بقلم - منار الشوربجي
رغم أن انتخابات الكونجرس الأمريكى منحت للحزب الديمقراطى الأغلبية بمجلس النواب، بينما احتفظ بموجبها الجمهوريون بالأغلبية بمجلس الشيوخ، إلا أن لفوز الديمقراطيين فى مجلس النواب دلالات بالغة الأهمية لا ينبغى غض الطرف عنها. ففوزهم بمجلس النواب هو الأكثر أهمية لفهم المزاج الشعبى الأمريكى، لا مجلس الشيوخ، لأسباب متعددة تتعلق بطبيعة العملية الانتخابية ذاتها والتى كانت، هذه المرة، فى صالح الحزب الجمهورى فى المجلسين لا فقط بمجلس الشيوخ.
فعدد مقاعد مجلس النواب 435 مقعدا. وهو العدد الكلى الذى يتم توزيعه على الولايات حسب عدد السكان. معنى ذلك أن عدد مقاعد الولاية بالمجلس قد يتغير بالزيادة أو النقصان بعد الإحصاء السكانى الذى يتم كل عشر سنوات. وبعد أن تتم إعادة توزيع المقاعد على الولايات، تقوم كل ولاية بإعادة رسم دوائرها بناء على العدد الجديد. لكن رسم الدوائر ليس بريئا بالمرة، فالحزب الذى يتولى الحكم فى الولاية يقوم بإعادة رسم الدوائر بشكل سياسى بحيث يسهل معه انتخاب أكبر عدد من مرشحيه على حساب الحزب الآخر. وهو ما حدث بالفعل بعد إحصاء 2010، حيث قام الجمهوريون برسم الدوائر، فصارت خطوط الدوائر الانتخابية نفسها منحازة لهم وتجعل من مهمة الديمقراطيين أكثر صعوبة. ومن هنا، فإن فوز الديمقراطيين عموما فى مجلس النواب جاء رغم تلك العقبة الكؤود. ولا يقل أهمية عن ذلك أن الحزب نجح فى الحصول على أصوات الشباب بفارق 28 نقطة عن الجمهوريين، وبأصوات الأمريكيين من أصل لاتينى بواقع 33 نقطة. الأكثر دلالة أن المرأة البيضاء الأكثر تعليما وثراء والتى منحت صوتها لترامب عام 2016 تخلت عن حزبه هذه المرة.
أما انتخابات مجلس الشيوخ، فقد كانت المنافسة تتعلق بثلث المقاعد فقط لا كلها. وكان عدد المقاعد التى يدافع عنها ديمقراطيون 26 بينما كان على الجمهوريين الدفاع عن 9 فقط، دارت بينما المنافسة فى ولايات أغلبها أصلا من معاقل الحزب الجمهورى. كل ذلك لا يجعل انتخابات الشيوخ معبرة عن المزاج الشعبى، خصوصا أن المجموع الكلى للأصوات التى حصل عليها الديمقراطيون كان أعلى بأكثر من مليون صوت عن الجمهوريين.
ولكل تلك الدلالات أثرها على مجريات الحكم فى المرحلة القادمة لأن حزب الرئيس يدرك دلالات فوز الديمقراطيين وحجم الخطورة على مقدراته بل وعلى انتخابات الرئاسة القادمة. وكونجرس منقسم فى العامين المتبقيين من ولاية ترامب الأولى يمثل فى ذاته روشتة للشلل السياسى. ففوز الديمقراطيين بالأغلبية بمجلس النواب يسمح لهم بعرقلة أجندة ترامب دون تمكينهم من تمرير أجندتهم السياسية. وعرقلة أجندة ترامب سيكون معناه أن يهتم الرجل بالقضايا التى بإمكانه إنجازها بمفرده بما فى ذلك السياسة الخارجية، ويسعى لإلقاء مسؤولية الفشل على الديمقراطيين وهو ما يرفع حدة الاستقطاب ويعمق الشلل السياسى.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع