توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أحفاد كورونا» يقلقون العلماء

  مصر اليوم -

«أحفاد كورونا» يقلقون العلماء

بقلم - عثمان ميرغني

هناك قلق متزايد وسط الجهات الصحية في أوروبا وعدد من الدول، وبين العلماء، بسبب المتحورات الجديدة من فيروس «كورونا» التي بدأت في الانتشار بسرعة متزايدة في الآونة الأخيرة، وسط مؤشرات على أنها قادرة جزئياً على تفادي مناعتنا.
وتشهد العديد من الدول الأوروبية منذ بداية الشهر الحالي ارتفاعاً كبيراً في الإصابات بـ«كوفيد-19»، بينما يحذر الخبراء من أنه مع رفع جميع القيود تقريباً، وتراجع الإقبال على الجرعة المعززة، وازدياد السفر والازدحام في موسم الإجازات، وتخلي الناس عن كل إجراءات الحيطة، من المتوقع أن يتواصل الارتفاع في الإصابات.
وأكثر ما يقلق السلطات الصحية أن هذا الارتفاع يحدث في موسم الصيف، ما ينذر بأن الشتاء -وهو موسم الإنفلونزا التقليدي- سيكون أسوأ بكثير.
الخبر الجيد حتى الآن أنه على الرغم من الموجة الجديدة من الإصابات، فإن الوفيات لا تزال في مستويات منخفضة. فكثير من الناس يتمتعون اليوم ببعض الحماية المناعية، سواء من اللقاحات، أو من إصابتهم بالعدوى سابقاً وتعافيهم، أو من كليهما.
الإصابات الخطيرة بفيروس «كورونا» الأصلي كانت قد بدأت في الانحسار منذ العام الماضي، بسبب هذه المناعة التي تكونت، وليس لأن الفيروس قد ضعف. وكان ظهور متحور «أوميكرون» لأول مرة خلال العام الماضي سبباً في تسارع الإصابات؛ لأنه سريع الانتشار، إلا أن ما طمأن الناس أن أعراض المرض بدت خفيفة، وفي أكثر الحالات لا تستدعي دخول المستشفى.
في الأسابيع الأخيرة، بدأ العلماء والمختصون يشعرون بقلق متزايد من متحورات فرعية جديدة لـ«أوميكرون» يمكن اعتبارها «جيل الأحفاد» من فيروس «كورونا» الأساسي، وذلك بعدما حدثت الطفرة الكبيرة في الإصابات في أوروبا خلال الشهر الحالي. فهناك 3 مشكلات في المتحورات الفرعية الجديدة؛ فهي -أولاً- أسرع في العدوى بنسبة 10 في المائة إلى 15 في المائة. ثانياً، ثبت أنها قادرة على التسلل عبر المناعة، مقارنة بمتحورات «أوميكرون» السابقة. وثالثاً، أنها تتكاثر بشكل أكثر ضرراً في خلايا الرئة، بالمقارنة مع المتحورات السابقة.
هناك بعض الحقائق المهمة لا بد من تسجيلها، حتى لا يسرح خيال دعاة رفض التطعيم. فالفيروس يقتل الأشخاص غير المحصنين، بمعدلات أعلى بكثير من الأشخاص الملقحين. وعلى الرغم من أن العديد من الأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح وأصيبوا بـ«كوفيد» وتعافوا منه، يتمتعون ببعض الحماية نتيجة العدوى السابقة، فإنهم عرضة مثل غيرهم لخطر الإصابة بالمتحورات الجديدة، وهو خطر يزداد كلما ضعفت مناعتهم مع الوقت. أما كون الإصابات الجديدة أخف في أعراضها، فإن العلماء يقولون إن هذا يعكس المكاسب في المناعة أكثر من أي ضعف جوهري في الفيروس.
في كل الأحوال، فإنه حتى مع انخفاض عدد الحالات المميتة، فإن الإصابات المرتفعة بالفيروس تسبب مشكلات ربما تكون طويلة الأمد. فقد وجدت دراسة حديثة في الولايات المتحدة أن واحداً من كل 5 أشخاص تحت سن 65 عاماً ناجين من «كوفيد»، عانى من آثار صحية جانبية استمرت لفترة طويلة.
ما العمل مع الطفرة الجديدة في الحالات؟
الأمر من شقين: شق متعلق بالحكومات، والآخر بالمواطنين. وفي كلتا الحالتين من الحصافة ألا نتعامل مع الجائحة على أساس أنها لم تعد خطراً متربصاً. فالحقيقة أنه ما لم يتم القضاء على الفيروس بطريقة ما، أو التوصل إلى لقاح طويل المفعول، فإن فيروس «كورونا» سيظل يتحور، ما يجعل العلماء دائماً قلقين من احتمال ظهور سلالة شديدة الخطر تعيدنا إلى المربع الأول. مع هذه الحال، فإن الإجراءات الوقائية بلا شك أفضل من سياسة التراخي.
الصين من الدول التي لا تزال تتبع سياسة صارمة في التعامل مع أي بؤر تظهر للإصابات بـ«كوفيد»، إذ لم تتوانَ عن إغلاق مدن مثل شنغهاي، أو أحياء كاملة في بكين ارتفع فيها معدل الإصابات، وذلك في إطار سياسة «صفر كوفيد»، وهو هدف يبدو بعيد المنال في ظل تحورات الفيروس. قد تكون السياسة الصينية مبالغة في التشدد، وقد عرّضتها لانتقادات في الخارج أخيراً على أساس أنها تربك الاقتصاد العالمي الذي ما زال يعاني من أثر الإغلاقات الماضية. لكن بكين تبدو مصممة على سياستها، ولا تريد الانتظار حتى ظهور متحور خطر جديد.
قد لا تكون الدول الأخرى مضطرة لمحاكاة النموذج الصيني؛ لكن الحكمة تقتضي اتخاذ تدابير احترازية. والخبراء يدعون لإجراءات مبكرة للحفاظ على مناعة مستقرة، بما في ذلك توفير الجرعات المعززة، والعودة لنظام الفحص والتتبع.
في بريطانيا، ناشد العلماء كبار السن لتلقي الجرعات المعززة، مشيرين إلى أن نحو 20 في المائة ممن هم فوق الخامسة والسبعين لم يتلقوا الجرعة المعززة الرابعة بعد. وفي هولندا، دعت أكبر منظمتين لأصحاب العمل الناس إلى العودة إلى مراعاة قواعد الحماية الأساسية، مثل غسل اليدين، واستخدام المطهرات، مثلما كان سائداً في ذروة الجائحة.
أما في ألمانيا، فقد حذرت الحكومة في تقرير صدر أخيراً من أن الانتشار السريع للمتحورات الجديدة، مع التراجع التدريجي في المناعة، يمكن أن يسبب مشكلات خطيرة. ورأت أنه ربما يكون من المستحسن دعوة الناس للعودة إلى ارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة والمزدحمة، ومراعاة التباعد، إلى جانب تدابير أكثر صرامة في المناطق التي يتفشى فيها «كوفيد-19» بشكل أكثر خطورة.
من المحتمل أن تصمد المناعة بشكل كبير في مواجهة متحورات «أوميكرون» الجديدة التي تنتشر بسرعة في عدد من الدول، ما يعني أنه على الرغم من الزيادة في عدد المصابين فإن الأعراض تبقى خفيفة، ولا تؤدي إلى الضغط على المستشفيات، أو ارتفاع عدد الوفيات. هذا هو السيناريو الأفضل بالنظر إلى أن الحكومات لا تحبذ العودة إلى إجراءات الإغلاق الصارمة لتداعياتها الاقتصادية، كما أن غالبية الناس لا يريدون العودة إلى القيود الواسعة التي قلبت حياتهم رأساً على عقب.
في هذه الحالة، وبفضل اللقاحات التي يجري تطويرها وتعديلها باستمرار، فإن التعايش مع الفيروس يبقى ممكناً؛ لكن الطريق لا يزال طويلاً ولن يكون سهلاً. وما دام هناك كثيرون يستشهدون بتعايش البشرية مع الإنفلونزا، فعلينا أن نتذكر أنه بعد 70 عاماً على تأسيس النظام العالمي لمراقبة الإنفلونزا، فإنها لا تزال تصنف على أنها مشكلة صحية خطيرة، إذ يصاب بها سنوياً نحو مليار إنسان حول العالم، يعاني منهم ما يقرب من 5 ملايين من مضاعفات خطيرة، يموت منهم 650 ألفاً كل عام.
التعايش مع أي وباء لا يعني التراخي، والوقاية تبقى دائماً أفضل من العلاج.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أحفاد كورونا» يقلقون العلماء «أحفاد كورونا» يقلقون العلماء



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon