توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مجلس الأمن.. هل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟

  مصر اليوم -

مجلس الأمن هل يصلح العطار ما أفسده الدهر

بقلم:عثمان ميرغني

إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن مطلع الأسبوع الحالي أنَّه يدعم أن تصبحَ اليابان عضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، يفتح من جديد النقاشَ حول العملية المتعثرة لإصلاح المجلس الذي يعد من أهمّ مؤسسات الأمم المتحدة، وما يراه كثيرون خللاً واضحاً في تركيبته، وآلية عمله، والهيمنة التي يمنحها لخمس دول فقط من خلال تمتعها بحق النقض (الفيتو).
بايدن ربما طرح هذا الأمر الآن في سياق التحركات الأميركية لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد، والتحدي الذي باتت بكين تشكّله للولايات المتحدة اقتصادياً وعسكرياً. فإضافة دولة أخرى من منطقة المحيط الهادئ مثل اليابان لمجلس الأمن ومنحها عضويته الدائمة، يمكن أن يوفّرَ ثقلاً موازناً للصين في وقت تتزايد فيه التوترات في تلك المنطقة، ويحتدم صراع النفوذ الدولي، ويعود العالم إلى صقيع الحرب الباردة. وكانَ لافتاً أنَّه وتزامناً مع تصريحه بشأن دعم عضوية اليابان في مجلس الأمن، أطلق بايدن تصريحات أخرى مثيرة للانتباه والجدل قال فيها إنَّ الولايات المتحدة ستتدخل عسكرياً لحماية تايوان إذا تعرضت لهجوم صيني، مشبهاً أي غزو صيني للجزيرة بالاجتياح الروسي لأوكرانيا.
بغض النظر عن دوافع بايدن في اختياره هذا التوقيت لإعلان دعمه لطلب اليابان العضوية الدائمة في مجلس الأمن، فالحقيقة أنَّ النقاش حول إصلاح هذا المجلس قديم قدم الأمم المتحدة ذاتها، وظلَّ يتعثّر بسبب تضارب المصالح والرؤى، وكانت العقدة الأكبر هي حق النقض، الذي يعد في تقديري كعبَ آخيل في عملية الإصلاح المطلوبة، ما دام هناك دول تمارس من خلاله هيمنة تخل بمفهوم العدالة والمساواة في الأمم المتحدة.
فمنذ تأسيس الأمم المتحدة قبل 77 عاماً كرَّست الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، وتحديداً أميركا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين هيمنتها على المنظمة الدولية، من خلال منح نفسها ميزة وقوة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، مما يتيح لها حماية مصالحها ويمكنها من عرقلة أي قرار يتضارب مع هذه المصالح. صحيح أن المجلس يتكون من 15 دولة حالياً لكن مركز الثقل فيه يبقى في الأعضاء الخمسة الدائمين الذين يملكون وحدهم حق النقض. لذلك كانت هناك دائماً أصواتٌ تدعو إلى إلغاء هذا الحق الذي يخل بمبدأ العدالة والمساواة في المنظومة الدولية، بل ويعرقل قراراتها أحياناً. فما فائدة أي إصلاحات إذا بقي حق الفيتو في يد دولٍ تستخدمه متى شاءت لعرقلة أي إجراء أو قرار، بما يعني شل إرادة الأغلبية؟
بعض الدول مثل بريطانيا وفرنسا تقول إنَّها لم تستخدم حق النقض منذ عام 1989، وترى أنَّ الخلاف حول هذا الأمر لا ينبغي أن يعوق أو يعطل عملية الإصلاح في كل المجالات المتاحة. لكن هذا الموقف لا يحل الإشكالية المتمثلة في وجود حق النقض أصلاً، لا سيما أنَّ دولاً أخرى مثل أميركا وروسيا استخدمته مراراً وتَكراراَ. المفارقة أنَّ أيّاً من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن يستطيع إذا أراد عرقلة عملية الإصلاح في المنظمة الدولية التي ينادي بها كثيرون، ويعولون عليها من أجل إعادة التوازن لمنظمة أسهمت بلا شك في السلم العالمي، من خلال نزع فتيل كثير من المنازعات، سواء بالقرارات أو بإرسال قوات حفظ السلام، ويمكن أن تقوم بدور أكبر في وقت يشهد فيه العالم توترات متزايدة ويعود إلى عصر الحرب الباردة.
عملية إصلاح مجلس الأمن وتوسيعه في فئتي الأعضاء الدائمين وغير الدائمين تلقى تأييداً واسعاً، لكنَّها على الرغم من ذلك ظلت تصطدم بالخلافات وتراوح مكانها منذ تسعينات القرن الماضي. فتغيير تكوين مجلس الأمن لا يتم إلا بتعديل ميثاق الأمم المتحدة الذي يحدد في المادة 108 أن التعديل يمكن بقرار من الجمعية العامة يوافق عليه ثلثا أعضاء الجمعية، ويصدق عليه ثلثا الأعضاء، من بينهم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن. وقد حدثت هذه العملية مرة واحدة فقط عندما تم رفع عدد أعضاء مجلس الأمن إلى 15 عضواً وهو العدد الحالي، وذلك بزيادة عدد الأعضاء غير الدائمين من ستة إلى عشرة.
حتى الآن هناك ما يشبه التوافق على توسيع المجلس إلى 24 عضواً وربما أكثر قليلاً. وهناك عدد من الاقتراحات المقدمة من بينها اقتراح من الفريق التابع للأمين العام للأمم المتحدة، بإضافة تسعة مقاعد منها ستة مقاعد دائمة، لكنَّها لا تتمتع بحق النقض، وثلاثة مقاعد بالانتخاب كل عامين. وفي حال لم يؤخذ بهذا الاقتراح يكون البديل فئة جديدة من ثمانية مقاعد قابلة للتجديد كل أربع سنوات، ومقعد جديد غير قابل للتجديد لمدة عامين.
ووفقاً لميثاق الأمم المتحدة فإن مجلس الأمن «يقنن المبادئ الرئيسية للعلاقات الدولية، من المساواة في السيادة بين الدول إلى حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية»، لكنَّه بالتأكيد ووفقاً لوقائع التاريخ وشواهده، كثيراً ما فشل في هذين الأمرين. فليس هناك مساواة حقيقية بين الدول في ظل تمتع خمس دول في مجلس الأمن بحق الذي كثيراً ما استخدم لحماية المصالح الخاصة لهذه الدول، حتى لو تضاربت مع مواقف ومصالح ورغبات غالبية الدول الأعضاء في الجمعية العامة.
أما بالنسبة لمسألة حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية فحدّث ولا حرج، لأنَّ الدول الكبرى التي تتمتَّع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن وبوجه خاص أميركا وروسيا كثيراً ما خرقت هذا الأمر واستخدمت القوة، أو سكتت عن استخدام بعض حلفائها للقوة، أو دعمتهم باستخدام حق النقض.
وفي حين أنَّه يمكن لمجلس الأمن أن يلجأ إلى فرض عقوبات، أو حتى السماح باستخدام القوة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين أو استعادتهما، كما حدث في عدد من الحالات، فإنَّ هذا الأمر لا يمكن تطبيقه على الدول الخمس دائمة العضوية، لأنَّ أياً منها يمكن أن يمنع التنفيذ أو حتى صدور القرار باستخدام حق النقض.
إصلاح مجلس الأمن سيبقى في تقديري يدور في حلقة مفرغة، إذا لم يتم إلغاء حق النقض. فالمشكلة ليست في أن يكون للأعضاء الجدد الذين سيضافون للمجلس حق النقض أو لا يكون، بل في وجود مثل هذا الحق لأي من الأعضاء، لأنَّه يُخل بمبدأ العدالة والمساواة، ويعطي أفضلية لدول بعينها يمكن أن تسيء استخدامه لحماية مصالحها. ولأنَّ الإلغاء لن يكون سهلاً في ظل تمسك الدول الكبرى به، فعلى الأقل يتم وضع آليات تقيد استخدامه، وتضع ضوابطَ تمنع استغلاله، وذلك كإجراء مرحلي إلى أن يلهم العالم بحل يجعل مجلس الأمن ضامناً بالفعل للأمن والسلم الدوليين وبمنظور أكثر عدالة، وأكثر تمثيلاً للعالم من دون فرز أو هيمنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجلس الأمن هل يصلح العطار ما أفسده الدهر مجلس الأمن هل يصلح العطار ما أفسده الدهر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon