توقيت القاهرة المحلي 08:49:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الراقصون على أنقاض الربيع

  مصر اليوم -

الراقصون على أنقاض الربيع

بقلم ـ محمد صلاح

لماذا يرقص المصريون أمام لجان الاقتراع في الانتخابات الرئاسية؟ أي أسباب تدعو هؤلاء البسطاء إلى الاحتفاء بحدث سياسي، إلى درجة تجعلهم يغّنون ويصفّقون ويتمايلون ويرقصون وكأنهم في حفل عُرس أو مناسبة مفرحة؟ استمرت المشاهد على مدى ثلاثة أيام أمام مقار السفارات والقنصليات المصرية في أنحاء العالم أثناء اقتراع المقيمين في الخارج، وتكررت، بل وأكثر منها، في مختلف المحافظات والمدن المصرية خلال الأيام الثلاثة التي خصصت للانتخابات للمصريين في الداخل.

بدا من ردود فعل الإخوان، وكل الدول والجهات والمنصات الإعلامية التي تساندهم، مدى الإحباط والحزن والأسى بل والغضب إلى درجة جعلت الخطاب السياسي والإعلامي للإخوان، ومن يحترمونهم، يتحول من دعوة الناس إلى مقاطعة الانتخابات والزعم بأن الانتخابات تجرى من دون أن يسمع عنها أحد إلى سُباب وشتائم موجهة إلى الشعب المصري، الذي أثبت أن الأموال التي أُنفقت والحملات التي نُظّمت والأكاذيب التي أُطلقت من أجل خداعهم ومنعهم من التوجه إلى لجان الاقتراع كلها ذهبت مع الريح، ولم يكن لها أي تأثير إلا تحفيزهم على المشاركة في الانتخابات، بل والرقص على أنقاض الربيع العربي الذي نجحت مصر في تجاوزه، بل هزيمته، والاحتفال فوق بقايا جماعة الإخوان المسلمين والناشطين الذين امتطتهم الجماعة وحركتهم مستغلة نهمهم إلى المكافآت والامتيازات! أهم ما كشفت عنه وقائع الأيام الثلاثة للانتخابات الرئاسية المصرية في الخارج، ورسخته مشاهد الانتخابات في الداخل، أن هناك انفصالاً تاماً بين النخبة السياسية وبين الشعب المصري، فالنخبة حصرت نفسها وملأت عقولها وبنت آراءها، واتخذت مواقفها ورسمت توقعاتها على أوهام ومعلومات زائفة، واعتمدت على ما تبثه الآلة الإعلامية الضخمة للإخوان، فكانت النتيجة تلك الهُوّة السحيقة التي تفصلها عن الواقع. أثبت سلوك المصريين ورقصهم في الانتخابات أن الإخوان صارت جماعة بلا مستقبل داخل مصر بعدما فقدت تأثيرها وحضورها، بل إن كل أفعال الجماعة ومواقف الدول الداعمة لها، خصوصاً قطر وتركيا بما فيها «مواويل» السُباب والشتائم والفبركات التي تتغنى بها طوال الليل والنهار القنوات التي تبث من الدوحة ولندن واسطنبول، يبدو وكأنها استفزت المصريين وولّدت لديهم دوافع لتوجيه قذائف سياسية عفوية في اتجاهات عدة إلى من لم يفهموا حقيقة الأوضاع في مصر، ورسائل واضحة إلى الإخوان والمنظمات الحقوقية الغربية ووسائل إعلام جرى سرطنتها إخوانياً والإنفاق عليها قطرياً، ظلت تعتبر كل رأي داعم وكل مناصر للسيسي أو داعم للدولة المصرية صادراً عن لجان إلكترونية تدار بواسطة أجهزة رسمية مصرية، فكان رد المصريين بالحشد والرقص في لجان الاقتراع!

لم يستوعب أعداء الدولة المصرية بعد، أنهم يتعاملون مع شعب يهزم همومه بالنكات والسخرية، ويتجمع حول قنبلة موقوتة أو سيارة مفخخة ليساعد خبراء المفرقعات في إبطالها. ويتابع المنصات الإعلامية القطرية ويفعل عكس ما تدعو له نكاية فيها وسخرية منها. المؤكد أن الصدمة جعلت الإخوان وحلفاءهم يطلقون مزاعم ساذجة وادعاءات «عبيطة» لتبرير مشاهد حشود المصريين في لجان الاقتراع في السفارات والقنصليات، فالمصريون بالخارج حققوا مكاسب من وراء قرار تعويم الجنيه المصري فخرجوا ليشكروا «السيسي» ، أو أن الكفيل الخليجي جمع العاملين المصريين وأجبرهم على التوجه إلى لجان الاقتراع وإلا فصلهم من أعمالهم! أو أن الأجهزة الأمنية المصرية تعمل بنشاط واسع في الخارج وأرغمت السفارات على الضغط على المصريين في الخارج! أو أن المحتشدين هم موظفو السفارات والقنصليات وعائلاتهم! أما الازدحام الذي شهدته لجان الاقتراع في الداخل فسببه خشية الموظفين من الفصل، أو جرياً وراء مئة جنيه يوزعها السيسي على الناخبين، أو أن الأقباط يخشون عودة حكم الإخوان، أو أن كبار السن يلقون بالبلد في الجحيم!

هكذا يغرق الإخوان ومن يحترمونهم أكثر في إنكارهم الشديد لواقع ظل سنوات يسعون إلى طمسه وإخفائه، بينما الشعب المصري وكأنه انتظر موسم الانتخابات ليؤكد لكل الجهات، التي سعت إلى إسقاط دولته، رداً على إطاحة الإخوان عن الحكم بفعل ثورة شعبية استجاب لها جيشه، أنه مع الدولة ضد إسقاطها، وأنه مع الجيش وليس مع قطر، وأنه مع المشروع الوطني وليس مع أحلام تركيا وخيالات رئيسها، ويبتهج بالوقوف في الطوابير والرقص فيها معبراً عن فرحته بانتصاره على الربيع العربي، وكذلك لأنه نجا من الوقوف في طوابير بحثاً عن أماكن في خيام الإيواء!

نقلاً عن الحياه اللندنيه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الراقصون على أنقاض الربيع الراقصون على أنقاض الربيع



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 05:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة
  مصر اليوم - بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة

GMT 05:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 23:02 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025
  مصر اليوم - هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025

GMT 19:53 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

سقوط طائرة في كولومبيا ومقتل 7 من ركابها

GMT 17:57 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

شبح مورينيو يعود للظهور في مانشستر يونايتد

GMT 08:54 2019 الأحد ,10 شباط / فبراير

الأهلي يكشف أسباب أزمة المؤجلات

GMT 14:16 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

أداما تراوري يُبرز جدية ليونيل ميسي في التدريبات

GMT 09:59 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

طليق رانيا يوسف يوجّه رسالة لها بعد أزمة فستانها الفاضح

GMT 03:08 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد عبد الحفيظ يُعلن عن صفقات الأهلي الجديدة خلال أيام

GMT 04:18 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

تامر حسني يُرزق بطفله الثالث ويكشف عن اسمه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon