بقلم ـ محمد صلاح
لا يمر حدث في مصر من دون أن يسعى المخربون إلى محاولة الإساءة له أو استغلاله لتشويه صور القائمين عليه أو إحراج أطرافه، فـ»الإخوان» والجهات الداعمة لهم لا يريدون للناس إلا أن يروا السواد فقط والظلام وحده، وأن تسود بينهم الكآبة وأن تسري في عروقهم الطاقة السلبية وحدها.
قبل أن تبدأ فعاليات «منتدى شباب العالم» الذي يلتئم في مدينة شرم الشيخ المصرية، بعد غدٍ السبت ويستمر لأربعة أيام، بدأت الحملة ضده، ووجهت المنصات الإعلامية القطرية والقنوات التي تبث من تركيا واللجان الإلكترونية الإخوانية، بوصلتها في اتجاه المدينة السياحية المصرية، لتهاجم المنتدى وتدين منظّميه وتسبّ المشاركين فيه!! من دون أي إشارة إلى الموضوعات التي سيناقشها نحو خمسة آلاف شاب أتوا إلى مصر من نحو 160 دولة.
فعاليات ذلك المنتدى لا تروق للإخوان وكل الجهات التي تدعمهم، وإظهار مدينة مصرية كواجهة لشباب العالم مسألة تؤرق الجماعة التي لا تكف ليل نهار عن التوسل إلى العالم عدم الذهاب الى مصر، والتهكم على كل إنجاز فيها والسخرية من كل مشروع ينشأ على أراضيها.
سيُعقد المنتدى للعام الثاني على التوالي، وكانت أموال ضخمة خصّصتها قطر من أجل الهجوم على دورته الأولى من دون جدوى، ولم تُفلح حملات القنوات التي تبث من تركيا ولندن والدوحة في الإساءة إلى المشاركين فيه أو منع تكراره، لكن كعادة الدوحة فإنها لا تكف عن الأذى، ولا تتوقف عن الفشل ولا تمتنع عن محاولات هدم مصر على من فيها!!
وبالطبع، فإن «الإخوان» الذين يبحثون عن ثأر من الشعب المصري الذي ثار ضد حكم جماعتهم، لا يرحبون بمناسبات كتلك، لكن إذا وجدوها فإنهم يعودون لمحاولة استعادة النشاط والقفز إلى الأضواء ولو بالسخرية من المنتدى، أو البحث عن لقطة أو صورة أو عبارة للسخرية من تلك الفعالية.
لم تذكر المنصات الإعلامية القطرية أن المنتدى سيتضمن 30 جلسة حوار بين شباب العالم تتناول 18 محوراً، إضافة إلى نموذج لمحاكاة «القمة العربية الأفريقية»، ولن تشير أبداً إلى أن المشاركين سيناقشون موضوعات، كالأمن المائي في أعقاب التغير المناخي أو دور قادة العالم في بناء السلام واستدامته، أو التعاون الأورومتوسطي، أو دور القوى الناعمة في مواجهة التطرف والإرهاب، أو آليات بناء المجتمعات والدول بعد الحروب والنزاعات، أو فرص العمل في عصر الذكاء الاصطناعي، أو العمل التطوعي في المجتمعات، فتلك كلها موضوعات بالنسبة إلى «الإخوان» والدول الجهات التي تدعمهم لا يجب مناقشتها، أو الحديث حولها طالما غابت الجماعة عن المنصة الرئاسية، وما دام عناصر التنظيم ليسوا من بين الجالسين في القاعات!!
إنه موسم فبركة الأخطاء وتزييف الواقع واختراع الأكاذيب، وبينما سينشغل الشباب في جلسات المنتدى وأحداثه، سيأخذك إعلام «الإخوان» إلى تساؤلات حول الأموال التي أُنفقت للصرف على المنتدى، ولن يذكر بالطبع أن شركات راعية هي التي تنفق، وسيلجأون إلى تركيز اهتمامك على سترة السيسي أو ربطة عنقه أو ساعة يده، أو طريقته في الحديث أو السجاد الذي سار عليه أو القاعة التي جلس فيها مع المشاركين أو صمته أو ضحكته أو حتى حذائه!! إنه الأسلوب الذي يتبعه هؤلاء منذ نحو خمس سنوات لتسطيح كل حدث جاد، وإشغال الناس بتوافه الأمور وخلق عالم خيالي موازٍ للواقع. وأخيراً، فإن الإخوان ظلوا على مدى خمس سنوات يزعمون محاربة السيسي الشباب ورفضه مشاركتهم في صنع المستقبل، وهم صدّروا للعالم صورة ذهنية عن ذلك الشاب الثوري الذي يبيت في الميادين ويستخدم الألفاظ الخادشة للحياء ويسب ويشتم خصومه ولا يستحم ولا يغير ملابسه فداء لوطنه، ويؤرق الجماعة أن يكتشف الناس نماذج أخرى من الشباب في مصر والعالم يدرون ما حولهم ويتحدثون بطلاقة ويرفضون التطرف ويضعون الخطط لمحاربة الإرهاب و»الإخوان».
نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع