توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأردن: معركة الربيع الأخيرة

  مصر اليوم -

الأردن معركة الربيع الأخيرة

بقلم : محمد صلاح

يكفي النظر إلى رد فعل الدوحة والمنصات الإعلامية التي تنفق عليها تجاه جهود المملكة العربية السعودية لإعانة الأردن على تخطي الأزمة الاقتصادية، لتدرك حجم غضب محركي الربيع العربي وداعمي الفوضى وموزعي الخراب على العالم العربي. عليك أن تطالع مواقف رموز «الإخوان المسلمين»، سواء المقيمين في قطر أو تركيا أو أي دولة أخرى، من دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الاجتماع الرباعي في مكة المكرمة لتدرك إلى أي مدى صار هذا التنظيم يرتبط وجوده بالخراب والدمار ودماء الشعوب العربية. يخوض الربيع العربي معركته الأخيرة و «يستقتل» بهدف العودة مجدداً ليضرب المنطقة العربية، فحشد كل صناعه ومؤيديه وداعميه ومتآمريه، وقد جهزوا أدواتهم وأسلحتهم ومنصاتهم الإعلامية لتسخين الأجواء وصب مزيد من الزيت على نار الغضب والاحتجاج، وتحريض البسطاء وخداعهم بالرخاء الموعود. اختار مخططو الفوضى ومحركو الفتن ومحترفو المؤامرات أن يكون الأردن مدخلاً إلى فصل جديد لربيع آخر يضرب ويخرب ويحطم ويفتت، بينما بقايا وآثار كوارث الثورات والاحتجاجات ما زالت تدور في دول أخرى، ومشاهد خيام الإيواء ورماد الحرائق لم تختف بعد. إنه «الكتالوغ» نفسه والمفردات ذاتها تعود من جديد، بينما يخشى من مروا بالتجربة على الأردن ويخافون على مصيره ويتمنون ألا يتعرض لضرر بأيدي أبنائه، أو أن يدخل أتون صراعات وإرهاب وخراب. المصريون مثلاً نالوا خبرة واسعة في التعامل مع هكذا أحداث ومؤامرات، وعاشوا تجربة مؤلمة ما زالت مصر تدفع ثمنها حتى الآن، ويخشون على الأردن من المؤامرات الخارجية وطموحات «الإخوان». انتصر الشعب المصري على مخططات الفوضى ومؤامرات التقسيم حين ثار ضد حكم «الإخوان المسلمين» وخلع محمد مرسي عن المقعد الرئاسي، فتحصنت دول أخرى ونجت بعدما كانت عرضة للمخاطر، لكن معاول التحريض ظلت تعمل ومنصات الإعلام بقيت تبث السموم وتطلقها من الدوحة واسطنبول ولندن، وخلايا «الإخوان» المتسرطنة في مفاصل دول وجهات وأجهزة استخبارات ظلت تحرض لعل الفوضى تعود ومعها السلطة!!

أدرك المصريون مذاق الفوضى المر حين مر الربيع العربي فوق بلدهم، ولكنهم نجوا من خرابه وكوارثه ويتحسبون من مؤامرات مستمرة يقف خلفها دائماً «الإخوان المسلمون» لإشاعة مناخ يسمح من جديد للجماعة بالقفز على الحكم وامتلاك السلطة. يتحمل المصريون تبعات برنامج صعب للإصلاح الاقتصادي من دون اضطرابات أو احتجاجات حتى لا يهيئوا مناخاً يستثمره «الإخوان» في التحريض والتخريب.

اللافت أن الاحتجاجات ضد قانون ضريبة الدخل في الأردن تلقفها معارضون ونشطاء مصريون في محاولة لتحريك الشارع، بالتزامن مع قرارات مرتقبة لتقليص الدعم المفروض على الطاقة يتوقع صدورها الشهر الجاري. ورغم أن تلك القرارات لن تكون مفاجئة لكونها تأتي ضمن خطة حكومية معلنة لرفع دعم الطاقة تدريجاً، لكن هناك دائماً «الإخوان» والنشطاء ومن يتحينون الفرصة لتحريك الاحتجاجات نحو الفوضى والخراب. ليس سراً أن مصر والأردن خسرا كثيراً جراء الأوضاع الإقليمية المضطربة وتفشي الإرهاب، فتوقف تصدير الغاز المصري إلى الأردن بسبب الإرهاب في سيناء راكم خسائره، فضلاً عن توتر الأوضاع على الحدود، وتحمل فاتورة باهظة جراء حركة النزوح، أما مصر فتستنزف موازنتها يومياً في الحرب على الإرهاب، وتتراجع فيها معدلات الاستثمار جراء الاضطرابات والفوضى التي استمرت سنوات، وتتدهور موارد السياحة بعد إسقاط الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء في تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2015، فضلاً عن اضطراب الأوضاع في ليبيا وعودة مئات الآلاف من العمال المصريين إلى بلدهم، ولولا مشاريع قومية عملاقة لأضيفوا إلى ملايين العاطلين. تلك الظروف دفعت الدولتين إلى إجراءات اقتصادية وصفت في مصر بـ «العلاج المر»، لكن ليس أمام الدولتين سوى خيار واحد لمعالجة أخطاء الماضي وتحقيق الإصلاح الاقتصادي أو الدخول في مواجهة المجهول.

لا يوجد لدى المصريين قدرة أو حتى رغبة في التظاهر والاحتجاج من جديد بالنظر إلى التجربة التي مروا بها في السنوات الأخيرة والتي سببت تباطؤاً اقتصادياً لمسه كل مواطن، وحجم المعارضة الحقيقية لدى الشارع ضعيف وفاتر، والنشطاء السياسيون لم يعد لهم تأثير في حركة المجتمع، والناس انصرفوا عن الشعارات وأدركوا أن ثمن الفوضى أفدح بكثير من الثمن الذي يدفعونه لتحمل قرارات اقتصادية صعبة، أو آثار إصلاح مالي واجتماعي وسياسي، ولذلك احتشدوا من أجل مواجهة الإرهاب وعلاج آثار تسرطن «الإخوان» في المجتمع لسنوات. فشل «الإخوان» والجهات والدول التي تدعمهم في إعادة الفوضى والخراب مرة أخرى في مصر، لكنهم يعيدون المحاولة الآن في الأردن

نقلًا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن معركة الربيع الأخيرة الأردن معركة الربيع الأخيرة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon