توقيت القاهرة المحلي 18:17:36 آخر تحديث
الأربعاء 22 كانون الثاني / يناير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

السودان... العودة المنتظرة

  مصر اليوم -

السودان العودة المنتظرة

بقلم - عثمان ميرغني

تأمل مناظر الناس في غزة وهم يتحينون الفرص للمسارعة في العودة إلى أحيائهم ومنازلهم ويصرون على العيش فيما تبقى منها. منازل تحول أكثرها إلى كوم من الأنقاض، لكنهم يتمسّكون بالعيش فيها ولو في خيمة ينصبونها عليها.

قارن ذلك بما يحدث في السودان وتحديداً في مدينة أم درمان التي استعاد الجيش السيطرة عليها بالكامل تقريباً، إلا من بعض الجيوب القليلة. فعلى الرغم من أن جل أحياء المدينة أصبحت آمنة وعاد إليها عدد من سكانها، فإن الكثير أيضاً بقي مهجوراً. تدعو السلطات السكان للعودة، مثلما يفعل المواطنون الذين عادوا إلى بيوتهم ويتوجهون بالمناشدات لجيرانهم للعودة حتى تعود الحياة ومعها الأمن والدفء إلى هذه المناطق.

المشكلة أن موضوع العودة أصبح مثل كثير من الأمور في هذه الحرب خاضعاً للمزايدات والمتاجرة السياسية. فهناك بين خصوم الجيش من يبث الدعايات لإثناء الناس عن العودة، ويدّعون أن أم درمان غير آمنة، لأنَّهم يرون أنَّ عودة الناس والحياة لهذه المناطق تصب في صالح الجيش.

الحقيقة أن عودة الناس تعني عودة الحياة والأمن إلى هذه المناطق، وتؤمن ظهر الجيش لكي ينطلق إلى الأمام من دون الإحساس بأن ظهره مكشوف. وفي كل المناطق التي يدخلها الجيش ويُخرج منها «الدعم السريع» يشعر الناس الموجودون فيها بعودة الأمان وتشاهدهم يحتفلون ويحتفون بجنود الجيش. في المقابل ما إن تدخل «قوات الدعم السريع» منطقة حتى ترى الناس يغادرونها فزعين، ومَن يبقى فيها يتعرض لانتهاكات تضج بها التقارير الموثقة.

مفهوم عدم عودة الناس إلى المناطق الساخنة غير الآمنة ومنها عدد من أحياء بحري والخرطوم، ومناطق في إقليم الجزيرة، إضافة إلى دارفور، لكن عدا ذلك ليس هناك ما يبرر اختيار الناس شقاء حياة النزوح واللجوء. وإذا تحدثنا عن أم درمان تحديداً فإنها أصبحت في معظمها آمنة والحياة فيها باتت طبيعية إلى حد كبير، على الرغم مما يبثه أصحاب الغرض.

المنازل والأحياء لن تعمر من تلقاء ذاتها بمعجزة خارقة، وإذا لم يعد الناس لبيوتهم ستبقى مهجورة تسكنها القطط كما توعد قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو ذات يوم. العودة تعني أن آثار الدمار والتخريب ستنظف تدريجياً، وكذلك الشوارع، وستعود الحياة والخدمات تدريجياً مثلما حدث في عدد من الأحياء، وفي كثير من الأحيان بتضافر جهود المواطنين مع جهود السلطات.

العودة إلى البيوت تعني إخلاء المدارس والمنشآت الأخرى التي سكنها النازحون، كي تستأنف الدراسة المعطلة التي لا بد أن تعود حتى لا يضيع جيل كامل حُرم من التعليم لأكثر من عام، وهو عام ضاع من حياتهم وعطّل تحصيلهم وأفقدهم الكثير مما تعلموه، وكلما طالت الفترة مُسحت من ذاكرة التلاميذ حصيلة تعليم السنوات الماضية، وخسروا قدرات في التواصل الاجتماعي وتطوير المهارات التي يكتسبونها في المدارس وفي الاختلاط مع نظرائهم.

بعض الدول التي هاجر إليها السودانيون بسبب الحرب بدأت تضيق بهم، وبدأت تطفو بعض مشاعر النفور وأحاديث «متى يعودون إلى بلادهم». بل إنه في إثيوبيا نُقلت الأخبار في بداية الشهر الحالي أن ما لا يقل عن ألف لاجئ سوداني فرّوا من مخيم «كومر» للاجئين في إقليم أمهرة شمال إثيوبيا.

وقالت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة التي تدير المخيم إنها على علم بمغادرة عدد كبير من اللاجئين الذين شعروا بعدم الأمان بعد تعرض المخيم لسلسلة من الاعتداءات، بينما نقلت وكالة «رويترز»، عن لاجئين في المخيم الواقع على بُعد 70 كيلومتراً من الحدود السودانية، أن نحو 7 آلاف من مجموع 8 آلاف، هم عدد سكان المخيم، غادروا سيراً على الأقدام بعد تعرضهم لهجمات وإطلاق رصاص وسطو من قِبل الميليشيات المحلية.

شكاوى اللاجئين تزداد وأوضاعهم تسوء بعدما تقطعت بهم السبل ونفدت نقود أكثرهم. هؤلاء أكرم لهم العودة إلى بلدهم، ومنهم مَن توجد منازلهم في أحياء أصبحت آمنة في أم درمان.

مجموعات من النازحين في الداخل أيضاً بدأت تفكر في العودة إلى بيوتها إذا أصبحت أحياؤهم آمنة، وذلك بعد ازدياد الشكاوى من جشع أصحاب العقارات والتجار الذين استغلوا الظروف لمضاعفة الأسعار.

وإذا كنا نتمنى أن تنتهي الحرب اليوم قبل الغد، فإن الحقيقة هي أنه لا أحد يعلم كم ستطول، ما يعني أننا سنرى عودة طوعية... أو اضطرارية متزايدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان العودة المنتظرة السودان العودة المنتظرة



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 15:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
  مصر اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن صوت مصر والزواج والاكتئاب

GMT 07:20 2018 السبت ,03 شباط / فبراير

مطرب البوب يظهر برداء وردي في حفلة غرامي

GMT 22:09 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

سيموني بايلز تكشف تعرضها للاعتداء الجنسي على يد لاري نصار

GMT 20:47 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

بياتسا لاعب يوفنتوس يعلن سرّ تفضيله لشالكه

GMT 10:05 2015 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تغريدة تتسبب في ضبط 80 شخص من مدينة الطائف السعودية

GMT 13:49 2015 السبت ,21 شباط / فبراير

مؤتمر للمرشح حمزة أبو سحلي في فرشوط

GMT 06:13 2015 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائرية كنزة مرسلي تؤكّد أنها كانت تحلم بلقاء أنغام

GMT 07:10 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء تصفيف الشعر يقدمون أفضل الطرق لعلاج التشابك

GMT 01:00 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أول فنانة تساند شيرين بعد أزمة "مياه النيل"

GMT 17:13 2021 الخميس ,09 أيلول / سبتمبر

جهاز حسام البدري يسلم عهدته لاتحاد الكرة المصري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon