توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكاية العنف المسلح فى أمريكا

  مصر اليوم -

حكاية العنف المسلح فى أمريكا

بقلم - منار الشوربجي

وقائع القتل الجماعى التى تصدرت الأخبار الأمريكية مجرد واحد من تجليات أزمة هيكلية عميقة. خمس وقائع خلال أسبوعين. أكثرها مأساوية جريمة ارتكبها شاب أبيض أطلق النار عشوائيًّا داخل متجر يرتاده السود بمدينة بافلو بولاية نيويورك، فقتل 13 شخصًا، ونُقل آخرون إلى المستشفى.

وسرعان ما فتح آخر النار بمدينة يوفالدى بولاية تكساس داخل مدرسة ابتدائية، فقتل 19 طفلًا ومعلمتين، ونُقل آخرون إلى المستشفى.

وبعد ساعات قليلة لحق بالحادثين ثالث ورابع وخامس، بأيوا وأوكلاهوما ثم بنسلفانيا والبقية تأتى. وفى كل مرة تتكرر مثل تلك الحوادث، يعود الجدل حول ضرورة وضع قواعد أشد صرامة لاقتناء السلاح واستخدامه، وهو الجدل الذى ينتهى فى أغلب الحالات إلى لا شىء، وفى القليل منها إلى اتخاذ إجراءات محدودة على المستوى الفيدرالى، سرعان ما تتحايل عليها الولايات لتفريغها من محتواها.

والجدل يدور بين طرفين، أحدهما يصر على أن «امتلاك السلاح وحمله» حق ينص عليه الدستور، ومن ثَمَّ فإن أى تشريعات تتعلق به غير دستورية بالمطلق. أما الطرف الثانى فيصر على أن الدستور لا يمنع تنظيم ذلك الحق، وأن القصة هى أن «الاتحاد العام للبندقية»، أعتى جماعات اللوبى الأمريكية، عبر الملايين التى ينفقها والضغوط التى يمارسها، يمثل رادعًا قويًّا للمئات من أعضاء الكونجرس يمنعهم من الاستجابة للمطالب الشعبية بوقف نزيف الدم.

والحقيقة أن الأزمة أعمق بكثير. صحيح أن لوبى السلاح يلعب دورًا جوهريًّا فى ذلك الصدد، إلا أن القضية تذهب إلى أبعد من ذلك، إذ تضرب بجذورها فى عمق التاريخ والثقافة، فالتعديل الدستورى المشار إليه، والذى تم التصديق عليه فى القرن السادس عشر، ينص على أن «الميليشيا المنظمة جيدًا ضرورية لأمن الدولة الحرة، ولا يجوز معها انتهاك حق الشعب فى الاحتفاظ بالسلاح وحمله».

وقتها كان المستوطنون البِيض يشكلون أصلًا تلك الميليشيات لملاحقة العبيد، الذين يهربون من نير العبودية ولقتل الأمريكيين الأصليين مقابل مبالغ مالية عن كل رأس بشرى يأتون به، أى أن الدستور أضفى الشرعية على أوضاع كانت قائمة بالفعل. ورغم أن الأمور استقرت لاحقًا لصالح المستوطنين، ثم أُلغيت العبودية، بعد ذلك بقرون، فإن النص ظل بالدستور، واستغله البِيض، زمن الفصل العنصرى، لقتل السود.

وقتها كانت منظمات التفوق الأبيض تلاحقهم، فتضرم النيران فى بيوتهم وتقتلهم بالسلاح وبالسياط وبالتعليق على الأشجار حتى الموت، دون عقاب. ورغم انتهاء الفصل العنصرى فى ستينيات القرن العشرين، لكن امتلاك السلاح كان قد استقر كأحد الخيوط العميقة فى النسيج الثقافى ذاته، يتم اختراع التبريرات المختلفة لاستمراره، فهو يُبرر تارة بحماية الذات من الجريمة.

وهى قضية كثيرًا ما تحمل دلالات عنصرية تزعم زورًا أن القتَلة فى أغلبهم من السود، ويبررونه تارة أخرى بممارسة رياضة القنص، التى لا تحتاج قطعًا إلى الأسلحة الأتوماتيكية المنتشرة بأعداد مذهلة فى بيوت الأمريكيين، وفى تارة ثالثة يُقال إن امتلاك السلاح ضرورى لحماية الحريات من قيام حكومة جائرة على أساس أن هذا هو مقصد الدستور.

واليوم، ومع الصعود المتنامى لتيار التفوق الأبيض، ازداد بشكل مذهل عدد المنظمات، أو بتعبير الدستور نفسه، «الميليشيات» المُدجَّجة بشتى أنواع الأسلحة الخطرة. والسلطات لا تملك سوى مراقبة تلك التنظيمات، لا نزع سلاحها ولا عقابها، إلا فى صيغة «بعدما»، أى بعدما تكون قد ارتُكبت جريمة ما!، وقد رأينا أولئك المُدجَّجين بالسلاح بالصوت والصورة حين اقتحموا مبنى الكونجرس، العام الماضى، لمنع التصديق على انتخاب بايدن رئيسًا!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية العنف المسلح فى أمريكا حكاية العنف المسلح فى أمريكا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon