففى لقاء له- تسرب للإعلام- مع ممولى الحملات الانتخابية، بدا ترامب فخورا بأنه اختلق حقائق لم يكن يعلم عنها شيئا، حين أكد لترودو أن الولايات المتحدة تعانى عجزا فى ميزانها التجارى مع كندا! فهو قال فى التصريحات المسربة: «لم أكن حتى أعرف.. لم تكن لدى أى فكرة.. ولكننى قلت له أنت مخطئ»، حينما قال له رئيس وزراء كندا إن الولايات المتحدة تتمتع بفائض فى ميزانها التجارى مع بلاده. الأخطر أنه حين نشرت الواشنطن بوست التسريب بصوت ترامب، كتب الرئيس الأمريكى على تويتر نافيا عدم علمه بالموضوع، ومؤكدا فى الوقت ذاته المعلومة الخاطئة! فهو أكد أن بلاده لديها «عجزًا تجاريًا مع كندا مثل الذى لدينا مع كل الدول تقريبا. وجاستن ترودو، وهو رجل طيب، لا يحب أن يقول إن كندا لديها فائض مقابل الولايات المتحدة، ولكنه لديهم. فكل الدول تقريبا لديها فائض، ولهذا فأنا أعرف المعلومة». وما كتبه ترامب يناقض تماما المعلومات الصادرة عن مكتب الممثل التجارى الأمريكى الذى يؤكد رسميا أن الولايات المتحدة تتمتع بفائض بميزانها التجارى مع كندا يصل إلى 12،6 مليار دولار!
ورغم أن الواقعة الأولى تؤكد استحالة التنبؤ بأداء ترامب، فالثانية تخصم، بالضرورة، من مصداقية الرئيس الأمريكى فى اتصالاته الدولية.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية