توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حقوق الإنسان الإرهابي

  مصر اليوم -

حقوق الإنسان الإرهابي

بقلم : محمد صلاح

 هل يعتقد أي عاقل، أن تقريراً لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» سيجعل الدولة المصرية ترتعد وتخشى تأثيرات التقرير وتداعياته وردود الفعل حوله، ما يدفعها إلى تغيير سياستها وخططها واستراتيجيتها في مواجهة الإرهاب، أو طريقة التعاطي مع جماعة الإخوان المسلمين ليرضى عنها أصحاب التقرير والقائمون على المنظمة؟ الإجابة بكل تأكيد هي: لا، ليس لأن الحكم في مصر متعنت أو يضرب عرض الحائط بتقارير المنظمات الحقوقية عموماً وهيومن رايتس ووتش خصوصاً، أو لأن تقارير تلك المنظمات تعتمد على شهادات مزورة وأقوال مرسلة أو معلومات تمدها بها جماعة الإخوان المسلمين أو شخصيات أخرى طالتها شبهة ممارسة أو دعم الإرهاب، ولكن ببساطة لأن الدولة المصرية تخطت المرحلة التي كانت تعمل فيها حساباً لتقارير حقوقية، أو مقالات صحافية أو بيانات تصدر عن مؤتمرات وندوات تنفق عليها دول بعينها وتنظمها جهات محددة ويحضرها أشخاص معروفون بعدائهم للدولة المصرية أياً كان الحكم الذي يحكمها.

لا تختلف صياغة التقرير الأخير لهيومن رايتس ووتش حول الأوضاع في سيناء، عن ما تلوكه وتروج له الآلة الإعلامية للإخوان المسلمين والمنصات التي تنفق عليها قطر والقنوات التي تُبث من الدوحة ولندن وإسطنبول، ولا فرق حتى في المفردات وطريقة العرض والمطالب، ناهيك عن المعلومات، إذ يكاد يشبه تقارير أخرى أصدرتها المنظمة نفسها أو منظمات غربية أخرى عند محاكمة قادة الإخوان، أو توقيف أعضاء في الجناح العسكري للتنظيم المعروف إعلامياً باسم «حركة حسم»، أو أثناء مداهمات الشرطة لأوكار الإرهابيين والتكفيريين من عناصر «داعش» أو محافظات مصرية أخرى، فصار نشاط المنظمات الحقوقية الغربية مرادفاً لأنشطة جماعات وتنظيمات سياسية تتحكم فيها دول وقوى إقليمية، لتحقيق أهداف سياسية بعيداً عن الإنسانية. واللافت هنا أن التقرير الأخير صدر بالتزامن مع حملة يتبناها إعلام الإخوان وتروج لها اللجان الإلكترونية الإخوانية، وأنفقت أموالاً طائلة من أجل تجهيز برامج ومواد تلفزيونية، ليس بالطبع للتحذير من خطر الإرهاب في سيناء، والتذكير بما فعله الإخوان أثناء السنة التي حكموا فيها مصر، وتحويلهم شبه الجزيرة المصرية إلى مأوى للإرهابيين الفارين من كل مكان في العالم، أو إعلام الناس بتفاصيل الحملة التي يشنها الجيش والشرطة المصرية لتصفية الإرهابيين هناك وحماية الناس من العمليات الإرهابية، ولكن للزعم بأن تلك المساحة من الأراضي المصرية تتعرض لحصار من الجيش المصري!! وأن الهدف من وراء الحملة على الإرهاب ليس لتنظيف سيناء من الإرهابيين، وإنما عقاب أهالي شبه الجزيرة!! ورغم أن العملية بدأت قبل ثلاثة شهور وقاربت على الانتهاء تمهيداً لتنفيذ خطة الدولة لإعادة إعمار سيناء وتنفيذ خطة طموحة لتنميتها، إلا أن التقرير ادعى تعرض الأهالي للأذى، وأسهب في الحديث عن غياب المواد التموينية، مطالباً السلطات المصرية السماح للمنظمات الإغاثية بالوصول إلى مدن سيناء المختلفة وتقديم العون إلى الأهالي!

إنها الصياغة نفسها التي يتبناها إعلام الإخوان والناشطون الذين تمتطيهم الجماعة منذ ثورة الشعب المصري ضد حكم الجماعة التي راهنت على تفشي الإرهاب في سيناءـ ووجدت الدولة المصرية تتعافى وتتجاوز مرحلة الإخوان وتنفذ خططاً تنموية طموحة لعلاج أمرض الاقتصاد التي عانتها مصر على مدى عقود، وفي الوقت نفسه تجهز على الإرهابيين في سيناء وتصفيهم ليفقد الإخوان وكل الجهات الداعمة لهم أو تحرمهم من الورقة الأخيرة التي كانت في حوزتهم. يتذكر المصريون فيلماً تلفزيونياً جرى بثه قبل شهور، وتضمن مشاهد ملفقة ومعلومات مفبركة عن عمليات الجيش المصري في سيناء ويسخرون من أفعال كتلك، ويعتبرون أن المنتج واحد والجهة التي تنفق واحدة والهدف التي تسعى إليه المنظمات الحقوقية الغربية يتسق مع ما يحاول الإخوان إثباته. على ذلك لا ينتظر المصريون من المنظمات الحقوقية الغربية تقارير عن جرائم الإرهابيين في سيناء أو غيرها ولا عن العمليات الإرهابية لـ»حسم» أو «داعش» أو «لواء الثورة» أو أي من التنظيمات الإرهابية ذات الجذور الإخوانية، ولا عن أسر أهالي شهداء الجيش والشرطة وحزنهم على أبنائهم الذين راحوا ضحية الإرهاب، إذ لم تعد موضوعات كتلك ضمن اهتمامات المنظمات الحقوقية التي جرى اختراقها وسرطنتها، وصارت منصات لتبرير الإرهاب، واستجداء التعاطف مع داعميه، وتوفير مناخ يحمي منفذيه، لتتحول إلى جهات تسعى إلى حماية حقوق الإنسان الإرهابي!

نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقوق الإنسان الإرهابي حقوق الإنسان الإرهابي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon