توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخطة البديلة الملغومة للسودان!الخطة البديلة الملغومة للسودان!

  مصر اليوم -

الخطة البديلة الملغومة للسودانالخطة البديلة الملغومة للسودان

بقلم - عثمان ميرغني

رمى المبعوث الأميركي الخاص توم بيريلو حجراً كبيراً في بركة الحرب السودانية الملتهبة بتصريحات لمح فيها إلى إمكانية التحرك لإرسال قوات دولية وأفريقية، من دون ذكر أي مشاركة عربية ولو مجاملة، إذا لم تُستأنف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق سلام. وعلى الرغم من أنه وصفها بـ«قوات لحفظ السلام»، فإنها ستكون قوات «لفرض» سلام وواقع جديد مجهول الأبعاد، لأنه لا يوجد اتفاق لوقف الحرب يمهد الأرضية لدخولها.

بيريلو أعطى الأولوية لاستئناف مفاوضات منبر جدة، وتحدث عن أن هناك ثلاثة إلى أربعة أسابيع لتهيئة ظروف مناسبة للتوصل إلى اتفاق سلام، بعدها يصبح المضي في طريق المفاوضات أكثر صعوبة. وفسر ذلك بقوله إن هناك أطرافاً خارجية ستزيد من تدخلها، «وهي أطراف لا تهمها مصلحة السودان في شيء، بل تريد الكيد لأطراف إقليمية أخرى»، على حد تعبيره. الغريب أنه لم يسم طرفاً سوى إيران، علماً بأن هناك أطرافاً أخرى تؤجج الحرب السودانية منذ شرارتها الأولى، ولم تقم أميركا والمجتمع الدولي بأي جهد حقيقي لوقف تدخلها، وهو ما يعني أن واشنطن ذاتها تراعي مصالحها، وتريد جلب التدخل الدولي لحسابات صراعاتها مع أطراف بعينها.

بيريلو اعترف بأنه لا توجد إرادة سياسية للتدخل، ولذلك لم يجزم بإرسال القوات، بل وضعه بوصفه احتمالاً، قائلاً: «أعتقد أن العالم بحاجة إلى التفكير في خطة بديلة، الخطة ب». من هنا يمكن تفسير كلامه على أنه محاولة لرفع السقف من أجل الضغط لاستئناف المفاوضات، فالرجل يدرك أن العالم يعطي اهتمامه لقضايا أخرى، وأن أميركا ذاتها ستنهمك في موسم الانتخابات بشكل زائد بدءاً من المؤتمر العام للحزب الجمهوري في منتصف يوليو (تموز)، وبعده المؤتمر العام للديمقراطيين في منتصف أغسطس (آب)، في وقت تزداد فيه التساؤلات حول صحة الرئيس جو بايدن، ووضع منافسه دونالد ترمب الذي تلاحقه المحاكمات.

الواقع أن العالم لم يعطِ الحرب السودانية اهتماماً يذكر، والإدارة الأميركية ذاتها رغم مشاركتها في منبر جدة، فإنها واجهت انتقادات شديدة في الكونغرس ومن وسائل إعلام أميركية وغربية اتهمتها بعدم القيام بجهد جاد لرؤية نهاية للحرب. بعض الأطراف بررت لأميركا بالقول إن حرب غزة شغلتها عن حرب السودان، وهو كلام يعطي حقيقة مبتورة، لأن الحرب السودانية اندلعت قبل ستة أشهر من حرب غزة، ولم نرَ فيها جهوداً أميركية أو دولية منسقة تدفع جهود السلام، وتتخذ خطوات جادة لمعاقبة عدم الالتزام بما اتفق عليه في إعلان جدة في مايو (أيار) 2023.

من هنا تمكن قراءة التحرك الأميركي الجديد للتلويح بإرسال قوات دولية - أفريقية، بأنه يأتي رداً على توجه السودان لتعزيز العلاقات مع روسيا وإيران للحصول على السلاح. فواشنطن التي تعمل على تقويض النفوذ الروسي والصيني في أفريقيا، لا تريد بالتأكيد رؤية السودان يمنح موسكو قاعدة على البحر الأحمر، أو يُعمق علاقاته بإيران.

لو كان الدافع وراء الدعوة للتدخل بقوات دولية هو الاعتبارات الإنسانية فعلاً، وضمان وصول المساعدات والإغاثة للمتضررين، ومنع حدوث مجاعة في السودان، فلماذا لم تقم واشنطن والغرب بخطوة مماثلة لإغاثة غزة التي تعيش وضعاً أسوأ بكثير؟

ولو كانت الدعوة خالية من الغرض، فلماذا لم نرَ تحركاً دولياً وإقليمياً لإرسال قوات دولية وأفريقية إلى إثيوبيا مثلاً إبان الحرب الشرسة في إقليم التيغراي التي أودت بحياة أكثر من 400 ألف من المدنيين ونحو 80 ألفاً من العسكريين؟

أكثر من ذلك، فإننا منذ اندلاع حرب السودان لم نرَ الدول الغربية تمارس ضغوطاً حقيقية على الأطراف التي تؤجج الحرب، وتمد قوات «الدعم السريع» بكميات كبيرة من السلاح، على الرغم من وجود قرار من مجلس الأمن بحظر إرسال سلاح إلى دارفور التي أصبحت المنفذ الأساسي للسلاح والمقاتلين القادمين من الخارج في خط إمداد متواصل لقوات «الدعم السريع»، مما أجبر الجيش السوداني على اللجوء إلى أطراف خارجية للحصول على السلاح لسد النقص بعدما طال أمد الحرب.

إرسال قوات أفريقية ودولية لن يكون حلاً، بل سيزيد تعقيد الأمور لأنه سيبقي على سيطرة قوات «الدعم السريع» في مناطق واسعة، ويتيح لها التقاط أنفاسها، والتزود بمزيد من السلاح والمقاتلين القادمين عبر الحدود.

الحل ينبغي أن يكون بأيادي السودانيين أنفسهم وبمفاوضات شاملة بينهم. وإذا كان هناك من يؤمل على حل خارجي بقوات أممية، فعليه أن يعيد التفكير ويستقي الدروس من تداعيات التدخلات العسكرية في العراق وأفغانستان، وسوريا، وليبيا، وغيرها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخطة البديلة الملغومة للسودانالخطة البديلة الملغومة للسودان الخطة البديلة الملغومة للسودانالخطة البديلة الملغومة للسودان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon