توقيت القاهرة المحلي 07:31:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تسولات ثورية

  مصر اليوم -

تسولات ثورية

بقلم : محمد صلاح

كان المشهد هزلياً جعل من رأوه يضحكون بدلاً من أن يثير فضولهم ثم اهتمامهم قبل أن يحفزهم ويدفعهم إلى الخروج في ثورة، إذ وقف «الإخواني» المصري اللاجئ إلى تركيا وسط الاستوديو، وأحاط به نفر قليل من شبان «الإخوان» أبناء عائلات إخوانية وجدت في ذلك البلد نموذجاً للعيش، وحمل كل منهم لافتة تحوي عبارات بعضها فيه سباب وشتائم للسيسي، وأخرى تبشر الناس بأن ثورة وقعت في مصر. وأخذ صاحبنا يردد هتافات تعلن تحرير مصر من حكم السيسي وعودة «الرئيس» المدني المنتخب محمد مرسي، بينما الشباب من ورائه يعيدون ترديد العبارات ذاتها في فتور ومن دون حماسة، ربما لكونهم في مرحلة عمرية تجعلهم يخجلون أو يشكون في أن ما يفعلونه مجرد هزل. ثم نظر الناشط السياسي «الإخواني» المذيع، الفار من الملاحقة القضائية في مصر، إلى الكاميرا ووجه حديثه إلى المصريين لينبههم إلى أن هؤلاء الشبان بدأوا الثورة «من تركيا» وعلى المصريين في الداخل أن يكملوا الطريق! على رغم تفاهة المشهد وركاكته، إلا أنه يعكس إلى أي مدى وصلت الحال بـ «الإخوان» والجهات التي تدعمهم والناشطين الذين تمتطيهم الجماعة!

كما توقع كل العقلاء، مر يوم الجمعة الماضي في مصر هادئاً إلا في صفحات «الإخوان» على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الداعمة للجماعة التي تبث من لندن وأنقرة والدوحة، التي احتفت جميعاً بثورة عارمة وجحافل جماهيرية زحفت إلى الشوارع والميادين المصرية، ومشاهد لم يرها أحد في مصر، لكنها كانت عامرة على الشاشات والصفحات والمواقع الإلكترونية الإخوانية، حتى الإعلام الغربي المخترق إخوانياً، أو المتعاطف مع الجماعة، نأى بنفسه عن السقوط في مستنقع التزييف والفبركة، وترك المهمة لهؤلاء الذي يعيشون عالماً افتراضياً صنعوه لأنفسهم وفضلوا أن يظلوا في داخله، بغض النظر عن حقائق الأمور أو الواقع من حولهم، ليواصلوا الإقامة الدائمة في عالمهم، بينما مصر تتغير والوضع الإقليمي يتبدل، والعالم يشهد تطورات متسارعة تجاوزت النظرية التي فرضها صقور الإدارة الأميركية في عهد أوباما على العالم بأن «الإخوان» فصيل إسلامي يمكن إذا حكم الدول العربية، أو بعضها، أن يكبح جماح التنظيمات الراديكالية الأخرى، كـ «داعش» أو «القاعدة». الدعوة التي أطلقها السفير السابق في الخارجية المصرية معصوم مرزوق، الموقوف حالياً على ذمة اتهامه بالتعاون مع تنظيم إرهابي يعمل ضد الدولة، إلى الثورة يوم الجمعة الماضي قوبلت بتجاهل شعبي متوقع ومعروفة أسبابه، لكن «الإخوان» وبعض الدول والجهات والنشطاء الذين يدعمون الجماعة سعوا إلى الترويج لها واستثمارها، وأنفقوا أموالاً، وبثوا برامج، وكتبوا في صحف ومواقع إلكترونية، أملاً بأن يستجيب ولو عدد قليل، أو نماذج من الشعب المصري، لكن ذلك لم يحدث. وإذا كان «الإخوان يعلمون» أن الشعب لفظهم، وأن عودتهم إلى المشهد السياسي أو الحضور في الشارع صار مستحيلاً، وهم بالتأكيد أدركوا أن الدولة المصرية تتعافى وتعاني أمراض الماضي وجراح الربيع العربي، فلماذا تصر الجماعة على اعتماد أسلوب الكذب المفضوح والفبركة الركيكة والتزييف المكشوف؟ وإلى متى تستطيع الجماعة مواصلة خداع داعميها واستنزافهم مالياً؟ ببساطة فإن قادة «الإخوان» همهم الأول الآن الحفاظ على التنظيم وحمايته من خطر الانقسام والتشرذم والتبخر، وهم يلعبون على وتر السمع والطاعة وتنفيذ الأوامر التي أقسم كل إخواني على الوفاء بها عند التحاقه بالجماعة، ومع أنهار الأكاذيب وطوفان المعلومات المغلوطة يأمل أقطاب الجماعة بأن يظل الأعضاء داخل ذلك العالم الافتراضي الذي فرضه التنظيم في مصر، وألا يخرجوا منه أبداً حتى لو كان العالم من حولهم شيئاً آخر غير الذي يعتقدونه، وحتى لو انفض حلفاء الجماعة عنها، أو ضاعت الأحلام في التمكين وتحولت كوابيس من التشتت والتشرذم والهجرة. الغريب في الأمر أن ذلك الأسلوب انطلى بالفعل على أعضاء الجماعة ففرحوا أكثر في عالم جعلهم يبدون حين يواجهون بشراً آخرين وكأنهم كائنات فضائية لا صلة لها على الإطلاق بالواقع الذي يعيشه الناس سواء في مصر أم في غيرها.

بعد يوم وآخر من موعد الثورة المزعومة عادت المنصات الإعلامية لـ «الإخوان» وداعميهم إلى وتيرة النشاط الاعتيادي، الذي ظلت تعمل به على مدى السنوات الماضية، من دون أن يستحي أحدهم من أن الثورة التي «اشتغل» عليها لم تقع، أو يعتذر للناس قطب إخواني عن كذب مفضوح مورس ثم انكشف، أو حتى يلوم المصريين على عدم استجابتهم لتوسلات «الإخوان»، أما المصريون فسخروا وضحكوا وتهكموا على ذلك العالم الافتراضي لجماعة لا تملك حتى شجاعة الاعتراف بضعفها.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسولات ثورية تسولات ثورية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 02:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025
  مصر اليوم - محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025

GMT 15:53 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

إستياء في المصري بسبب الأهلي والزمالك

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على وصفات طبيعية للعناية بالشعر التالف

GMT 02:56 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

الفنانة ميرنا وليد تستعد لتقديم عمل كوميدي جديد

GMT 19:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 13:48 2018 السبت ,05 أيار / مايو

سيارة بدون "عجلة قيادة ودواسات" من سمارت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon