توقيت القاهرة المحلي 10:09:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بكائية الربيع العربي

  مصر اليوم -

بكائية الربيع العربي

بقلم - محمد صلاح

لم يجد المتباكون على الربيع العربي أمام سخط الناس وغضبهم وندمهم على الأحوال، التي ضربت العالم العربي خصوصاً الدول التي عبر الربيع من فوقها، سوى الزعم بأن الخراب الذي حل بالمنطقة، والدمار الذي هبط على مدنها وشوارعها وحواريها، والفقر الذي تفشى بين أهلها، وخيام الإيواء التي تسابق النازحون على حجز أماكنهم فيها، والنار التي أكلت الأخضر واليابس، والقتل الذي تحول هواية بعدما كان مهنة المحترفين، أمور لم تكن تحدث لو سُمح للربيع بأن يكتمل ويمر من دون مقاومة، وأن تمضي الاضطرابات والثورات والمسيرات والاعتصامات والإضرابات إلى نهايتها ومن دون سقف حتى تحقق غايتها لتخرج المجتمعات العربية من الظلام إلى النور، ومن الظلم إلى العدل، ومن الديكتاتورية إلى الديموقراطية، ومن الفقر إلى الثراء ومن التخلف إلى التقدم!!

كأن الشعوب التي تصدت للإرهاب وقاومت الإرهابيين وثارت على «الإخوان» في مصر ورفضتهم في دول أخرى جنت على نفسها، وكانت السبب في ما جرى لها من هلاك، وتستحق العقاب الآن لكونها لم تسمح بتسليم مصائرها إلى هؤلاء الذين لا يعترفون بوطن أو حدود، ويتحالفون مع أي طرف يمنحهم وعداً بالمساعدة والعون والمال... والسلاح!!

إنه المنطق المخزي نفسه الذي استخدمه القيادي الإخوانجي صفوت حجازي بعدما ثار الناس في مصر على «الإخوان»، واعترضوا على حكم المرشد، وضغطوا على الجيش كي يخلصهم ممن سعوا إلى هدم الدولة على من فيها، وأخونة مؤسساتها أو إحراقها، فحجازي وقف أمام المصابيح والعدسات ليقايض الشعب المصري بأن الإرهاب الذي يضرب سيناء يمكنه أن يتوقف إذا تراجع السيسي عن الإجراءات التي اتخذها ضد الجماعة، وإذا قبل الشعب بعودة محمد مرسي إلى القصر الرئاسي!!

اعتمد مروجو الربيع العربي ومحركو الثورات وخبراء نشر الفتن والفوضى والاضطرابات على أمواج من الأكاذيب ليخرجوا الناس ويدفعوا بالبسطاء للنزول إلى الشوارع والميادين. وعلى رغم أن الشعوب فطنت أخيراً إلى اللعبة، وانتبهت إلى الخدعة، واكتشفت حجم المؤامرات التي حيكت، والاتفاقات التي عُقدت، والاجتماعات التي كانت تتم بعيداً من الأضواء وفي الغرف المغلقة، وقررت التمسك بالأوطان والدفاع عن التاريخ والجغرافيا، لم يغير ثورجية الفضائيات وراكبو موجة «الإخوان» والمتسرطنون في أروقة المنظمات الحقوقية والمراكز البحثية الغربية وفروعها ومناضلو الفنادق والغرف المكيفة، من أساليبهم في تعاطيهم مع بكائية الربيع العربي، فزادوا الكذب أكاذيب والفبركة فبركات. ويكفي رصد الآلة الإعلامية القطرية والفضائيات التي تبث من الدوحة وإسطنبول ولندن ومتابعة جهود اللجان الإلكترونية الإخوانجية لتدرك حجم الغضب الذي يسود «مجاذيب» الربيع العربي وأحباءه، وكمّ الإحباط الذي أصاب هؤلاء الذين عاشوا أحلام السلطة والثراء والنفوذ، وصحوا على واقع لم يتوقعوه ولم يغضبوا أو يحبطوا لتسببهم في ضياع أوطان وتقسيم شعوب ونشر الفوضى والإرهاب، ولكن لأن مقاعد السلطة ضاعت وأحلامهم في النفوذ تبخرت واستمرارهم في الخداع توقف، واكتشفوا أن الشعوب فهمت القصة ووعت الحقيقة وأدركت أنها حين لبت نداء الربيع سلمت مصائرها لمن تاجروا بالمصائر،

المدهش أيضاً ذلك السجال بين المصريين الفخورين بنجاة بلدهم من مصائر دول أخرى ضربها الربيع، فانقسمت وتشتتت شعوبها وتسرطن الإرهاب على أرضها، وبين المتباكين على هزيمة الربيع العربي ممن رضوا بامتطاء «الإخوان» لهم وجهروا بالادعاء بمنتهى الجسارة أن الفضل في عدم سقوط مصر أو تقسيمها لا يعود إلى الجيش وإنما إلى الثوار الذين لو كانوا أكملوا طريقهم لهدموا البلد على من فيه، وكانوا يستطيعون لكنهم رفضوا (!!) حرصاً على البلد ورأفة بالشعب، ما يعكس «دماثة أخلاق الثوار ونبل أهدافهم والحنان الذي تفيض به قلوبهم»!!

لم تكن الأوضاع في غالبية الدول العربية قبل أن يحل عليها خراب الربيع العربي وردية، أو الحياة فيها مثالية، وكثير من شعوبها عانى الفساد والظلم وغياب الحريات، لكن نيات صناع الربيع وأهدافهم لم تكن القضاء على الفساد، أو وقف الظلم وتحقيق العدل أو إطلاق الحريات، وإنما تباينت بين معاقبة هذا النظام أو ذاك، وإسقاط هذه الدولة أو تلك، والقفز فوق مقاعد السلطة، والسطو على مراكز النفوذ، والتنكيل بكل معارض، وحرق التاريخ وإفساد الجغرافيا!!

لا يشعر مناضلو الربيع العربي بالخجل، فهم لا يعرفونه، ولو جربوا حمرته يوماً لما ساروا في طريق أهلك شعوبهم، أو دمر مجتمعاتهم، أو منح الفرص لأعداء أوطانهم بالتحكم فيها والمتاجرة بأهلها، لذلك هم مستمرون في الإفساد والبكاء على فوضى لم تكتمل وإرهاب لم يتمكن!!

نقلا عن الحياه اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بكائية الربيع العربي بكائية الربيع العربي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon