توقيت القاهرة المحلي 06:46:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وللربيع فوائد!

  مصر اليوم -

وللربيع فوائد

بقلم ـ محمد صلاح

بقدر ما كان للربيع العربي نتائج كارثية وخسائر فادحة، وخراب ضرب دولاً وفتّت مجتمعات وشتّت أسراً وخلّف شهداء وضحايا، لا يمكن إغفال نتائج إيجابية خرجت من قلب المحن وقصص بطولية نُسجت من خيوط المآسي، ومفاجآت مبهرة بعد الأوجاع والآلام والمعاناة.

صحيح أن المتآمرين على الأمة العربية نجحوا مرحلياً في إلحاق الخسائر بدول عربية عصف الربيع العربي بأجوائها، وتمكنوا من إسقاط جيوش أُنفق على إعدادها وتدريبها وتسليحها أموال طائلة واخترقوا مؤسسات دول، ثم وظّفوها للعمل ضد مجتمعاتها لخدمة مصالح مطلقي الربيع ومحركيه واغتالوا معنوياً شباناً وفتيات وأطفالاً وشيوخاً وحكاماً ومسؤولين وأجهزة، وأجهزوا على شخصيات عامة ورموز سياسية وثقافية وتاريخية وأجهضوا أحلام شعوب في تحقيق التنمية والإصلاح والخروج من الأزمات الاقتصادية والمعضلات المجتمعية وشغلوا الدول العربية بهمومها الداخلية وأنهكوا الشعوب في السعي إلى استعادة الأمن والسلم الأهليين، لكن صحيح أيضاً أن الربيع العربي بكل مساوئه ونتائجه السلبية فضح تنظيمات وجماعات وأشخاصاً ظلوا على مدى عقود يظهرون ما لا يبطنون ويخربون، وهم في نظر الناس إصلاحيون ويدعمون التطرف والإرهاب، بينما يتعامل معهم من حولهم باعتبارهم طيبين مسالمين، وكشف إلى أي مدى كانوا أشراراً بينما هم في نظر الغالبية ملائكة.

عرف الناس حقائق مذهلة عن جماعة «الإخوان» لم يكن سهلاً كشفها وفضحها إلا بمحكات على أرض الواقع سمعوا من قادتهم عكس ما كانوا يسمعونه منهم قبل أن يحل الربيع بخرابه وكوارثه. أدرك الناس أن هتافات قادة «الإخوان» على مدى عقود في تظاهراتهم عن النشاط السلمي لم تكن إلا خداعاً وبهتاناً، وأن بيانات الجماعة لشجب الإرهاب وإدانته لم تكن إلا ستاراً تخفي خلفه مؤامراتها لدعم مادي ومعنوي ولوجستي كان يتدفق باستمرار وعلى الدوام من «الإخوان» إلى الجهاد أو القاعدة أو الجماعة الإسلامية أو داعش أو أي تنظيم إرهابي مهما اختلف اسمه أو لافتته، رأى الناس أخطاء أنظمة غضت البصر عن نشاط «الإخوان» المدمر بل ربما تحالفت علناً أو سراً مع ذلك التنظيم بعدما صدقت وعود الجماعة وتعهدات قادتها بالإبقاء على المجتمعات هادئة والمناخ السياسي بارداً فصار المجال واسعاً أمام «الإخوان» للتسرطن في كل مدينة والتغلغل إلى كل قرية والتسرب إلى كل شارع لتأسيس كيانات موازية للدولة وأنظمة اقتصادية بديلة لخداع الناس وكسب تعاطفهم!!

واكتشف الجميع أن أنظمة دفعت برجال أعمال وسياسيين ومشاهير للتعامل سراً مع «الإخوان» لاتقاء شر الجماعة أو طمأنتها أو كسب ودها أو رضاها!! أما هؤلاء الناشطون الذين احتلوا الاستديوهات أثناء فترة الربيع الغابرة وأطلقوا النظريات والتف حولهم الناس في الشوارع والميادين باعتبارهم ثواراً وأحراراً فغالبيتهم انفضح أمرهم وكشفت صلاتهم بمؤسسات غربية وجهات أجنبية وجماعات إرهابية وظهر أنهم كانوا يبيعون أوطانهم ويحصلون على ثمن مواقفهم وكلامهم وتمثيلهم على من حولهم. لولا الربيع العربي لظل «الإخوان» يحظون بتعاطف الناس ويمارسون الخداع دون أن يكتشفوا، وبقيت صورة النشطاء ناصعة البياض "يقبضون" خلف الأضواء أو يظهر كل واحد منهم على مواقع التواصل حملاً وديعاً يدعو إلى الحرية ومحاربة الفساد ويتغنى بالإنسانية. أدركت الشعوب أهمية الدولة الوطنية وتماسكها وأيقنت أن الدولة لابد أن تكون فوق الطوائف والطبقات والفئات الاجتماعية والفصائل والتقسيمات العرقية والميليشيات والجماعات التي تدين بالولاء إلى مرشد أو زعيم طائفة أو ذلك الشخص الذي يجلس بعيداً ويحرك الخيوط ليهدم أوطانهم بدعوى تحقيق صالح الأمة. لولا الربيع العربي لظل ولاء بعض الناس إلى الميليشيات لا إلى الجيوش التي أُسّست لتحميهم وتدافع عنهم وتضحي من أجل حدود البلد وبقاء الوطن وكشف المؤامرات وتحدي الصعاب وحفظ الأمن للجميع وتقدم الصفوف لمحاربة الإرهاب. نعم للربيع العربي فوائد رغم كل سلبياته ويكفي أنه فضح منصات إعلامية قطرية وتركية وغربية تنفق أموالاً طائلة لتخدع الشعوب وتنشر الفوضى وهي ترتدي أزياء الملائكة ولا تمارس إلا أفعال الشياطين!

نقلا عن الحياة 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وللربيع فوائد وللربيع فوائد



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
  مصر اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
  مصر اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
  مصر اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
  مصر اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 23:09 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

بورصة دبي تغلق دون تغيير يذكر عند مستوى 2640 نقطة

GMT 21:08 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

باريس سان جيرمان يستهدف صفقة من يوفنتوس

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon