بقلم - محمد صلاح
لم تكن العملية الإرهابية التي استهدفت مدير الأمن في الإسكندرية اللواء مصطفى النمر أول من أمس مفاجأة لأحد، فكل الأوساط تتابع ومنذ فترة الحملات والجهود والمؤامرات التي استهدفت منع المصريين من التوجه إلى لجان الاقتراع، والمشاركة في الانتخابات الرئاسية داخل مصر، والتي تبدأ اليوم ولمدة ثلاثة أيام، الأمر لا يتعلق بقوى سياسية تعارض السيسي أو تختلف حول سياساته أو تسعى إلى طرح رؤى وبرامج مختلفة عمّا يطرحه الرجل، أو حتى دول وجهات خارجية لا ترتاح إلى أفكاره أو آرائه أو مواقفه، وإنما تنظيمات إرهابية تحظى بدعم تركي وقطري وجهات ومؤسسات غربية عملت على مدى السنوات الأربع الماضية على إفشال الدولة المصرية وإسقاطها بكل السبل ومهما كانت التكلفة والنفقات، وزاد غضبها بفعل استمرار تماسك الدولة وصمود المصريين ونجاة مصر من مصير آلت إليه دول أخرى، لم يعد فيها ناس يقفون أمام لجان للاقتراع، وإنما يقفون طوابير للحصول على مكان في خيام الإيواء.
اللافت أن عملية الإسكندرية وقعت بعد ساعات من ترويج المنصات الإعلامية الإخوانية لسؤال حول جدوى تمسك الجماعة بالنهج «السلمي» أمام نظام حكم لم يعر سلمية الجماعة اهتماماً. هذا على أساس أن عنف «الإخوان» في الشارع وحرق مؤسسات الدولة والاعتداء على المواطنين المعارضين للتنظيم وإلقاء الأطفال من فوق أسطح المنازل وإمداد «داعش» في سيناء بمخزون «الإخوان» البشري والهجمات على مكامن الشرطة وسياراتها وقتل من فيها كان إرهاباً سلمياً، أو أن الناس صاروا بلا عقول ولا يدركون أن حكاية «السلمية» مجرد ستار تخفي خلفه الجماعة عملياتها الثأرية ضد كل جهة أو شخص حال دون تمكينها من الحكم.
عموماً ليس الأمر في حاجة إلى جهد كبير لإثبات صلة «الإخوان» بالعنف المسلح في مصر، التاريخ يعج بأنهار من المعلومات عن النشاط الإرهابي للإخوان قبل ثورة تموز (يوليو) 1952 وقتل القاضي الخازندار ورئيس الوزراء محمود النقراشي مجرد نموذجين، ومحاولة اغتيال عبدالناصر نموذج آخر، وقيام الإخواني شكري مصطفى بتأسيس أول جماعة تكفيرية في مصر تحت اسم «جماعة المسلمين» التي عرفت باسم «التكفير والهجرة» التي قتلت وزير الأوقاف آنذاك الشيخ حسن الدهبي نموذج أيضاً، أما عن صلة «الإخوان» بالعنف المسلح بعد ثورة الشعب المصري على حكم محمد مرسي وإطاحة التنظيم من قمة هرم السلطة في مصر، فالمعلومات مُعلنة ومعروفة ويتداولها البسطاء من الناس ناهيك عن المتخصصين.
هناك أيضاً علاقة بين خلايا «الإخوان» في العمق، وتنظيم «داعش» في سيناء، أفضت إلى قيام الإخواني الفار مهاب مصطفى السيد بالتخطيط لسلسلة هجمات استهدفت الكنائس العام الماضي. التنسيق بين «داعش» و «الإخوان» أنتج امتلاك خلايا العنف العشوائي التابعة للإخوان قدرات تصنيع المتفجرات وتفخيخ السيارات. وكشف تنظيم «داعش» نفسه في فيديو بثته مواقعه الشهر الماضي، انتماء عمر الديب نجل القيادي في جماعة الإخوان إبراهيم الديب، للتنظيم الإرهابي في سيناء، هذا فضلاً بالطبع عن دفاع «الإخوان» المستميت عن هجمات «حسم» الإرهابية واعتبارها «مقاومة مشروعة»، إضافة إلى النعي المستمر لقتلى خلايا «داعش» في العمق المصري خلال حملات الدهم، والادعاء الكاذب بأن هؤلاء القتلى تمت تصفيتهم بعد «اختفائهم قسراً».
المصريون لا يخشون تخلي «الإخوان» عن السلمية لأنهم أدركوا تاريخ الجماعة وصاروا على يقين بجغرافيا التنظيم وإرهابه السلمي!.
نقلا عن الحياة اللندنية