توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رئاسة بايدن المترنحة

  مصر اليوم -

رئاسة بايدن المترنحة

بقلم - عثمان ميرغني

يبدو أن ما كان يدور همساً في دهاليز واشنطن بدأ يخرج إلى العلن بوتيرة متسارعة. الديمقراطيون يشعرون بالإحباط من إدارة جو بايدن، ويتساءلون عن مستقبل الرئيس الذي بات كثيرون يرون أنه يجب ألا يترشح مجدداً للرئاسة في انتخابات 2024.
صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت تقريراً موسعاً استندت فيه إلى مقابلات قالت، إنها أجرتها مع العشرات من المسؤولين الديمقراطيين المحبطين، وأعضاء في الكونغرس، وناخبين أعربوا عن شكوكهم في قدرة الرئيس على إنقاذ الحزب ونقل المعركة إلى الجمهوريين في انتخابات الكونغرس النصفية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ناهيك عن الفوز في انتخابات الرئاسة عام 2024.
بايدن كان قد انتُخب على أساس خبرته وسجله الطويل في العمل السياسي، ووعده بالعمل على توحيد أميركا بعد اتساع شقة الانقسام إبان فترة سلفه الرئيس دونالد ترمب. كثيرون رأوا فيه شخصية صقلتها التجارب السياسية والمآسي الشخصية، والنقيض تماماً للرئيس المثير للجدل ترمب. لكن الصورة تبدو مختلفة تماماً اليوم؛ إذ تدنت شعبيته إلى أدنى مستوياتها، وسجلت استطلاعات الرأي، أن نحو 53 في المائة من الأميركيين فقدوا الثقة به، وغير راضين عن أدائه.
حتى في أوساط حزبه ظهر التململ بعد إخفاقه في تمرير مشاريع أساسية في برنامجه عبر الكونغرس. ومع تردي شعبيته وسط الناخبين تزايدت الشكوك في قدرته على قيادة الحزب لتلافي هزيمة تبدو متوقعة في الانتخابات النصفية للكونغرس، وهو ما يعني القضاء تماماً على فرصه في تمرير خططه ومشروعاته، ويعزز التيار الداعي إلى إقناعه بعدم الترشح في عام 2024. وحتى لو حدث أمر ما يقلب المشهد، ويمنح الديمقراطيين أملاً في الانتخابات النصفية، فإن الشكوك حول الرئيس ستبقى، والتيار الداعي لعدم ترشحه في 2024 لن يصمت.
نجاح الجمهوريين في السيطرة على الكونغرس بمجلسيه، لن يشل الإدارة فحسب، بل سيفتح الباب أمام أنصار ترمب الذين يريدون فتح تحقيقات لمحاكمة بايدن، والانتقام من الديمقراطيين على ملاحقتهم للرئيس السابق، وبالتالي إضعافهم قبل انتخابات الرئاسة المقبلة في 2024.
الغريب أن بايدن كان قد صرح مراراً إبان معركة اختيار مرشح الديمقراطيين لانتخابات 2020 بأنه لن يخدم أكثر من دورة واحدة لو انتخب للرئاسة؛ وذلك بسبب ما كان يثار حول عمره. لكنه بعد جلوسه على كرسي الرئاسة في المكتب البيضاوي عدل موقفه وبات يتحدث عن تطلعه لدورة رئاسية ثانية. إنه إغواء السلطة الذي قال عنه الرئيس الأسبق باراك أوباما، إنه وبعد أن جرب جاذبية الرئاسة بات يفهم لماذا وضع الآباء المؤسسون نصاً في الدستور يمنع الرئيس من شغل المنصب أكثر من دورتين.
بالنسبة لبايدن، فإن عامل السن سيكون محور تساؤلات أكثر مما سبق لو صمم على إعادة ترشيح نفسه للرئاسة. فعمره عندما يحل موعد انتخابات الرئاسة المقبلة في 2024 سيكون أقل من 82 عاماً ببضعة أيام. وهناك شكوك أيضاً حول صحته بسبب سهوه وتلعثمه، وسقوطه المتكرر، سواء على سلم الطائرة أم من دراجته الهوائية على مرأى وسائل الإعلام.
الأمر الآخر، أنه عُرف بزلات اللسان الكثيرة منذ أن كان عضواً في الكونغرس، وكان مساعدوه دائماً يخشون من ورطات قد يوقعه لسانه فيها. ومنذ توليه الرئاسة أدلى مرات عدة بتصريحات أحدثت حرجاً دبلوماسياً، بل وناقضت سياسات ومواقف معلنة للإدارة؛ مما اضطر موظفوه في البيت الأبيض، أو مسؤولو الخارجية إلى تصحيحها.
ولم يفت على الصحافيين أن بايدن يتفادى المقابلات الصحافية المنفردة ربما بنصيحة من مستشاريه خوفاً من المطبات وزلات اللسان. فهو حتى الآن يعد أقل رئيس يدلي بمقابلات صحافية منفردة، مقارنة بأسلافه من الديمقراطيين مثل باراك أوباما وبيل كلينتون، أو من الجمهوريين مثل جورج بوش الابن أو حتى دونالد ترمب الذي كان على عداء مع معظم وسائل الإعلام الكبرى.
ماذا بعد؟
إلى جانب ما سبق، فإن أكثر ما يؤذي بايدن هو الانطباع بأنه رئيس ضعيف. فبينما يقول أنصاره، إنه يتريث في قراراته ويوزن الأمور بميزان دقيق، ونجح في قيادة أميركا في أوقات عصيبة، بدءاً من جائحة «كورونا» وتداعياتها الاقتصادية، مروراً بحرب أوكرانيا وعودة أجواء الحرب الباردة، يرى منتقدوه أن قيادته الضعيفة، وافتقار إدارته إلى استراتيجية واضحة في السياسة الخارجية، أديا إلى إضعاف تأثير الولايات المتحدة على المسرح العالمي، بل وشجعا خصومها على محاولة مد نفوذهم على حساب المصالح الأميركية.
الانسحاب الفوضوي من أفغانستان كان بلا شك نقطة متدنية في العام الأول من رئاسة بايدن، وعرّض إدارته لانتقادات واسعة في الداخل والخارج، وجعل أميركا تبدو في موقف الطرف الضعيف بعد الانهيار السريع للحكومة الأفغانية وسيطرة حركة «طالبان» على البلاد في غضون أسابيع. العالم كان ينظر مذهولاً إلى مشاهد الأفغان الذين يركضون في المدرجات وراء الطائرات، ويتسلقون على أجنحتها وإطاراتها في محاولة يائسة للهروب، ويسقطون إلى حتفهم من الجو.
استطلاعات الرأي تقول، إن «كورونا»، وليس الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، كان في الواقع بداية مشاكل بايدن وتدني نسبة التأييد له. فعلى الرغم من أن إدارته حققت نجاحاً في بداية الجائحة من خلال دعم إنتاج اللقاحات ثم توزيعها، وكذلك من خلال حزمة المساعدات المالية، لكنها انتكست بعد ذلك بسبب متحور «دلتا» ثم «أوميكرون»؛ إذ عادت أرقام الإصابات إلى الارتفاع بشكل كبير. أضف إلى ذلك، أن الجائحة أحدثت انقساماً كبيراً مع وجود عدد كبير من الأميركيين الرافضين للقاحات والمتبنين لنظريات المؤامرة.
مشاكل الاقتصاد الناجمة عن تداعيات الجائحة ثم حرب أوكرانيا فاقمت الوضع وزادت الإحباط من بايدن؛ إذ عبّر 62 في المائة من الأميركيين عن استيائهم من تعامل الإدارة مع الأزمة الاقتصادية، بعد ارتفاع نسبة التضخم إلى أعلى مستوى منذ 40 عاماً؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية والوقود وتكلفة المعيشة عموماً.
هناك قضايا أخرى داخلية تساهم في زيادة الاستياء وسط قطاعات مختلفة إزاء إدارة بايدن؛ مثل ارتفاع نسبة الجريمة، وتعامل الشرطة مع الأقليات، لا سيما الأميركيين من جذور أفريقية، وموضوع الهجرة.
المشهد لا يبدو مشجعاً للديمقراطيين قبل الانتخابات النصفية للكونغرس في نوفمبر المقبل والتي قد تقلب موازين القوة تماماً وتجعل بايدن بطة عرجاء بقية فترته الرئاسية.
ستيف سيمونيديس، عضو اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، وضع إصبعه على جرح الديمقراطيين بصراحة «أن نقول إن بلدنا يسير على الطريق الصحيحة، سيكون بمثابة مفارقة صارخة عن الواقع». لهذا السبب لم تعد المطالبة بقيادة جديدة وجريئة تقود الحزب في السباق الرئاسي عام 2024، مجرد همس خافت يدور في دهاليز واشنطن، بل خرجت إلى العلن وسط قطاعات مقدرة من الديمقراطيين المحبطين.
وما لم يحدث تغيير في استراتيجية الحزب تمكنه من استعادة ثقة الناخبين، ولم يعدل بايدن من موقفه بشأن الترشح لولاية ثانية، فإن الديمقراطيين ورئيسهم يتجهون، في نظر الكثيرين، نحو هزيمة شبه محققة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رئاسة بايدن المترنحة رئاسة بايدن المترنحة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon