بقلم : منار الشوربجي
القرار الذى اتخذه ترامب منفردا بفرض تعريفات جمركية واسعة النطاق على كل من الصلب والألومنيوم المستورد من شأنه أن يضيف للمتاعب المتراكمة للبيت الأبيض. فهو رفع عدد الاستقالات إلى ستة من مساعدى الرئيس فى شهرين فقط، وربما يحدث انقساما داخل حزبه، على أعتاب انتخابات تشريعية، ويخصم من الدوائر الحليفة للرئيس فى وقت تزداد فيه التحقيقات الجارية فى واشنطن سخونة.
فرغم أن مستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية، جارى كون، كان يفكر بالاستقالة منذ أعلن ترامب دعمه لجماعات التفوق الأبيض عشية وقائع مدينة تشارلوتسفيل العام الماضى، إلا أنه رجع عنها حتى أصر ترامب على فرض تلك التعريفات الجمركية، فاستقال احتجاجا. والرئيس، عند إعلانه عن نيته اتخاذ ذلك القرار، وجد معارضة أيضا من أعضاء حزبه بالكونجرس، فكتب أكثر من نصف أعضاء الحزب بمجلس النواب خطابا للرئيس يرجونه التراجع عنه، بينما سعت قيادات الحزب بالمجلسين للقاءات مع ترامب لإثنائه عن عزمه، فما كان من الرئيس إلا أن استبعدهم بالمطلق طوال عملية إعداد القرارين التنفيذيين اللذين وقعهما مؤخرا ليصبح القرار نافذا بعد أسبوعين من التوقيع. ولم يخفِ أعضاء الكونجرس موقفهم، إذ أعلن رئيس مجلس النواب قبل ساعات من توقيع الرئيس رأيه فرد عليه الرئيس فورا على تويتر بأنه لن يتراجع. وفور صدور القرار لم يخف عدد منهم غضبهم، حتى إن النائب الجمهورى مارك سانفورد وصف القرار بأنه «تجربة من التجارب الغبية فى مجال التجارة الدولية تلجأ لمثلها الولايات المتحدة كل حوالى مائة عام». ويمثل القرار بالنسبة للجمهوريين تحولا راديكاليا فى خط الحزب. فحزب الرئيس والأغلبية فى الكونجرس هو الحزب الذى طالما دافع عن منطق التجارة الحرة وإزالة كافة العوائق فى طريقها، ووقف فى وجه القطاعات التى طالبت بالتجارة العادلة مقابل التجارة الحرة. لكن قدوم ترامب لمنصب الرئاسة كان متغيرا مهما من زاوية أنه استطاع أن يسحب البساط من الحزب الديمقراطى، معقل القطاعات العمالية لعقود، عبر استهداف بعض، وليس كل البيض فى ذلك القطاع المهم. وباتخاذ ترامب قرار التعريفات الجمركية، قد يحدث انقسام بين العمال البيض على أساس جديد. فالجمهوريون يخشون، وهم مقدمون على انتخابات تشريعية فى نوفمبر، من الإجراءات الانتقامية التى قد تتخذها الدول المضارة والتى قد تستهدف الصادرات الزراعية الأمريكية بتعريفات مماثلة، مما يؤدى لأضرار واسعة للدوائر والولايات الزراعية التى هى فى الأصل من أهم معاقل الجمهوريين، الأمر الذى قد يعنى أن يصبح المزارعون فى كفة وعمال الصناعة فى الكفة الأخرى.
وكل ذلك من شأنه أن يخصم من حلفاء الرئيس فى وقت تزداد فيه سخونة التحقيقات الجارية بشأن علاقة حملته الانتخابية بمساعى روسيا للتدخل فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة. فقد أعلن الأسبوع الماضى عن أن هناك معلومات لدى المحقق الخاص تفيد بأن ترامب سعى لمناقشة اثنين من مساعديه عشية تقديم شهادتيهما أمام جهات التحقيق وهو ما قد يمثل «تعطيلا للعدالة أو تضليلها»، فضلا عن تراكم المعلومات التى تطال أفراد فى أسرة الرئيس. لذلك كان لافتا أن صحيفة الوول ستريت جورنال ذات الميول اليمينية هى التى تكتب افتتاحية الأسبوع الماضى تطالب فيها ابنة الرئيس إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر بالاستقالة من البيت الأبيض للتخفيف من أعباء الرئيس، بعد أن وصفتهما بأنهما باتا بمثابة «عبء» على الرئيس فى إطار تلك التحقيقات.
نقلًا عن المصري اليوم القاهرية