توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أخبار «مضروبة»!

  مصر اليوم -

أخبار «مضروبة»

بقلم ـ محمد صلاح

الكذبة بسيطة لكن لها مغزى، إذ فجأة ضجت مواقع إلكترونية وصفحات لـ «الإخوان» على شبكة التواصل الاجتماعي بخبر عن قيام أب مصري، يقيم مع أسرته في محافظة دمياط في الدلتا، بسرقة الزي المدرسي لابنته من محل تجاري، لعجزه عن الوفاء باحتياجات الأسرة نتيجة الفقر الذي يعيش فيه هو وبقية المصريين! على الفور جُهزت الديكورات، ونُصبت الاستوديوات، وأضيأت المصابيح، وجلس المذيعون في مواجهة الكاميرات ليطرحوا أسئلة عن الإفلاس الذي تعيشه الأسر المصرية في عهد السيسي، بينما اجتهد ضيوف البرامج في تلك القنوات، التي تنفق عليها قطر ويديرها «الإخوان» في الدوحة ولندن وأنقرة، في طرح نظريات حول الرخاء الذي كانت تعيش فيه مصر في السنة التي حكم فيها «الإخوان»، والمصائب و «البلاوي» والفقر التي ضربت البلاد بعدما وقف الشعب ضد «إرادة الله» وناصب «الإخوان» العداء وأطاح الرئيس الشرعي محمد مرسي صاحب «مشروع النهضة»، الذي وصفه في خطبة شهيرة بأن له رأساً وجسماً ومؤخرة!

حتى تكتمل الحبكة، أو هكذا اعتقد «الإخوان»، كان لا بد من بعض التوابل والبهارات بالتساؤل عن مدى الجريمة التي ارتكبها الرجل ليؤمِّن الزي المدرسي لابنته، وهل يستحق العقاب أم الثواب؟ هل هو جانٍ أم مجني عليه؟ والمهم أن يخرج المتحدثون بالطبع بنتيجة مفادها أن السيسي هو السبب!

في مصر يطلقون على أخبار كهذه أنها «أخبار مضروبة». ومنذ عصفت رياح الربيع العربي بالمنطقة غرق المصريون وغيرهم من الشعوب العربية، في أمواج من المعلومات الكاذبة والأحداث المفتعلة والإشاعات المغرضة والأخبار «المضروبة»، وبمرور الوقت اكتشف المصريون أنهم كانوا ضحايا آلة إعلامية ضخمة تبث الأكاذيب وتمارس التحريض، وتسعى دائماً إلى اغتيال كل معارضي «الإخوان» معنوياً وتصفيتهم إنسانياً، وإن منصات نصبت في تركيا وقطر ودول أوروبية صوبت بثها وصفحاتها وموجاتها في اتجاه عقول المواطنين العرب في كل مكان، لتبييض وجوه «الإخوان» وغسل سمعة «الجماعة»، وإخفاء كل خطأ وقع فيه ذلك التنظيم عبر عقود، سواء تورط «الإخوان» في عمليات إرهابية أو تآمروا على الجميع من أجل الوصول إلى السلطة.

حصَّن المصريون أنفسهم ضد ألاعيب وأكاذيب وطوفان يومي من «الأخبار المضروبة»، وصاروا يتهكمون على محتوى المنصات الإعلامية «الإخوانية» ويستغربون حجم الإنفاق المالي على مشروع لا يحقق سوى الفشل.

صحيح أن استخدام الإشاعات هو أحد أساليب الحرب اللامتماثلة، واعتمد عليه الناشطون ومحركو «الربيع العربي» وناشرو الفوضى والخراب، لكن الفشل الذي لحق بـ «الإخوان» والناشطين وقطر وتركيا كان يستدعي من تلك الجهات أن تطور من نفسها، وتبحث عن آليات جديدة لتحقق الأذى للآخرين. فالظروف تغيرت والحقائق ظهرت، ولم يعد الناس يستجيبون لكل إشاعة بسرعة، وصاروا لا يخرجون من منازلهم ليحتشدوا في الميادين لمجرد أن ناشطاً زعم أن زميلاً له قُتِل في ذلك الميدان، أو أن الشرطة تذبح المواطنين في هذا الشارع. صار الناس يبحثون أولاً عن مصدر المعلومة، ويسألون عن دور «الإخوان» فيها، ثم يتوجسون حين يلاحظون أن كل «الإخوان» في العالم جيشوا أنفسهم لترويج تلك الكذبة، أو هذه المزاعم. وأخيراً تأتي السخرية من أموال تنفقها قطر على مر السنوات ولم تحقق شيئاً، وجهود بذلها «الإخوان» لم تسفر إلا عن مزيد من السقوط لـ «الجماعة» في مستنقع الفشل. لاحظ هنا أن أكاذيب «الثورجية» و «الإخوان» أيام «الربيع العربي» كانت تعيش فترات أطول، فالناس وقتها كانت لديهم دوافع للتصديق عليها والاقتناع بها، الآن صارت الكذبة تُكتشف بمجرد إطلاقها، والإشاعة تموت قبل أن تؤثر، وحتى ساحة الإنترنت التي استخدمها «الإخوان» واعتقدوا بأنهم الأكثر براعة وخبرة وحنكة فيها دخل عليها المدافعون عن أوطانهم وامتلكوا أدواتها وتباروا فيها، وبدوافع وطنية سجلوا انتصارات على لجان إلكترونية ينتظر أعضاؤها الأوامر لينفذوها بلا وعي أو تفكير.

قبل أن ينهي المصريون تهكمهم على كذبة «الزي المدرسي» باغتهم «الإخوان» بالكذبة الجديدة، بادعاء مفاده أن كتاب مادة «التربية القومية» للصف الثالث الإعدادي أورد في إحدى صفحاته مدينة القدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل، فعاد المصريون إلى الضحك مرة أخرى، ولكن بصورة أكبر، فهم جميعاً يعلمون أن طلاب الإعدادية لا يدرسون هذه المادة من الأساس!

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخبار «مضروبة» أخبار «مضروبة»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon