توقيت القاهرة المحلي 22:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الراقصون على أنقاض الربيع

  مصر اليوم -

الراقصون على أنقاض الربيع

بقلم ـ محمد صلاح

لماذا يرقص المصريون أمام لجان الاقتراع في الانتخابات الرئاسية؟ أي أسباب تدعو هؤلاء البسطاء إلى الاحتفاء بحدث سياسي، إلى درجة تجعلهم يغّنون ويصفّقون ويتمايلون ويرقصون وكأنهم في حفل عُرس أو مناسبة مفرحة؟ استمرت المشاهد على مدى ثلاثة أيام أمام مقار السفارات والقنصليات المصرية في أنحاء العالم أثناء اقتراع المقيمين في الخارج، وتكررت، بل وأكثر منها، في مختلف المحافظات والمدن المصرية خلال الأيام الثلاثة التي خصصت للانتخابات للمصريين في الداخل.

بدا من ردود فعل الإخوان، وكل الدول والجهات والمنصات الإعلامية التي تساندهم، مدى الإحباط والحزن والأسى بل والغضب إلى درجة جعلت الخطاب السياسي والإعلامي للإخوان، ومن يحترمونهم، يتحول من دعوة الناس إلى مقاطعة الانتخابات والزعم بأن الانتخابات تجرى من دون أن يسمع عنها أحد إلى سُباب وشتائم موجهة إلى الشعب المصري، الذي أثبت أن الأموال التي أُنفقت والحملات التي نُظّمت والأكاذيب التي أُطلقت من أجل خداعهم ومنعهم من التوجه إلى لجان الاقتراع كلها ذهبت مع الريح، ولم يكن لها أي تأثير إلا تحفيزهم على المشاركة في الانتخابات، بل والرقص على أنقاض الربيع العربي الذي نجحت مصر في تجاوزه، بل هزيمته، والاحتفال فوق بقايا جماعة الإخوان المسلمين والناشطين الذين امتطتهم الجماعة وحركتهم مستغلة نهمهم إلى المكافآت والامتيازات! أهم ما كشفت عنه وقائع الأيام الثلاثة للانتخابات الرئاسية المصرية في الخارج، ورسخته مشاهد الانتخابات في الداخل، أن هناك انفصالاً تاماً بين النخبة السياسية وبين الشعب المصري، فالنخبة حصرت نفسها وملأت عقولها وبنت آراءها، واتخذت مواقفها ورسمت توقعاتها على أوهام ومعلومات زائفة، واعتمدت على ما تبثه الآلة الإعلامية الضخمة للإخوان، فكانت النتيجة تلك الهُوّة السحيقة التي تفصلها عن الواقع. أثبت سلوك المصريين ورقصهم في الانتخابات أن الإخوان صارت جماعة بلا مستقبل داخل مصر بعدما فقدت تأثيرها وحضورها، بل إن كل أفعال الجماعة ومواقف الدول الداعمة لها، خصوصاً قطر وتركيا بما فيها «مواويل» السُباب والشتائم والفبركات التي تتغنى بها طوال الليل والنهار القنوات التي تبث من الدوحة ولندن واسطنبول، يبدو وكأنها استفزت المصريين وولّدت لديهم دوافع لتوجيه قذائف سياسية عفوية في اتجاهات عدة إلى من لم يفهموا حقيقة الأوضاع في مصر، ورسائل واضحة إلى الإخوان والمنظمات الحقوقية الغربية ووسائل إعلام جرى سرطنتها إخوانياً والإنفاق عليها قطرياً، ظلت تعتبر كل رأي داعم وكل مناصر للسيسي أو داعم للدولة المصرية صادراً عن لجان إلكترونية تدار بواسطة أجهزة رسمية مصرية، فكان رد المصريين بالحشد والرقص في لجان الاقتراع!

لم يستوعب أعداء الدولة المصرية بعد، أنهم يتعاملون مع شعب يهزم همومه بالنكات والسخرية، ويتجمع حول قنبلة موقوتة أو سيارة مفخخة ليساعد خبراء المفرقعات في إبطالها. ويتابع المنصات الإعلامية القطرية ويفعل عكس ما تدعو له نكاية فيها وسخرية منها. المؤكد أن الصدمة جعلت الإخوان وحلفاءهم يطلقون مزاعم ساذجة وادعاءات «عبيطة» لتبرير مشاهد حشود المصريين في لجان الاقتراع في السفارات والقنصليات، فالمصريون بالخارج حققوا مكاسب من وراء قرار تعويم الجنيه المصري فخرجوا ليشكروا «السيسي» ، أو أن الكفيل الخليجي جمع العاملين المصريين وأجبرهم على التوجه إلى لجان الاقتراع وإلا فصلهم من أعمالهم! أو أن الأجهزة الأمنية المصرية تعمل بنشاط واسع في الخارج وأرغمت السفارات على الضغط على المصريين في الخارج! أو أن المحتشدين هم موظفو السفارات والقنصليات وعائلاتهم! أما الازدحام الذي شهدته لجان الاقتراع في الداخل فسببه خشية الموظفين من الفصل، أو جرياً وراء مئة جنيه يوزعها السيسي على الناخبين، أو أن الأقباط يخشون عودة حكم الإخوان، أو أن كبار السن يلقون بالبلد في الجحيم!

هكذا يغرق الإخوان ومن يحترمونهم أكثر في إنكارهم الشديد لواقع ظل سنوات يسعون إلى طمسه وإخفائه، بينما الشعب المصري وكأنه انتظر موسم الانتخابات ليؤكد لكل الجهات، التي سعت إلى إسقاط دولته، رداً على إطاحة الإخوان عن الحكم بفعل ثورة شعبية استجاب لها جيشه، أنه مع الدولة ضد إسقاطها، وأنه مع الجيش وليس مع قطر، وأنه مع المشروع الوطني وليس مع أحلام تركيا وخيالات رئيسها، ويبتهج بالوقوف في الطوابير والرقص فيها معبراً عن فرحته بانتصاره على الربيع العربي، وكذلك لأنه نجا من الوقوف في طوابير بحثاً عن أماكن في خيام الإيواء!

نقلاً عن الحياه اللندنيه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الراقصون على أنقاض الربيع الراقصون على أنقاض الربيع



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم
  مصر اليوم - إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر
  مصر اليوم - اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 20:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة اسرائيلية تستهدف "مبنى سكني" في ريف دمشق في سوريا
  مصر اليوم - غارة اسرائيلية تستهدف مبنى سكني في ريف دمشق في سوريا

GMT 21:27 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصادق على توسيع العملية البرية في لبنان
  مصر اليوم - الجيش الإسرائيلي يصادق على توسيع العملية البرية في لبنان

GMT 18:17 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تطلق مبادرة لتمكين صانعات الأفلام في البحرين
  مصر اليوم - منى زكي تطلق مبادرة لتمكين صانعات الأفلام في البحرين

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 17:08 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الذهب يستقر مع هيمنة الحذر قبل الانتخابات الأميركية

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 04:37 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يخفف قيوده قبيل زيارة بعثة "صندوق النقد"

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 10:54 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تجربتي في نزل فينان البيئي

GMT 08:51 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

توازن بين حياتك الشخصية والمهنية

GMT 23:08 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على تباين

GMT 04:36 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أجمل مدن العالم من حيث الطبيعة من بينها مارياجيه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon