توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من فيتنام لغزة!

  مصر اليوم -

من فيتنام لغزة

بقلم - منار الشوربجي

ما أشبه الليلة بالبارحة، فعشية حرب فيتنام، انطلقت الحركة السلمية المناهضة للحرب من الجامعات الأمريكية، والتحمت بمظاهرات الشوارع. وظلت الحركة تكتسب زخمًا كل يوم وصولًا إلى عام 1968 الانتخابى، فكانت محطتها التالية هى المؤتمر العام للحزب الديمقراطى بشيكاغو، والذى كان كارثة محققة للحزب ومستقبله، ففى نوفمبر، كانت الهزيمة المدوية فى معركة الرئاسة، التى كانت بداية لعقدين كاملين ظل فيهما مرشحو الحزب عاجزين عن الوصول إلى البيت الأبيض، باستثناء فترة رئاسية واحدة للرئيس كارتر، والتى كانت رفضًا لفضيحة ووترجيت لا قبولًا للديمقراطيين.

ففى 1968، وبعدما زاد الرئيس جونسون القوات المحاربة بفيتنام، اشتعلت الحركة المناهضة للحرب، وانخفضت بشدة شعبية جونسون، فاضطر اضطرارًا إلى سحب ترشحه لفترة رئاسية ثانية. وقد حل محله نائبه هيوبرت هامفرى، الذى كان ينافسه السناتور يوجين ماكارثى المناهض للحرب بعد اغتيال روبرت كينيدى. وقد ظلت قيادات الحزب تعامل الحركة الواسعة لمناهضة الحرب بصلف شديد كشف عن نفسه فى الأداء داخل قاعة المؤتمر، الذى شهد أسبوعًا من المشادات والصراخ الممتد حتى ساعات الصباح الأولى، وفوضى شاملة فى الجوانب الإجرائية الحيوية لأعمال المؤتمر. أما شوارع المدينة، فقد عجّت بعشرات الآلاف، قبل أسبوع كامل من بدء المؤتمر، لكن العنف الشديد الذى أمر به عمدة المدينة، الديمقراطى وقتها، ضد المتظاهرين، تزامن مع أيام المؤتمر، إذ مارست شرطة المدينة أسوأ أشكال العنف، فأُصيب المئات، وأُلقى القبض على غيرهم. وقد استغل مرشح الحزب الجمهورى، ريتشارد نيكسون، كل تلك الأحداث فى دعايته الانتخابية حتى فاز بالرئاسة بنهاية العام.

ومثلما كان الحال وقتها، يصر بايدن وفريقه على مواقف من حرب غزة ترفضها أغلبية القاعدة الشعبية لحزبه الديمقراطى، فرغم أن الولايات المتحدة شهدت حتى الآن، وفق آخر الإحصاءات، أكثر من 8 آلاف مظاهرة شارك فيها مجتمعة ما يزيد على المليون، أغلبيتهم الساحقة من الديمقراطيين، لا تزال قيادات الحزب الديمقراطى تعامل أولئك الغاضبين من دعم الديمقراطيين للإبادة فى غزة بصلف شديد، حتى إن بايدن هاجم بنفسه طلاب الجامعات، وزعم زورًا أنهم متورطون فى «إلقاء الرعب فى قلوب غيرهم» وفى «أعمال التخريب والاعتداء على ممتلكات الغير». وهى بالمناسبة الاتهامات ذاتها التى استُخدمت وقت حرب فيتنام. واليوم، فإن 83% من الديمقراطيين يريدون وقفًا «دائمًا» للحرب فى غزة، بينما يريد 62% وقفًا كاملًا للدعم العسكرى لإسرائيل، فى حين يرى 56% أن إسرائيل ترتكب «إبادة جماعية» و«تطهيرًا إثنيًّا» فى غزة. الأكثر أهمية أن أكثر من 81% من جيل الشباب تحت الثلاثين عامًا يرفضون دعم بايدن لإسرائيل. والشباب من أهم قطاعات القاعدة الشعبية للديمقراطيين، التى لولاها لما صار بايدن رئيسًا. ومثلما جرى فى 1968، فهناك مَن ينظمون أنفسهم تمهيدًا لاحتجاجات واسعة فى شيكاغو عشية المؤتمر العام.

والحقيقة أن مثل تلك الأرقام، التى تزداد مع ازدياد المجازر اليومية فى غزة، من شأنها أن تثير قلقًا عميقًا لدى أى مرشح عن الحزب الديمقراطى سواء للرئاسة أو للكونجرس. وباستثناء الجناح التقدمى الذى يناصر فلسطين، ويطالب منذ اليوم الأول بوقف دائم للحرب، فإن مواقف قيادات الحزب الديمقراطى تكشف عن تجاهل التاريخ السياسى لأمريكا واستيعاب دروسه، فقطاعات القاعدة الشعبية المعارضة لسياسة بايدن لن تعطى أصواتها طبعًا لترامب، ولكن إحجامها عن التصويت فى نوفمبر كفيل بفوزه، بل يعرف المتخصصون بالانتخابات الأمريكية أن هناك علاقة طردية قوية بين ارتفاع نسبة التصويت بين الشباب وبين فوز الديمقراطيين. باختصار، دخلت الانتخابات الرئاسية منعطفًا مفتوحًا على كل الاحتمالات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من فيتنام لغزة من فيتنام لغزة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon