توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عكس التيار

  مصر اليوم -

عكس التيار

بقلم - محمد صلاح

ستعلن الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، اليوم، نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت أخيراً، وسيؤدي الرئيس عبدالفتاح السيسي اليمين القانونية في الأول من حزيران (يونيو) المقبل، ليبدأ ولايته الثانية، بينما معارضوه من «الإخوان» والجماعات الإرهابية والدول الداعمة لها، وعلى رأسها قطر وتركيا ونخب سياسية امتطتها جماعة «الإخوان» تعيش عالمها الافتراضي.

يسير المصريون عكس تيار الربيع العربي بعدما ضربتهم التجربة في مرحلة متقدمة من مسار ذلك الربيع المدمر، هم لم يجدوا أنه يحقق لهم عيشاً ولا حرية ولا كرامة إنسانية، وإنما فقر وفوضى وامتهان لكل المشاعر الإنسانية. أثبتت وقائع الانتخابات، بغض النظر عن أن نتيجتها كانت محسومة سلفاً، أن المصريين فعلوا عكس كل ما تدعو إليه الجهات التي طالبتهم بالمقاطعة والعزوف عن المشاركة والامتناع عن التوجه إلى مراكز الاقتراع، كأنهم كانوا ينصتون تماماً وينتبهون جداً إلى ما تبثه الآلة الإعلامية لـ «الإخوان» والقنوات ذات التمويل القطري التي تبث من الدوحة ولندن وإسطنبول، بل ربما سجلوا ودونوا التعليمات كي يخالفوها، والأوامر ليعصوها، والتحريض ليدحضوه!!

فعلها المصريون في مرات سابقة عندما حولوا مثلاً دعوة الإخوان للعصيان المدني إلى مناسبة للخروج إلى المتنزهات والأماكن السياحية والاحتفاء بالمشاريع العملاقة التي يهاجمها إعلام الجماعة، وعندما تلقوا زخم التحريض على التظاهر في الميادين والاعتصام في الشوارع في «جمعة الجوع» بسخرية، ذهبوا إلى الميادين ليحتفلوا وساروا في الشوارع يرفعون علم بلدهم نكاية في «الإخوان» ومن يحترمونهم.

جاءت أيام الانتخابات كذروة لمخالفة تعليمات «الإخوان» ومطالب قطر وأحلام تركيا، وكأن الشعب المصري أراد أن يبرهن على أنه لن يقبل مجدداً أن تأتيه الأوامر، أو قل التوسلات، من الخارج كي يدمر بلده أو ينشر فيها الخراب أو يأتي بالربيع من جديد. لم يعبأ المصريون بالصورة الذهنية السلبية التي سعت إلى صنعها تلك الجهات والتي ربما تركت تأثيراً لدى دوائر غربية أو حتى بين النخبة العربية ورأى البسطاء من أبناء الشعب. أن كل من حصر نفسه في إطار الإعلام الإخواني أضر بنفسه فخرجت كتاباته بهذا المستوى المزري وجاءت آراؤه معبرة عن أهداف الجماعة وأتت مواقفه لا تختلف عن مواقف دعاة العنف وداعمي الإرهاب.

يبقى السؤال قائماً: لماذا لم يعد المصريون يتأثرون بالكلام عن الحريات الغائبة أو الاختفاء القسري أو أوضاع السجون؟ الإجابة تظهر في ردود فعلهم على حملات الإعلام الغربي ودعوات «الإخوان» إلى الثورة على الحكم، وبيانات وأحاديث النشطاء حول موضوعات كتلك، إذ ترسخ في أذهان الشعب المصري أنها كلها قضايا استُغلت لإشعال الفوضى ليس أكثر، خصوصاً بعد ظهور أفراد من المختفين قسرياً ضمن تنظيمات إرهابية، وكذلك لأن المعزوفة دائماً تأتي من قناة أو موقع إلكتروني أو صحيفة إخوانية، ثم يبدأ الجميع العزف عليها لعل المصريين يغضبون ثم يهدمون بلدهم على رؤوسهم!! ناهيك بالطبع عن كثافة الأكاذيب وأنهار الفبركات التي لا تنطلي على أطفال صغار، فما بالك بشعب أراد التغيير لكنه وقع فريسة لجماعة خططت للقفز على السلطة طوال عقود، وناشطين ارتبطوا بمنظمات ومراكز تمنح المكافآت والسفريات والمزايا، ودول أسست قنوات وصحفاً ومراكز بحثية لإيواء المطاريد من الناشطين من ثوار الفنادق والاستوديوات. باختصار فإن المصريين حصلوا على خبرة واسعة في التعامل مع أساليب «الإخوان» وصاروا أكثر مناعة في مواجهة فيروسات الإعلام المضاد.

يأتي سؤال آخر: لماذا لم ترشح قوى المعارضة، حتى غير «الإخوان»، مرشحاً مرموقاً لمنافسة السيسي؟ الإجابة تتسق مع ما صار المصريون مقتنعين به تماماً: المعارضة بكل صورها فقدت الظهير الشعبي الذي اعتمدت عليه في كانون الثاني (يناير) 2011، وصار هذا الظهير يسير في تيار آخر غير الذي اختارته تلك النخبة التي تتسول ربيعاً عربياً آخر تحصن المصريون ضده، ولن يسمحوا أبداً أن يمر فوقهم من جديد.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عكس التيار عكس التيار



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon