توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«نيابة عن البشرية»!

  مصر اليوم -

«نيابة عن البشرية»

بقلم - منار الشوربجي

وكأن غزو العراق لم يكن كافيًا. فلايزال المحافظون الجدد الذين نظّروا لغزو العراق يقدمون روشتة تدفع نحو المزيد من الدمار في العالم. فأحد أهم رموزهم، روبرت كيجان، كتب الأسبوع الماضى مقالًا يدافع فيه عن بلاده، ويعفيها من أي مسؤولية دولية. والمقال تنويعة جديدة على فكرة أمريكا «البريئة» بالمطلق، والتى يقترب دورها من أن يكون «رغمًا عنها» إذ «كُتب عليها أن تتولى قيادة العالم! وهى كلها أفكار جوهرية في الثقافة السياسية الأمريكية يغذيها دعاة الحروب».يقول كيجان إنه ينبغى لأمريكا أن تستخلص من غزو روسيا لأوكرانيا الدرس الصحيح. فما يقال عن أن سببها الرئيسى هو توسع حلف الأطلنطى شرقًا الذي اعتبرته روسيا تهديدًا لأمنها القومى هو محض افتراء.

فالسبب الحقيقى، عنده، هو أن روسيا، بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، لم تفعل مثلما فعلت بريطانيا وفرنسا واليابان بعد انهيار إمبراطورياتها، عندما قبلت كل منها الهزيمة ورضيت بالأمر الواقع وتكيفت معه! وما جرى بأوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد السوفيتى لم يكن بفضل سياسات اتبعتها الولايات المتحدة بقدر ما كانت نتيجة «الهيمنة» الأمريكية، التي يُعرفها كيجان بأنها مجرد «حالة» تصف الواقع وليست هدفًا. فالهيمEgypttoday

نة، كما يقول، تختلف عن «الإمبراطورية». فالثانية ناتجة عن سياسات تهدف لإجبار الدول الأخرى على الدوران في فلكها.

أما «الهيمنة» عنده فهى قدر ومكتوب! فهى ببساطة أن نفوذ القوة العظمى يقوم بالأساس على «قوة الجاذبية»! فاقتحام حلف الأطلنطى للمجال الحيوى لروسيا كان ناتجًا عن رغبة دول أوروبا الشرقية التي جذبها «النموذج الأمريكى للثراء والديمقراطية»، لا عن رغبة ولا سياسة أمريكية. هنا، يخلط كيجان بين مفهومى الهيمنة والقوة الناعمة، أي جاذبية الثقافة والتاريخ. أكثر من ذلك، فقد قدم كيجان تعريفًا فريدًا للمجال الإقليمى للدولة. فالمجال الإقليمى، عنده، ليس أمرًا ثابتًا ولا تخلقه الجغرافيا ولا التاريخ وإنما «يُكتسب بالقوة العسكرية والاقتصادية والسياسية».

وهو تعريف فريد لأن المجال الإقليمى للدولة مرتبط بأمنها القومى ويمثل عمقها الاستراتيجى، وإلا لما كان هناك ما يسمى في القانون الدولى «المياه الإقليمية» ولا «المجال الجوى» للدولة، بل ولما برز في تاريخ أمريكا نفسها ما يُعرف بمذهب مونرو الذي اعتبر أمريكا اللاتينية منطقة نفوذ للولايات المتحدة على القوى الأخرى ألا تقترب منها. وحين يحاول كيجان أن يدافع عن تعريفه هذا فإنه في الحقيقة يفعل العكس. إذ يقول إن مبدأ مونرو كان حبرًا على ورق إلى أن استطاعت أمريكا أن «تُجبر» القوى الأخرى على قبوله. وهو بذلك يبرر ما تفعله روسيا اليوم بالضبط إذ تحاول «إجبار» أوكرانيا بالقوة المسلحة على عدم الانضمام للناتو.

أما الخطأ الذي ارتكبته أمريكا، عند كيجان، فكان أنها لم تتدخل قبل سنوات حين كانت روسيا أضعف، أي حين هاجمت روسيا جورجيا ثم استولت على جزيرة القرم. وعليه، يرى كيجان أن الدرس الأهم من غزو أوكرانيا هو أن تعترف أمريكا لنفسها بأن مصلحتها هي الحفاظ على النظام الدولى الحالى، ومن ثم على أمريكا ألا تعير بالًا لاحترام المجال الإقليمى لروسيا ولا المجال الإقليمى للصين أيضًا. وعلى أمريكا أن تتبع هذه السياسة الآن وليس غدًا.

ويُنهى كيجان مقاله بعبارة ذات دلالة، تنطوى على غطرسة لا تخطئها العين. فأمريكا «كثيرًا ما تجد نفسها متورطة بأوروبا» لأنها تقدم «نموذجًا جذابًا للعالم، وهو يقينًا الأفضل إذا ما قُورن بأى بديل واقعى». باختصار، اختار كيجان للعالم وبالنيابة عنه، أمريكا «البريئة» لأنها «يقينًا» أفضل من يتولى «الهيمنة»!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«نيابة عن البشرية» «نيابة عن البشرية»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon