توقيت القاهرة المحلي 07:56:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معارضة سيئة السمعة

  مصر اليوم -

معارضة سيئة السمعة

بقلم - محمد صلاح

 بعض الناس أصبح ينظر إلى المعارض السياسي في مصر على أنه «سيئ السمعة»، حتى لو كان صاحب تاريخ سياسي عريق ومواقف وطنية نبيلة ولم يتحالف يوماً مع «الإخوان» وتفادى طوال تاريخه التعامل مع المنظمات الحقوقية الخاصة والمراكز البحثية الغربية، فهو يواجه لوم الناس وآراءهم السلبية نحوه. باختصار، فإن سمعة المعارضة تعرضت لأضرار بالغة بفعل سلوك المعارضة ذاتها وبعض الشخصيات المحسوبة عليها بعد الربيع العربي.

بالطبع لا يمكن اعتبار الإخوان المسلمين في مصر ممثلين للمعارضة، فالجماعة التي ظلت على مدى عقود تحظى بتعاطف فئات شعبية، ودعم نخب ورموز سياسية ومنظمات حقوقية، تحولت بعد ثورة الشعب المصري ضد حكم محمد مرسي إلى تنظيم يطلب الثأر من السيسي والجيش والشعب المصري، فتركت العمل السياسي وتفرّغت للنشاط الانتقامي. تحالفت مع دول أجنبية واستقوت بجهات خارجية وتعاونت ونسّقت مع تنظيمات إرهابية ففقدت الحضور في الشارع والزخم الجماهيري، وتركت فراغاً واسعاً لم تستطع قوى المعارضة الأخرى أن تملأه. وبينما اقتصر نشاط «الإخوان» في الشارع، ناهيك بالمنتديات السياسية ووسائل الإعلام، على استخدام لغة السباب والشتائم لحرق الحكم معنوياً وسياسياً من دون جدوى، بدا أن قوى المعارضة الأخرى لم تعثر بعد على الطريق الذي يفترض أن تسير فيه ولا يبدو أنها من الأساس تبحث عن طريق!!. ارتمى «الإخوان» في أحضان جهات خارجية وجرى القبض على قادة التنظيم داخل مصر وإخضاعهم للمحاكمات، وفر الباقون ليقيموا في الدوحة وأنقرة وبعض الدول الغربية، ليمارسوا التحريض من الخارج، فأُفسح المجال واسعاً لقوى المعارضة الأخرى لتمارس السياسة بارتياحية ظلت على مدى سنوات طويلة تحلم بها، إلا أنها لم تستثمر الفراغ ولم تتواصل مع جموع المصريين، بل إن بعض رموزها صار همهم الأول محاولة خلق رأي عام خارج مصر ضد الحكم، كما «الإخوان» تماماً، على رغم اختلاف الأهداف والدوافع والظروف.

يفترض أن تقدم قوى المعارضة برامج بديلة وسياسات مغايرة عن التي يقدمها الحكم وأن تنأى بنفسها عن شبهة أن تكون أداة لقوى أو جهات خارجية، وأن تربط نفسها بمصالح الجماهير أو قطاعات منها على الأقل، إلا أن شيئاً من هذا لم يحدث وصارت حالها أسوأ كثيراً من أحوالها في عهد مبارك!

الأوضاع السياسية في مصر على مدى عقود لم تكن ملائمة لبناء معارضة قوية أو حتى تساعد على حياة حزبية متكاملة أو تسهل تأسيس كيانات وقوى سياسية تتمتع بشعبية جماهيرية. هذا ما استغلته جماعة الإخوان المسلمين وقوى الإسلام السياسي الأخرى، لكن نظم الحكم المتعاقبة لم تكن وحدها السبب، إذ أن القوى الليبرالية واليسارية نفسها والتي ظلت طوال حكم حسني مبارك تشكو الملاحقات والحصار التضييق، لم تستغل أحداث كانون الثاني (يناير) 2011 وما أعقبها من تداعيات لتطرح نفسها كبديل للحكم أو «الإخوان»، وإنما انقسمت وتشرذمت وتفتت وبحث بعض رموزها عن تحالفات مع الحكم الجديد، بينما لجأ آخرون إلى مهادنة «الإخوان» أملاً في مواقع في مشهد سياسي تتصدره الجماعة! تبدو الصورة وكأن المعارضة السياسية المصرية دفعت ثمن ارتباطها لسنوات بـ «الإخوان»، وحين لفظ المجتمع تلك الجماعة فإنه أيضاً تحول عن المعارضة بل رفضها، ليس فقط لأن الأحزاب والنخب لم تؤسس قواعد جماهيرية أو تطرح بديلاً، ولكن أيضاً لأن شخصيات معارضة حين أرادت أن تعارض واستخدمت الآليات نفسها التي يستخدمها «الإخوان» من دون أن تدرك ردود الفعل الجماهيرية تجاه كل فعل أو تصرّف أو نشاط لـ «الإخوان»، والتي تعكس الفجوة بين ذلك التنظيم والشعب المصري إلى درجة لم يعد ممكناً تجاوزها، حتى أن ظهور واحد من رموز المعارضة السياسية على شاشة فضائية «إخوانجية» كفيل بأن يفقد هذا الرمز صدقيته.

يحتاج الرئيس السيسي إلى معارضة سياسية ناضجة، لكن يبدو أنه سيمضي في ولايته الثانية من دونها، ما يضع عليه أعباء أخرى غير تلك التي يفرضها حكمه لبلد بحجم مصر، فلا مؤشرات على قرب ظهور معارضة لم يفسدها الربيع العربي.


نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معارضة سيئة السمعة معارضة سيئة السمعة



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 02:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025
  مصر اليوم - محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025

GMT 15:53 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

إستياء في المصري بسبب الأهلي والزمالك

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على وصفات طبيعية للعناية بالشعر التالف

GMT 02:56 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

الفنانة ميرنا وليد تستعد لتقديم عمل كوميدي جديد

GMT 19:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 13:48 2018 السبت ,05 أيار / مايو

سيارة بدون "عجلة قيادة ودواسات" من سمارت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon