توقيت القاهرة المحلي 09:26:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دعم الأثرياء

  مصر اليوم -

دعم الأثرياء

بقلم : محمد صلاح

لا يهتم المواطن المصري البسيط كثيراً بمسألة الأرقام، وغالباً لا يكترث بما يلوكه المسؤولون عن حجم دعم السلع أو الخدمات، أو نسب الارتفاع أو الانخفاض في ما تقدمه الدولة من دعم للفرد أو الأسرة، أو الفارق بين السعر الحقيقي للسلعة وبين سعرها حين تكون بين يديه، فالمهم لديه أن يحصل عليها بسعر مناسب، أو ينال الخدمة من دون أعباء إضافية. قضية الدعم في مصر حافلة بالتناقضات، فأرقام مشروع الموازنة العامة في العام المالي 2018 – 2019، الذي بدأ في مطلع تموز (يوليو) الجاري وينتهي في نهاية حزيران (يونيو) المقبل، تشير إلى أن نحو 332 بليون جنيه خصصت للدعم والمزايا الاجتماعية، بارتفاع مقداره نحو بليون جنيه عن موازنة العام المالي 2017 – 2018.

المبلغ خُصص منه لدعم المواد البترولية أكثر من 89 بليون جنيه، وللكهرباء 16 بليوناً، والسلع التموينية 86 بليوناً، إضافة إلى 4 بلايين لدعم الصادرات. على الجانب الآخر، سجل الدعم النقدي ممثلاً في معاش الضمان الاجتماعي وبرنامج «تكافل وكرامة» نحو 17.5 بليون جنيه يستفيد منه نحو 3.2 مليون مواطن، بينما استفاد من البرنامجين 2.85 مليون مواطن في العام المالي السابق.

ارتفع دعم السلع التموينية بنسب كبيرة مقارنة بالعامين السابقين، إذ قفز من 47 بليون جنيه إلى 82 بليوناً ثم 86 بليوناً في عامين، بعدما زاد نصيب الفرد من السلع المدعمة من 15 جنيهاً إلى 50 جنيهاً في الشهر. اللافت أن غالبية المسؤولين يقرون بالحاجة إلى تنقية جداول المستفيدين، إلا أن الإجراءات تأتي دائماً تقليدية من دون أي ابتكار أو أفكار جديدة، إذ لا يمكن تصوّر أن أكثر من 80 مليوناً يتلقون هذا الدعم وفق بطاقات التموين الرسمية!! والطبيعي أن خفض الدعم عن سلعة ما يزيد من الضغوط على المواطنين، لكن في الوقت نفسه لا يخفف كثيراً العبء عن كاهل الموازنة العامة، ما يجعل الحكومة تعود مجدداً بعد فترة إلى تخفيض آخر على الدعم للسلعة ذاتها أو غيرها. انخفض دعم المواد البترولية بنسبة كبيرة في الموازنة الحالية، التي استهدفت دعماً بنحو 89 بليوناً مقابل نحو 121 بليوناً في موازنة العام السابق، كما انخفض دعم قطاع الكهرباء من 30 بليوناً إلى 16 فقط، لكن تلك المخصصات توجهت إلى الإنفاق على قطاع الصحة الذي خصص له أكثر من 61 بليوناً مقارنة بنحو 54 بليوناً في الموازنة الماضية، وزادت موازنة التعليم من 107 بلايين إلى نحو 115 بليوناً.

يصاب المواطن المصري، غير المعني بكل تلك الأرقام، بصدمة كلما عرف أن الحكومة تنوي تخفيض الدعم على هذه السلعة أو تلك الخدمة، إذ يدرك وقتها أن النتيجة الطبيعية زيادة أعبائه ومواجهة ضغوط جديدة، خصوصاً أن تصريحات المسؤولين بعدها تكون كارثية كالوزير الذي يعتبر الزيادة «تصب في مصلحة المواطن» أو الوزيرة التي ترى أن «على المواطنين أن يمتنعوا عن شراء أي سلعة يزيد سعرها!!»، دعك هنا من الآلة الإعلامية القطرية والمنصات المصوبة نحو مصر والمصريين، أو النشاط المحموم للجان الإلكترونية الإخوانية، أو القنوات التي تبث من الدوحة ولندن واسطنبول، فكلها تسعى إلى هدم الدولة المصرية على من فيها، فالدولة التي استطاعت حل مشكلة رغيف الخبز المدعوم ونجحت، إلى حد كبير، في تأمين احتياجات البسطاء منه بعد ربطه ببطاقة التموين المدعومة، تعاني تسرب الدعم الموجه إلى المحروقات إلى فئات لا تستحقه، أو قل إلى الأثرياء!!.

بكل وضوح، فإن منظومة الدعم في مصر خضعت على مدى عقود للترقيع والترميم، فظلت مشكلتها قائمة، وبينما أيقن الحكم في مصر أن القضاء على معضلات الأحياء العشوائية لن يكون إلا بهدمها ونقل سكانها إلى أحياء حضارية جديدة، فإنه لا يزال يدور في فلك الحلول التقليدية بالنسبة الى قضية الدعم بتخفيضه كل فترة، وكلما اقترب سعر سلعة مدعومة من سعرها الحقيقي عاد الفارق مجدداً بين السعرين بفعل حركة الأسواق العالمية والإقليمية والمحلية، فيصبح الأمر مُلحاً بضرورة خفض جديد لدعم تلك السلعة، وهكذا!!

لا حل لقضية الدعم في مصر إلا بالخلاص من تلك المنظومة القديمة البالية المهترئة، وتبني أخرى تعتمد على قاعدة بيانات دقيقة لمستحقي الدعم، فتنخفض قيمته وتتوقف المنح والمزايا للأثرياء من دون الإضرار بالبسطاء.

نقلًا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دعم الأثرياء دعم الأثرياء



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 02:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا

GMT 09:10 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أسباب تأجيل فيلم "الديب" لأحمد السقا
  مصر اليوم - أسباب تأجيل فيلم الديب لأحمد السقا

GMT 15:53 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

إستياء في المصري بسبب الأهلي والزمالك

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على وصفات طبيعية للعناية بالشعر التالف

GMT 02:56 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

الفنانة ميرنا وليد تستعد لتقديم عمل كوميدي جديد

GMT 19:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 13:48 2018 السبت ,05 أيار / مايو

سيارة بدون "عجلة قيادة ودواسات" من سمارت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon