بقلم - محمد صلاح
لم تكن الفتاة المصرية مريم عبدالسلام (18 سنة)، التي فقدت حياتها في جريمة عنصرية، إثر تعرضها لاعتداء من فتيات في أحد شوارع مدينة نوتنغهام البريطانية، ناشطة حقوقية حتى تنتفض منظمات مصرية أو غربية للدفاع عن حقها في الحياة، أو تدين تعرضها للموت، كما أنها لا تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، حتى تُجيّش القنوات التي تُبث من الدوحة ولندن وإسطنبول مذيعيها وبرامجها وأفلامها الوثائقية، وحتى إعلاناتها، من أجل عرض قضيتها والتشهير بالمعتديات عليها والتنكيل بالدولة التي تقيم فيها، كما أنها ليست معادية للسيسي، ولا تاريخ لها في التظاهر ضده، ولم ترفع يوماً علامة رابعة أمام العدسات والمصابيح، ولذلك لم يهتم الإعلام الغربي بالقصة، ولم تفرد لها صحف أميركية أعمدة أو صفحات، حتى في بريطانيا ظلت تغطية الحدث باهتة، فمريم ليست الفتى الإيطالي رجيني حتى يذهب النشطاء والنخب وثورجية الفضائيات إلى سفارة بلدها ليحتجوا على ما جرى لها، كما فعلوا أمام السفارة الإيطالية في القاهرة، كما أنها ليست السائح البريطاني أدريان كينغ الذي تُوفي بعد نقله إلى مستشفى في مدينة الغردقة المصرية، فأمسك الإعلام المحلي المصري ونجوم برامج التوك شو بمعاول التجريح، وغلّظوا حناجرهم أمام الكاميرات ليهاجموا النظام الصحي في بلدهم، ويصوبوا سهامهم إلى أجساد المسؤولين ويدينوا قسوة الأطباء وظلم المستشفيات، حتى وسائل الإعلام البريطانية لم تتعامل مع مأساة مريم كما تعاملت مع واقعة اختفاء الفتاة زبيدة، التي ادعت والدتها اختفاءها قسرياً وتعرضها للضرب والتعذيب، ثم ثبت أن الأم تكذب خدمة للإخوان والدول والجهات التي تدعمهم، وأن الفتاة تزوجت بعدما دخلت في خلاف مع أمها، وفرت من المنزل وأقامت مع زوجها بعيداً عن أمها.
مريم مجرد طالبة مصرية كانت تعيش مع أسرتها الصغيرة في بريطانيا، وتحديداً في مدينة نوتنغهام منذ أربع سنوات، تعرضت للضرب والسحل يوم 12 آذار (مارس) الجاري بواسطة عشر فتيات في أحد الشوارع المزدحمة بالمارة، ولما أفلتت منهن إلى إحدى حافلات النقل، تتبعنها وواصلن ضربها، حتى فقدت الوعي. نُقلت مريم إلى المستشفى في حال خطرة وخضعت لجراحات عدة، وسط إهمال طبي، وفق أسرتها، التي قالت إن الأطباء أبلغوهم بخطأ في التشخيص المبدئي لحالتها، ما استدعى مزيداً من الجراحات، وانتهت المأساة بوفاتها مساء الأربعاء الماضي.
أوقفت الشرطة البريطانية فتاة واحدة من المعتديات على مريم، لكنها حسب محامي الضحية، رفضت الاعتراف بالواقعة، ووفقاً للقانون هناك لم تُسجن كونها «قاصراً»، فوضعت تحت الإقامة الجبرية. لم يصدر رد فعل من جانب أوساط وجهات ملأت الدنيا ضجيجاً ولطماً وصراخاً إذا ما جرى توقيف إرهابي أو ناشط أو حقوقي، بينما ساد الغضب الأوساط المصرية شعبياً ورسمياً كون الحادث مُسجلاً بعض تفاصيله بكاميرا مراقبة، ورغم ذلك لم يتم ضبط الجناة. وحسب الأسرة فإن الاعتداء على مريم ليس الأول، إذ كانت تعرضت وشقيقتها ملك (15 عاماً) لاعتداء مماثل قبل 4 شهور، من قبل فتاتين من ضمن الجناة في الواقعة الأخيرة نفسها، وحررت الأسرة محضراً بالواقعة لكن شيئاً لم يحدث.
لم تكن الحادثة هي الأولى، والمؤكد أنها أيضاً لن تكون الأخيرة، فالاعتداءات العنصرية ضد ذوي الأصول العربية لن تنتهي، لكن مأساة مريم فضحت كل الدول والمنظمات والمراكز والجمعيات والجهات والأحزاب والنخب السياسية وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، وفضائيات الإخوان وسياسيين يتم تحريكهم عن بُعد من مراكز تدفق الأموال في الدوحة وإسطنبول وعواصم غربية، من أجل تغييب حقوق مصر والمصريين في العيش، وفي الوقت نفسه ضمان حقوق الإنسان «الإخواني» في ممارسة التخريب ونشر الفوضى وحرق الأخضر واليابس والفوز بالسلطة ولو على جثة الوطن.. والمواطنين!
عن الحياه اللندنيه