توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الإخوان» من التمكين إلى التخزين

  مصر اليوم -

«الإخوان» من التمكين إلى التخزين

بقلم - محمد صلاح

اعتمدت جماعة «الإخوان» في سعيها إلى السلطة خططاً لتكوين اقتصاد موازٍ في الدول حيث الوجود «الإخواني» كثيف، وعلى رأسها مصر، ونجحت في تأسيس كيانات اقتصادية ضخمة لمدى عقود، وانتشرت الشركات «الإخوانية» في محافظات مصر، واخترقت الجماعة كل مجال، من المستشفيات إلى محال البقالة، ومن الصيدليات إلى مصانع الألبان، ومن المزارع إلى مساحيق الغسيل، ناهيك عن المدارس والمعاهد والحضانات! لم يكن إذاً مفاجئاً أن تستغرق عملية حصر أموال «الإخوان» وقتاً طويلاً، فالأموال بالبلايين والأنشطة متعددة ومتنوعة وموزعة على أنحاء مصر، وعناصر التنظيم حاولوا دائماً تضليل السلطات وخداع المواطنين والتحايل على الإجراءات والقوانين. لسنوات طويلة ربط «الإخوان» مصالح الناس بوجود الجماعة ونشاطها الاقتصادي، وطوال عقود حقق اقتصاد «الإخوان» نمواً متزايداً وتسرطن في نسيج البلاد، حتى باتت أعداد كبيرة من المواطنين تعتمد على مدارس «الإخوان» ومستشفياتهم... وسلعهم.

قد يبدو الأمر بسيطاً أو اعتيادياً أو حتى منطقياً أن تختفي سلعة من الأسواق في غير موسمها إذا تسربت معلومات عن رفع سعرها، عندما يقوم التجار بتخزينها وحجبها عن السوق للاستفادة بفارق السعر، أو حين يحدث انخفاض في معدلات إنتاج سلعة لظروف مناخية أو تسويقية أو حتى سياسية! لكن الأمر في مصر يسير في اتجاهات أخرى، إذ لا يكاد يمر شهر من دون أن تشهد السوق ارتباكاً ويلهث المواطنون وراء هذه السلعة أو تلك، أو يشكون من احتكار التجار وجشع الموزعين والمنتجين، ناهيك بالطبع عن معاناتهم من تعطيل مصالحهم ومحاولات تخريب العلاقة بين المؤسسات والمصالح الخدمية وبين الجماهير التي تقف في طوابير كل يوم لإنهاء مصالحها. واللافت أن غالبية تلك الوقائع تنتهي عند نتيجة واحدة مفادها أن هذا التاجر «الإخواني» تعمد «تعطيش» السوق وحجب السلعة عن الناس، أو أن هذا المنتج «الإخواني» أيضاً خطط لإيذاء المواطنين ومنع السلعة من الوصول إلى السوق، أو أن هذا المسؤول «الإخواني» يعطل العمل في هذه المؤسسة أو تلك المصلحة لتأليب مشاعر الناس وخنقهم ورفع إحساسهم الدائم بالمعاناة والضجر من الحكم.

فطن المصريون مبكراً إلى اللعبة، فهم بعد الثورة على حكم الجماعة وإطاحة محمد مرسي من المقعد الرئاسي وحرمان التنظيم تحقيق حلم التمكين، أدركوا نوايا «الإخوان» ومحاولات الجماعة الدائمة نشر الإحباط بين الناس، وسرقة كل فرحة وسلب كل إحساس بالرضى وتغييب كل إنجاز، والسعي دائماً إلى الحفاظ على حالة للسخط بين المواطنين. يتحدثون الآن عن أزمة البطاطا! التي يطلق عليها المصريون «البطاطس» وعن دور لـ «الإخوان» في الأزمة! فبعد أيام من المعاناة وجد المصريون أنهم يعيشون سيناريو عاشوه من قبل مع سلع أخرى كثيرة، وجرى حل اللغز بسرعة عندما ألقت أجهزة الأمن القبض على تاجر كبير تبين أنه قام بتخزين آلاف الأطنان ليحجب «البطاطس» عن السوق ويمنعها عن الناس، ثم يطرحها بأسعار مرتفعة في الخفاء، وكالعادة تبين أنه «إخواني» حاول احتكار السلعة تماماً مثل مرشده وقادة جماعته الذين سعوا، بعدما ضرب الربيع العربي مصر وبلداناً أخرى، احتكار السلطة. وبالطبع فإن السوق تأثرت بتخزين البطاطس، وطبقاً لنظرية الأواني المستطرقة، فإن الأزمة انتقلت من مكان إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى وصاحبنا «الإخواني» كان يعتقد قبل القبض عليه أنه ضرب عصفورين بحجر واحد: حقق مزيداً من الأرباح والمكاسب وفي الوقت نفسه ضمن الدخول إلى «الجنة»! ظل «الإخوان» يحلمون بـ «التمكين» ووضعوا الخطط وخاضوا صدامات ومعارك وحروباً، وجاءهم الربيع العربي ليمنحهم فرصة الانقضاض على الحكم وسلب السلطة، وحين فشلوا في إدارة الدولة وأخفقوا في الحكم وضاع حلم «التمكين» لجأوا إلى التخريب كوسيلة تضاف إلى آليات أخرى اعتمدوها لتدمير المجتمع ونشر الفوضى، والثأر من الناس الذين ثاروا ضد حكم المرشد. ومن التمكين إلى التخزين، ومن احتكار السلطة إلى احتكار أي سلعة لن نجد «الإخوان» أبداً بعيدين عن أي مصيبة أو أزمة أو كارثة، فهم دائماً طرف في قلب كل محنة يمر بها أي مجتمع عربي، إما سبب فيها أو مستثمر لها.

نقلا عن الحياة

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الإخوان» من التمكين إلى التخزين «الإخوان» من التمكين إلى التخزين



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon