توقيت القاهرة المحلي 10:33:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«إخوان» الغرب

  مصر اليوم -

«إخوان» الغرب

بقلم ـ محمد صلاح

إذا كان «الإخوان» استغلوا الظروف المعيشية الصعبة، والمشاكل الاقتصادية الحادة، والجهل والفقر المنتشرين في مجتمعات عربية، وتمكنوا، خصوصاً في مصر، من الانتشار والتّسرطن في نسيج المجتمع، والانطلاق من مصر إلى دول عربية أخرى، فكيف تمكنت تلك الجماعة من أن تخترق مجتمعات غربية لا تعاني المشاكل نفسها ولا الظروف ذاتها، لتحقق وجوداً ملموساً وتأثيراً ملحوظاً، وتخدم، وعلى بعد آلاف الأميال، وعبر البحار والمحيطات، أهداف التنظيم الدولي لـ «لإخوان» بالسيطرة على الشرق الأوسط والقفز الى مقاعد الحكم في دول المنطقة؟

ليس سراً أن غالبية المراكز والمؤسسات الإسلامية في الغرب تخضع لـ «لإخوان» ناهيك بالطبع عن المساجد، حتى ترسّخ الاعتقاد بأن التصدي لـ «لإخوان» وكشف مؤامراتهم ورفض الانجراف خلفهم أمور تخالف الشرع! ويكفي البحث في النموذج الأميركي للوصول إلى الأسباب التي جعلت للجماعة ذلك الحضور في الغرب كله، حتى إنك إذا ذهبت إلى هذه المؤسسة أو تلك أو المسجد، هذا أو ذاك، وناقشت القائمين عليه في قضية مطروحة في منطقة الشرق الأوسط فلن تسمع سوى المرادفات نفسها التي يرددها الإخوان ويسعون إلى تسويقها.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كان لـ «لإخوان» وجود في الولايات المتحدة، فالجماعة أسست هناك منظمات أضفت عليها صفة «الإسلامية» وجعلت من نفسها الممثل الشرعي للمسلمين هناك، وتحولت وعاءً لاستقطاب «الإخوان» المهاجرين ليمارسوا، بعدما يستقر لهم الحال، بمساعدة إخوان آخرين سبقوهم، النشاط نفسه الذي يمارسونه في الدول التي نزحوا منها تحت لافتة «الإخوان»، لكنهم في الولايات المتحدة ينشطون خلف لافتات أخرى تحظى بالشرعية القانونية، خصوصاً أنهم حرصوا عند تأسيسها أن تضمن لوائحها أن تظل تحت سيطرة «الإخوان» مهما تغيرت الظروف، لتتحول هذه المنظمات في مراحل لاحقة إلى أدوات لتنفيذ مخططات التنظيم الدولي للجماعة داخل الولايات المتحدة، وكذلك تحريك عملاء التنظيم في منطقة الشرق الأوسط، حتى إن إحدى هذه المنظمات نظّمت احتفالاً كبيراً في مناسبة انتهاء الحرب العالمية الثانية بشكل علني، وجرى فيه ترديد شعارات «الإخوان» وهتافاتهم، وبعدها بسنوات طويلة صار أمر كهذا طبيعياً أو اعتيادياً وكأنه ضمن مفردات عمل تلك المنظمات!!

وطوال ستينات القرن الماضي، ومع تدفق أعداد غير قليلة من مسلمي الشرق الأوسط إلى أميركا بهدف الدراسة أو الهجرة أو الفرار من ملاحقة نظام الرئيس عبدالناصر، تأسست رابطة تجمع الدارسين في ولايات ومدن أميركية كبرى مثل الينوي وميتشغان وأنديانا، وبعدها بسنوات كان «الإخوان» يسيطروا على غالبية المساجد وامتلكوا القدرة على تحريك أو توجيه المسلمين، خصوصاً في الانتخابات بزعم خدمة المسلمين في أميركا أو تحقيق مصالحهم واستخدام ثقلهم بما يفيد التنظيم في دول الشرق الأوسط. بمرور السنوات كان هناك الأبناء ثم الأحفاد ليتسرطن «الإخوان» في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية ولينتشروا وفقاً لمخطط التنظيم الدولي في وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية والمراكز البحثية والجامعات والمؤسسات الثقافية ويصبحوا جزءاً من التركيبة الاجتماعية.

بطبيعة الحال، وجد «الإخوان» في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما المناخ مهيئاً لمزيد من التسرطن في المجتمع الأميركي واستثمار الوجود الكثيف للجماعة في تشكيل السياسة الأميركية خصوصاً ما يتعلق بالشرق الأوسط.

إنه الأسلوب الإخواني في زرع خلايا التنظيم في حي عشوائي في مصر أو مدينة صاخبة في الولايات المتحدة لا فرق!! المهم أن التنظيم صار ينفذ خططه في التوسع والانتشار بقوة الدفع الذاتي، فالكائن الإخواني تربى عبر عصور في خدمة أهداف الجماعة أولاً مهما كانت الظروف حوله أو الدولة التي يقيم فيها، لذلك لا تستغرب موقف «الإخوان» في الغرب، وحتى من هم من غير أصول عربية، من قضايا محلية عربية أو انتشار اللجان الإلكترونية الإخوانية التي لا تكف عن محاولة الإساءة الى الحكم في مصر والسعودية والإمارات والبحرين، ناهيك بالطبع عن الموجودين منهم في تركيا وقطر. تدفع دول عربية الآن ثمن تغاضيها عن نشاط «الإخوان» مبكراً، أو الثقة في الجماعة التي ثبت أنها لم تكن في محلها، أو تحالفها أحياناً والتماهي في أحيان أخرى مع ذلك التنظيم من دون النظر إلى خطورته وتقلباته وعدم وفائه بكل وعد أو أي عهد، وسيدفع الغرب بكل تأكيد ثمن أخطائه الفادحة في التعاطي مع «الإخوان» باعتبارها جماعة سلمية، بينما أجهزة الاستخبارات الغربية على يقين بأنها تتعامل مع تنظيم إرهابي!!

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إخوان» الغرب «إخوان» الغرب



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon