بقلم : منار الشوربجي
الأخبار التى تخرج عن البيت الأبيض فى عهد ترامب تختلف نوعيا، فى تقديرى، عن سابقيه. فهى فى كثير من الأحيان تدور كلها حول أشخاص، لا سياسات، وتتصدرها أحيانا أنباء يضطر البيت الأبيض لاحقا لتعديلها أو تصحيحها أو اتخاذ موقف دفاعى، بعد ما تخلقه من جدل، وهو ما يخلق حلقة مفرغة تتراجع معها بالضرورة تغطية الإعلام، الباحث عن الإثارة للسياسات. والرئيس الأمريكى ذاته مسؤول بدرجة كبيرة عن ذلك الاختلاف النوعى فى نوعية الأخبار.
فالأسبوع الماضى تصدرت الأنباء المعركة العلنية بين ترامب ووزيره للعدل، جيف سيشنز، والتى وصلت لحد إطلاق ترامب اسم شخصية كارتونية كوميدية على الوزير! فالمعروف أن سيشنز، الذى كان عضوا بالكونجرس حتى توليه الوزارة كان أول عضو بالمؤسسة التشريعية يدعم ترامب فى حملته الانتخابية للرئاسة، وظل من أقوى داعميه حتى إنه انضم لفريق الحملة ثم لفريق إدارة المرحلة الانتقالية. لكن بعد أن اختاره لمنصب وزير العدل، لم يغفر ترامب له أبدا أنه أعفى نفسه من أى إشراف، بحكم منصبه، على التحقيقات الجارية بخصوص التدخل الروسى وعلاقة حملة ترامب بها، لأنه من ناحية كان طرفا فى تلك الحملة، ولأنه تبين، من ناحية أخرى، أنه لم يقل الحقيقة أول الأمر حول اتصالاته بالروس. ومنذ تلك اللحظة، توترت علاقة ترامب بالوزير وتأكدت أنباء عن أنه كان ينوى إقالته، لكنه عدل عن ذلك لما كان سيسببه مثل ذلك القرار من متاعب قانونية فى إطار التحقيقات الجارية. وتلك ليست المرة الأولى التى يكتب فيها ترامب عبر تويتر مهاجما الوزير، إلا أنها المرة الأولى التى يرد فيها الوزير على الرئيس دون أن يذكره بالاسم. ورغم أن ترامب وصف الوزير ذات مرة بأنه «أحمق»، إلا أنها المرة الأولى التى يعرف فيها أنه يشير له فى جلساته باسم «المستر ماجوو» وهو اسم شخصية كارتونية معروفة نشأت فى الاستوديوهات عام 1949، لرجل يتعرض لمواقف كوميدية كثيرة بسبب ضعف بصره!
ومن معركة الرئيس مع وزير العدل لأخبار علاقته المتوترة بمستشاره للأمن القومى. وهى معلومة ليست جديدة هى الأخرى، وإنما تتلاشى أحيانا لتعود لتتصدر الأخبار، مثلها مثل أخبار علاقته المتوترة بوزيره للخارجية وبرئيس الجهاز الفنى للبيت الأبيض. وبين هذا وذاك كان هناك أيضا خبر استقالة مساعدة الرئيس الشابة هوب هيكس، التى عملت معه بشكل وثيق لسنوات طويلة قبل توليه الرئاسة. وهى الاستقالة التى جاءت بعد ساعات فقط من تسرب أنباء عما دار فى جلسة استماع للجنة الاستخبارات بمجلس النواب، التى كانت قد استدعت هيكس للشهادة أمامها فقالت، فى شهادتها، إنها اضطرت أثناء عملها بالبيت الأبيض «أحيانا» لأن تكذب لصالح ترامب، وهو الكذب الذى وصفته بـ«الأكاذيب البيضاء»!
وقد كانت تلك هى القضايا التى زاحمت أخبار جاريد كوشنر، مساعد الرئيس وصهره، والمتعلقة بحرمانه من الاطلاع على المعلومات والوثائق الحكومية بالغة السرية، لحين حصوله على الموافقات الأمنية التى يلزم قانونا الحصول عليها قبل مثل ذلك الاطلاع، وذلك إلى جانب طبعا التحقيقات الجارية التى تطال كوشنر.
وتمثل تلك الأخبار اختلافا نوعيا عن المعتاد خصوصا فى عام انتخابات تشريعية مزمع انعقادها فى نوفمبر القادم. فحزب الرئيس الذى عادة ما يفقد مقاعد فى تلك الانتخابات يحتاج للتركيز على السياسات لتحقيق إنجازات بشأنها قبل بدء الحملات الانتخابية. فهل تكون الانتخابات ذاتها مختلفة نوعيا هى الأخرى؟
نقلًا عن المصري اليوم القاهري