توقيت القاهرة المحلي 20:29:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مأساة «الإخوان» وملهاة الناشطين

  مصر اليوم -

مأساة «الإخوان» وملهاة الناشطين

بقلم : محمد صلاح

 يستغرب المصريون حالة إنكار شديد يعيشها معارضو الرئيس عبد الفتاح السيسي لواقع يحدث حولهم، وتبدو فيه المعطيات أمام الجميع، لكنهم لا يرونها ولا يشعرون بها، وإن رأوها أو شعروا بها رفضوها. يفترض أن يوجه هؤلاء خطابهم الإعلامي والسياسي إلى الشعب المصري، وليس إلى جهات أخرى بطول الأرض وعرضها معروف مواقفها المعادية للرجل الذي أضاع حلم الإخوان ومنع عنهم التمكين. هدف هؤلاء المعارضين إقناع الشعب بالثورة ضد السيسي، لكنّ هدفاً كهذا لن يتحقق أبداً ما دام الشعب يعتبرهم أدوات يحركها آخرون، وطبيعي ألا يستجيب إلى من يعتبرهم مخادعين أو مزورين، وبديهي ألا يكرر مأساة الربيع العربي ويهدم مؤسسات الدولة ليلبي رغبة هؤلاء الذين يقيمون في فنادق الدوحة، أو يتجولون في شوارع أنقرة، أو يتسولون في أروقة الغرب.

يريد المعارضون المقيمون خارج مصر أن يثبتوا أن السيسي بلا شعبية، وأنه يقتل الناس في الشوارع، ويلقي بالسياسيين الأبرياء في السجون، ويمنع عن الناس الأكل والشرب، وأن مشاريعه وهمية وإنجازاته مجرد «فنكوش»، وأنه لم ينقذ البلاد من خطر الإخوان وإنما استحوذ عليها، وأنه لا يحارب الإرهاب وإنما هو السبب فيه، وأن لجان الاقتراع في الانتخابات في الخارج والداخل كانت خالية، والطوابير أمام السفارات كانت لموظفين وديبلوماسيين، وأن الطوابير في كل مصر كانت لجنود في الأمن المركزي! ما هذا الهراء، وكيف يحقق المعارض، عبر خطاب يقوم على الكذب والتزوير، رضاءً جماهيرياً أو ينال تأييد الناس ودعمهم؟ يبدو وكأن المعارض من تلك الفصيلة صار موظفاً لدى كفيل، فيحاول بشتى الطرق إرضاءه بالكذب والتزوير وخداعه بأن كل شيء تمام، وأن العمل يجري على قدم وساق، لسحب البساط من تحت أقدام الحكم، وأن الانقلاب يترنح، وأن السيسي لا يجد من يؤيده، والرجل يحكم فقط بالجيش والشرطة والحديد والنار! أسئلة أخرى مهمة: إلى متى يستمر معارضون مصريون في ركب الإخوان؟ وماذا يمنعهم من السير في طرق أخرى واتباع أساليب أكثر نظافة في معارضتهم للحكم يحتفظون معها بالحد الأدنى من الالتزام الأخلاقي والانتماء للوطن؟ ولماذا رضوا بأن تمتطيهم الجماعة وتستخدمهم لتحقيق هدفها الرئيسي وهو هدم الدولة المصرية على من فيها؟ ماذا أوصل هؤلاء إلى هذه الحالة المضحكة أو قل المذرية؟ هل شعورهم بالضعف دفعهم إلى البحث عن مظلة والانضواء تحت أجنحة الإخوان فصاروا مثلهم يتسولون مكافآت الكفيل ومنح الممول وعطايا الجهات الداعمة؟

بالنسبة لقواعد الإخوان والبسطاء من أعضاء الجماعة فهم متأثرون بنشأتهم وطريقة تربيتهم إخوانياً، إذ ليسوا مطلعين على الواقع، ولا يقرأون إلا ما يأمر به مرشدهم، أو من ينوب عنه، ولا يصدقون إلا قيادات التنظيم، أما قيادات الجماعة فإنهم يحاولون الحفاظ على التنظيم وحمايته من الانهيار والإبقاء على الأعضاء في أماكنهم والحؤول دون انشقاقهم عن التنظيم، وفي سبيل ذلك يلجأون إلى الأكاذيب والفبركات لإقناع الأعضاء بأن الجماعة مازالت متماسكة، وأن التنظيم مازال قوياً، وأن مرسي سيعود إلى القصر الرئاسي الأحد المقبل! على ذلك فإن العالم الافتراضي للكائن الإخواني مسألة تتسق مع نشأته وطبيعة العلاقات داخل التنظيم ومبدأ السمع والطاعة للمرشد، حتى لو كان ما يسمعه غير منطقي، ومن يطيعه يلقى به وسط الأهوال. أما رموز النخبة من قوى المعارضة وناشطي الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي وثورجية الميادين فغالبيتهم ليبراليون يفترض فيهم الحد الأدنى من المعرفة، أو يساريون بنوا اتجاهاتهم على قراءات وخبرات، أو ناصريون لهم إرث تاريخي عدائي ضد الإخوان الذين حاولوا اغتيال زعيمهم ناصر قبل عقود.. كيف سمح هؤلاء لأنفسهم استخدام آليات الإخوان بل مفردات الجماعة التي تعادي الليبرالية وتشيطن اليسار وتمقت الناصريين؟ ولماذا يروجون لخطاب متأسلم داعم للإرهاب تبثه قنوات الإخوان، والاحتفاء بكل إساءة تنشرها ضد السيسي، أو أي شخص آخر، وهم يدركون أن الإخوان يسعون إلى الثأر من المصريين؟ ما هو المبرر الأخلاقي الذي يطرحه هؤلاء الناشطون وهم يطلون على الناس من قنوات تبث من الدوحة وإسطنبول ولندن ليرددوا معزوفة الإخوان عن الانقلاب الذي يترنح والديموقراطية التي تذبح والاختفاء القسري للناشطين ومأساة رابعة وملهاة النهضة؟ إذا كان الإخوان يعيشون مأساة منذ إطاحتهم عن الحكم فإن الناشطين من التيارات الأخرى يعيشون ملهاة يضحك عليها الناس!

نقلاً عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأساة «الإخوان» وملهاة الناشطين مأساة «الإخوان» وملهاة الناشطين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:59 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند
  مصر اليوم - تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أنجلينا جولي تكشف عن شعورها تجاه عملها بعد رحيل والدتها

GMT 15:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

ليونيل ميسي يختار نجمه المفضل لجائزة الكرة الذهبية 2024

GMT 13:55 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

اتفاق رباعي علي خارطة طريق لإيصال الغاز إلي بيروت

GMT 06:11 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الشكشوكة التونسية

GMT 19:44 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل العثور على "سوبرمان هوليوود" ميتاً في صندوق

GMT 04:38 2019 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تعرفي على 9 موديلات مميزة لتزيّني بها كاحلكِ

GMT 22:22 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

مستوى رمضان صبحي يثير غضب لاسارتي في الأهلي

GMT 04:46 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

إليكِ أفكار سهلة التطبيق خاصة بديكورات المطابخ الحديثة

GMT 02:17 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

مناظر خلابة ورحلة استثنائية في جزر فينيسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon