توقيت القاهرة المحلي 02:28:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من فيتنام لغزة!

  مصر اليوم -

من فيتنام لغزة

بقلم - منار الشوربجي

ما أشبه الليلة بالبارحة، فعشية حرب فيتنام، انطلقت الحركة السلمية المناهضة للحرب من الجامعات الأمريكية، والتحمت بمظاهرات الشوارع. وظلت الحركة تكتسب زخمًا كل يوم وصولًا إلى عام 1968 الانتخابى، فكانت محطتها التالية هى المؤتمر العام للحزب الديمقراطى بشيكاغو، والذى كان كارثة محققة للحزب ومستقبله، ففى نوفمبر، كانت الهزيمة المدوية فى معركة الرئاسة، التى كانت بداية لعقدين كاملين ظل فيهما مرشحو الحزب عاجزين عن الوصول إلى البيت الأبيض، باستثناء فترة رئاسية واحدة للرئيس كارتر، والتى كانت رفضًا لفضيحة ووترجيت لا قبولًا للديمقراطيين.

ففى 1968، وبعدما زاد الرئيس جونسون القوات المحاربة بفيتنام، اشتعلت الحركة المناهضة للحرب، وانخفضت بشدة شعبية جونسون، فاضطر اضطرارًا إلى سحب ترشحه لفترة رئاسية ثانية. وقد حل محله نائبه هيوبرت هامفرى، الذى كان ينافسه السناتور يوجين ماكارثى المناهض للحرب بعد اغتيال روبرت كينيدى. وقد ظلت قيادات الحزب تعامل الحركة الواسعة لمناهضة الحرب بصلف شديد كشف عن نفسه فى الأداء داخل قاعة المؤتمر، الذى شهد أسبوعًا من المشادات والصراخ الممتد حتى ساعات الصباح الأولى، وفوضى شاملة فى الجوانب الإجرائية الحيوية لأعمال المؤتمر. أما شوارع المدينة، فقد عجّت بعشرات الآلاف، قبل أسبوع كامل من بدء المؤتمر، لكن العنف الشديد الذى أمر به عمدة المدينة، الديمقراطى وقتها، ضد المتظاهرين، تزامن مع أيام المؤتمر، إذ مارست شرطة المدينة أسوأ أشكال العنف، فأُصيب المئات، وأُلقى القبض على غيرهم. وقد استغل مرشح الحزب الجمهورى، ريتشارد نيكسون، كل تلك الأحداث فى دعايته الانتخابية حتى فاز بالرئاسة بنهاية العام.

ومثلما كان الحال وقتها، يصر بايدن وفريقه على مواقف من حرب غزة ترفضها أغلبية القاعدة الشعبية لحزبه الديمقراطى، فرغم أن الولايات المتحدة شهدت حتى الآن، وفق آخر الإحصاءات، أكثر من 8 آلاف مظاهرة شارك فيها مجتمعة ما يزيد على المليون، أغلبيتهم الساحقة من الديمقراطيين، لا تزال قيادات الحزب الديمقراطى تعامل أولئك الغاضبين من دعم الديمقراطيين للإبادة فى غزة بصلف شديد، حتى إن بايدن هاجم بنفسه طلاب الجامعات، وزعم زورًا أنهم متورطون فى «إلقاء الرعب فى قلوب غيرهم» وفى «أعمال التخريب والاعتداء على ممتلكات الغير». وهى بالمناسبة الاتهامات ذاتها التى استُخدمت وقت حرب فيتنام. واليوم، فإن 83% من الديمقراطيين يريدون وقفًا «دائمًا» للحرب فى غزة، بينما يريد 62% وقفًا كاملًا للدعم العسكرى لإسرائيل، فى حين يرى 56% أن إسرائيل ترتكب «إبادة جماعية» و«تطهيرًا إثنيًّا» فى غزة. الأكثر أهمية أن أكثر من 81% من جيل الشباب تحت الثلاثين عامًا يرفضون دعم بايدن لإسرائيل. والشباب من أهم قطاعات القاعدة الشعبية للديمقراطيين، التى لولاها لما صار بايدن رئيسًا. ومثلما جرى فى 1968، فهناك مَن ينظمون أنفسهم تمهيدًا لاحتجاجات واسعة فى شيكاغو عشية المؤتمر العام.

والحقيقة أن مثل تلك الأرقام، التى تزداد مع ازدياد المجازر اليومية فى غزة، من شأنها أن تثير قلقًا عميقًا لدى أى مرشح عن الحزب الديمقراطى سواء للرئاسة أو للكونجرس. وباستثناء الجناح التقدمى الذى يناصر فلسطين، ويطالب منذ اليوم الأول بوقف دائم للحرب، فإن مواقف قيادات الحزب الديمقراطى تكشف عن تجاهل التاريخ السياسى لأمريكا واستيعاب دروسه، فقطاعات القاعدة الشعبية المعارضة لسياسة بايدن لن تعطى أصواتها طبعًا لترامب، ولكن إحجامها عن التصويت فى نوفمبر كفيل بفوزه، بل يعرف المتخصصون بالانتخابات الأمريكية أن هناك علاقة طردية قوية بين ارتفاع نسبة التصويت بين الشباب وبين فوز الديمقراطيين. باختصار، دخلت الانتخابات الرئاسية منعطفًا مفتوحًا على كل الاحتمالات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من فيتنام لغزة من فيتنام لغزة



GMT 12:32 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

الرجل الذي زرع الكوفية

GMT 12:29 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

كأنهم خطفوا مقاعد الأحزاب !

GMT 12:23 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

تصعيد مجنون

GMT 11:58 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

رأس الجبل العائم

GMT 11:49 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

دفاتر الحيرة القومية

النجمات العرب يتألقن أثناء مشاركتهن في فعاليات مهرجان فينيسيا

القاهرة ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - أشهر الجزر السياحية في فينيسيا لقضاء عطلة ممتعة
  مصر اليوم - إستخدام اللون الفيروزي في ديكور المنزل المودرن

GMT 10:54 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

فوائد القمح " النخالة" للأطفال في الوقاية من الربو

GMT 06:48 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تكشف خطورة السجائر الإلكترونية

GMT 11:53 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عطر CH Men Privé"" الرجالي حكاية عن الجاذبية التي لا تٌقاوم

GMT 09:36 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

سيارة "بورش 911 كاريرا كوبية" تحت المجهر

GMT 04:46 2021 الأحد ,20 حزيران / يونيو

أفضل 5 مدربين في الدوري الإنجليزي هذا الموسم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon