بقلم : محمد صلاح
يعتقد "الإخوان" دائماً أن في إمكانهم خداع الشعب المصري والتقرُّب إليه بأشكال ووسائل مختلفة حتى يتم السيطرة على فئات منه وتحريكها، ومن ثم السيطرة على الحكم. لكنهم مقتنعون تماماً بأن الجيش المصري يظل دائماً حائلاً دون تحقيقهم أحلامهم وأن ما جرى بعد ثورة تموز (يوليو) 1952 وتحديداً في 30 حزيران (يونيو) 2013، يثبت أن طموحات الجماعة لا يمكن أن تتحقق طالما هناك جيش وطني قوي متماسك في البلاد، وبالتالي فهم يعملون على إسقاطه أولاً لينفتح الطريق على مصراعيه لتزحف الجماعة تحو مقاعد السلطة!
بعد أيام، سيبدأ موسم حفلات تخرج طلاب الكليات العسكرية في مصر في حضور أسر وأهالي الخريجين الذين ينتمون إلى محافظات مختلفة وطبقات اجتماعية متباينة. وطبيعي أن يتغافل الإعلام الغربي المخترق "إخوانيا"ً عن تغطية الحدث. وجرت العادة أن يسود الغضب أوساط "الإخوان" وكل الجهات المتحالفة مع الجماعة، حين تفشل في إفساد فرحة المصريين بالجيل الجديد الذي ينضم إلى جيش الدولة، الذي مثّل دائماً حائط الصد الأول أمام طموحات الجماعة في السيطرة على البلد والانطلاق منها لحكم باقي الدول العربية. لكن مشهداً آخر ظهر خلال الأيام الماضية بدا غريباً بالفعل بالنسبة إلى البعض، ومنطقياً لدى المتعمقين في دراسة الشخصية المصرية، وهو هذا الازدحام الكثيف داخل وأمام مقار الكليات العسكرية من شباب أنهوا الدراسة الثانوية ورغبوا في الالتحاق بالجيش بمختلف فروعه وتشكيلاته، إذ لجأ مكتب تنسيق الكليات العسكرية إلى فتح باب التقدم وسحب طلبات الالتحاق حتى قبل إعلان نتيجة الدراسة الثانوية تخفيفاً عن الطلاب وأهاليهم، وحتى مع اعتماد التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال المتقدمة واستخدام شبكة الإنترنت في تنفيذ خطوات الالتحاق، فإن عشرات الآلاف من الشباب لازالوا يفضلون التوجه إلى مراكز الالتحاق لسحب الأوراق بأنفسهم، فيتحول شهر تموز (يوليو) من كل عام إلى موسم للجيش المصري سواء للالتحاق به. أو تخرج ضباطه. المشهد يعكس حجم الفشل الذي طال حملات تبناها "الإخوان" وانفقت عليها قطر وساندتها تركيا من أجل الإساءة إلى الجيش المصري بأي صورة وبكل شكل ومهما كانت النفقات. لم تنجح أفلام مفبركة وبرامج جرى بثها من الدوحة واسطنبول ولندن وعشرات بل مئات المقالات والأخبار الكاذبة وآلاف الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، هدفها جميعاً نزع احترام الجيش من قلوب المصريين وخلق هوة بين القوات المسلحة وصفوف الشعب وإظهار الجيش بمظهر المسيطر والمتحكم والمتسلط على مقدرات البلاد. وكما في جنازات شهداء الجيش، والتنوع الذي نلحظه على وجوه أهاليهم، فإن فحص وجوه المتنافسين للفوز بـ"الخدمة" في القوات المسلحة، يظهر أنهم ليسوا مجرد فئة بعينها من الشعب المصري ولا ينتمون إلى طبقة اجتماعية معينة ولا هم أبناء بعض المحافظات دون المحافظات والمدن الأخرى. إنه النسيج الواحد الذي عجز "الإخوان" على مدى عقود في اختراقه أو تمزيقه. وكلما سعت الجماعة ومعها حلفاؤها إلى تقطيعه أو سحبه بعيداً من الشعب، زاد صلابة واقتراباً من الجماهير. يحظى المقاتل المصري جندياً كان أو ضابطاً، باحترام بالغ بين أوساط الشعب يعود إلى صورة انطباعية رسخت في عقول المصريين ليس فقط نتيجة للتحديات والمعارك التي خاضها الجيش على مر العصور، ولكن أيضاً لأن كل بيت في مصر لديه إما شهيد ضحى بروحه من أجل وطنه، أو ضابط أو جندي لازال يحمل روحه بين كفيه ومستعد للموت لتعيش مصر. وهذا أمر عجز "الإخوان" وحلفاؤهم عن تفسيره... أو تغييره.