توقيت القاهرة المحلي 06:10:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المؤامرة التي تستهدف السودان!

  مصر اليوم -

المؤامرة التي تستهدف السودان

بقلم - عثمان ميرغني

الزيارة التي أجراها هذا الأسبوع الفريق شمس الدين كباشي، عضو مجلس السيادة، نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية، وبرفقته وزير الدفاع الفريق يس إبراهيم، إلى دولتَي النيجر ومالي تسلِّط الضوء مجدداً على واحد من أخطر ملفات الحرب الدائرة حالياً. فالجيش السوداني لا يحارب «قوات الدعم السريع» وحدها، بل يواجه معها موجات من الدعم البشري القادم عبر الحدود ممن يسمون «عرب الشتات الأفريقي»، ومعهم أحلامهم وتطلعاتهم في وطن داخل السودان.

هناك مقاطع فيديو عديدة توثِّق وصول مجموعات كبيرة متتالية من المسلحين القادمين من تشاد وأفريقيا الوسطى والنيجر ومالي ضمن ما يسمى «الفزع» للقتال إلى جانب «قوات الدعم السريع» سواء في دارفور أو كردفان أو إقليم الجزيرة والخرطوم. أضف إلى ذلك عشرات الفيديوهات التي يتحدث فيها منسوبو «الدعم السريع» عن تطلعهم للهجوم على مدن في شمال السودان، وملاحقة سكانها وطردهم من بيوتهم. وقبل أيام فقط كان هناك مقطع فيديو متداوَل لأحد كوادرهم القيادية يشن فيه هجوماً عنيفاً على أهل الشمال متوعداً إياهم بالطرد قائلاً إنهم قادمون إليهم «وسننتهي منكم، وأنتم أصلاً لستم سودانيين، وليس فيكم من لديه جذور في هذا البلد... هذا بلدنا».

الفريق ياسر العطا، مساعد القائد العام للقوات المسلحة، تحدث عن هذا الخطر في تصريحات له الشهر الماضي وصف فيها ما يحدث في السودان بأنه «غزو أجنبي من عرب الشتات» مدعوم من بعض الدول. وأشار إلى المخطط الرامي لإنشاء وطن لعرب الشتات المنتشرين في غرب أفريقيا، على أن يكون هذا الوطن في دارفور على حساب سكانها الأصليين، قائلاً إن «الدخول إلى الفاشر هدفه إعلان الوطن لعرب الشتات، ونحن سنقاتل لو سقطت الفاشر أو لم تسقط، ولن نترك شبراً من أرض السودان لعرب الشتات إطلاقاً».

هذا البعد يعطي معركة الفاشر، الدائرة الآن، أهمية وخطورة في مجرى الحرب بأبعادها الظاهرة والخفية. فالمدينة إلى جانب أهميتها التاريخية والاستراتيجية، أصبحت آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور لا تخضع لسيطرة «قوات الدعم السريع» التي اجتاحت عواصم ولايات الإقليم الأخرى وهي: زالنجي والضعين والجنينة ونيالا. من هنا فإن «قوات الدعم السريع» حشدت قوات كبيرة مدعومةً بالمستنفرين القادمين من دول الجوار وعرب الشتات لاجتياح المدينة لأن ذلك سيعطيها السيطرة على إقليم تقدَّر مساحته بخُمس مساحة السودان، ويمتلك موارد وثروات هائلة، وحدوداً مفتوحة على ثلاث دول (ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى)، تسهِّل تدفق السلاح والبشر، ويملكها ورقة مهمة للتفاوض أو للانفصال في خطوة تفتح الباب أمام أحلام عرب الشتات التي تضخمت بعد الحرب وبات الحديث عن مشروع دولتهم يتردد على ألسنة كثيرين منهم، كما هو الحال بالنسبة إلى مجاهرة شخصيات معروفة، لا سيما في تشاد، بالدعوة لمساندة «الدعم السريع» والقتال إلى جانبه. أحد هؤلاء تحدث في أبريل (نيسان) الماضي عن الاصطفاف وراء «الدعم السريع» لإكمال بقية المشوار «بحكم وحدة الانتماء والمصير، وعديد من القواسم المشتركة التي تربطنا كانتماء ومصير وهدف ومشروع». كما أنه عدّ «الدعم السريع»، «مشروع وجود لهذه الأمة»، مبشراً بأن هذا المشروع «منذ تأسيسه ما كان كبيراً وقوياً مثل ما هو عليه الحال اليوم».

أحلام «عرب الشتات الأفريقي» في وطن ليست جديدة، مثلما هو الحال بالنسبة إلى هجرات أعداد منهم إلى دارفور في فترات وسياقات مختلفة. وقد برزت فكرة جمع القبائل العربية في دارفور في جسم واحد خلال الثمانينات فيما عُرف وقتها بـ«التجمع العربي»، لكنها تراجعت بعدما واجهت انتقادات واسعة وقتها واتهامات بتأجيج الصراعات القبلية والإثنية في الولاية التي تتعايش فيها مكونات مختلفة. وعلى الرغم من أن الكلام عن هذا التجمع تجدد في التسعينات فإن موضوع دولة عرب الشتات برز إلى السطح مع اندلاع الحرب الراهنة.

لقد كانت هناك شعارات كثيرة أُطلقت إبان هذه الحرب مثل «محاربة الفلول»، و«القضاء على دولة 56»، و«ثورة الهامش»، سيطرت على الخطاب الدائر وحجبت الرؤية عن جوانب أخرى أخطر تهدد كيان الدولة، بل وجودها. فالحرب قد تكون اندلعت صراعاً على السلطة في الخرطوم، لكنها اكتسبت أبعاداً أخرى، وتداخلت فيها أجندة وحسابات ومصالح متعددة، أخطرها بالتأكيد تغذية أحلام ومطامع إقامة دولة لعرب الشتات الأفريقي في السودان بالسيطرة عليه كله إن أمكنهم دحر الجيش، أو على جزء منه في سيناريو التقسيم الذي رأيناه في دول أخرى وفي السودان ذاته في ظروف مختلفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المؤامرة التي تستهدف السودان المؤامرة التي تستهدف السودان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon