توقيت القاهرة المحلي 03:30:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الورقة الحاسمة في الانتخابات الأميركية!

  مصر اليوم -

الورقة الحاسمة في الانتخابات الأميركية

بقلم :عثمان ميرغني

حتى قبل الإعلان عن إصابة الرئيس دونالد ترمب بـ«كوفيد 19» كان واضحاً أن جائحة «كورونا» ستكون قضية مهمة في الانتخابات الأميركية. فالولايات المتحدة تتربع على رأس قائمة الدول المنكوبة بالجائحة بنحو سبعة ملايين وخمسمائة ألف مصاب بالفيروس، وأكثر من مائتي ألف من الوفيات منذ يناير (كانون الثاني) الماضي. كما أن التداعيات الاقتصادية كانت مدمرة وحرمت الرئيس من ورقته الأساسية التي كان يراهن عليها.
لكن بعد نقل ترمب إلى مستشفى وولتر ريد ومغادرته بعد ثلاثة أيام مثيرا الجدل حول الأسلوب الذي غادر به، بات مؤكداً أن جائحة «كورونا» ستكون القضية المسيطرة في الأيام المتبقية على الانتخابات. فالرئيس حسب ما نقلت الصحف الأميركية عن مقربين منه يستعد لتوظيف إصابته بـ«كوفيد 19» لصالحه انتخابيا من ثلاث زوايا. الأولى لكي يقول للناس إنه يعرف معاناة «كورونا» لأنه عاشها، وأنه يتعاطف مع كل المصابين ويتفهم أيضا قلق الناس. الزاوية الأخرى أن يظهر أمام الناس في دور الرجل الذي لا يخاف ويصارع حتى المرض الذي أرعب العالم. والثالثة أنه لا يختفي وراء الجدران، بل يقود من الأمام، ويخرج للقاء الناس في التجمعات الانتخابية رغم المخاطر، لأنه يريد التأكيد للأميركيين ألا يخافوا وأن يخرجوا إلى أعمالهم «لكي نعيد بناء اقتصادنا عظيماً مرة أخرى».
نيوت غينغريتش، رئيس مجلس النواب الأسبق وأحد المستشارين غير الرسميين لترمب، أعطى لمحة عن هذه الاستراتيجية الانتخابية قبل أربعة أيام عندما قال في مقابلة إن «الرئيس عاش التجربة ودخل المستشفى، كما أنه رجل قوي لا يهاب شيئا. نحن لسنا أرض المترددين ولا موطن الضعفاء».
الواقع أن ترمب ظل منذ البداية يهون من خطورة الجائحة التي شبهها ذات مرة بالإنفلونزا، وتحدى مستشاريه العلميين عند دعا إلى إعادة فتح الاقتصاد في وقت مبكر، كما أبدى عدم حماس لفكرة ارتداء الكمامات والبعد الآمن. ونشرت الصحف الأميركية أن البيت الأبيض كانت تسوده ثقافة عدم تشجيع ارتداء الكمامات لأن الرئيس يعتبرها علامة ضعف، ورسالة تذكر الناس بأزمة «كورونا» التي أثرت سلبا على حملته الانتخابية. ربما لهذا السبب ظهر الرئيس والمحيطون به في مناسبات عامة عديدة من غير كمامات، ومن دون اكتراث لمسألة البعد الآمن. وربما للسبب ذاته انتشر الفيروس في مقر الرئاسة وأصاب أكثر من 12 شخصا من المسؤولين والضيوف الذين حضروا الاحتفال الذي أقيم في حديقة البيت الأبيض بمناسبة الإعلان عن ترشيح القاضية إيمي كوني باريت للمحكمة العليا، وذلك قبل أيام قليلة من الإعلان عن إصابة ترمب بـ«كوفيد 19».
النظرة إلى ارتداء الكمامة على أنها ضعف كانت واضحة في الرسالة التي وجهها ترمب بعد مغادرته المستشفى في تغريدة على «تويتر» ثم في فيديو مسجل، عندما دعا الأميركيين لعدم الخوف من الفيروس، وألا يدعوه يسيطر عليهم وعلى حياتهم. وحرص الرئيس على أن ينزع الكمامة قبل دخوله إلى البيت الأبيض وأثناء وقوفه على الشرفة لتصوير الفيديو الدعائي الانتخابي الذي أعد له فريق حملته الانتخابية ورافقه خلاله من لحظة خروجه من باب المستشفى إلى الهليكوبتر الرئاسية التي أقلته إلى مقره.
مدى فاعلية استراتيجية ترمب لتوظيف مرضه وتأثيرها على الناخبين، سيتضح خلال الفترة المقبلة، وهي فترة حاسمة قبل الانتخابات التي يفصلنا عنها 25 يوما فقط. لكن الاستراتيجية أثارت انتقادات إذ وصفت صحيفة «واشنطن بوست» دعوة الرئيس الناس لعدم الخوف من «كوفيد 19» بأنها أسوأ تغريداته، مشيرة إلى خطر المرض والفيروس الماثلين أمام الأعين، ومذكرة بعدد الضحايا الأميركيين. كذلك خرج عدد من الأطباء ليحذروا من أن هذه الرسالة لا تتماشى مع نصائح الجهات الطبية والعلمية، ولا مع الحقائق المثبتة عن المرض في وقت عادت فيه الإصابات إلى الارتفاع حول العالم، ويحتاج الناس إلى أخذ الحيطة وكل سبل الوقاية الممكنة حتى يثبت تطوير لقاح فعال.
الحقيقة أن تعافي ترمب، إذا لم تحدث انتكاسة، فيه رسالة إيجابية، إذا غضضنا النظر قليلا عن الجدل الانتخابي الدائر. فالرئيس البالغ من العمر 74 عاما ويعاني من زيادة الوزن يصنف ضمن الفئة الأكثر تعرضا لخطر الإصابة بـ«كوفيد 19» ومضاعفاته، وكونه تعافى في هذه الفترة الوجيزة ومن دون مضاعفات خطيرة حتى اللحظة، إنما يؤكد أن الطب قطع مراحل متقدمة في فهم المرض، وفي استخدام أدوية فعالة لتقليل مضاعفاته وإعطاء المرضى فرصة أفضل في الشفاء. صحيح أن العناية التي تتوفر لرئيس لا تتوفر للمواطن العادي، وقد شفي من المرض كل القادة الذين أصيبوا به (9 من بينهم بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا، ورؤساء البرازيل وبوليفيا وهندوراس وغواتيمالا، ورئيسا وزراء روسيا وأرمينيا، وأمير موناكو، وولي عهد بريطانيا). لكن نسبة التعافي بين الناس العاديين حول العالم تتحسن أيضا مع تقدم وسائل السيطرة على المرض وبالتالي تتراجع نسب الوفيات.
هذا الكلام يعد شهادة للتقدم الذي أحرزه الأطباء والعلماء في فهم المرض وتطوير أساليب أكثر فاعلية في العلاج، لكنه لا يقلل من خطورة «كوفيد 19» الذي لا يزال يفتك بأعداد كبيرة من الناس حول العالم، ولا ينبغي أخذه على أنه دعوة للتخلي عن سبل الحيطة والوقاية التي تنصح بها الجهات العلمية والطبية حول العالم. ففيروس «كورونا» سريع الانتشار، وأي تراخ قد يعني عودته في موجات ثانية أو ثالثة ويصعب جهود الحكومات والجهات الطبية في احتوائه بانتظار تطوير لقاح فعال وعلاجات أكثر فاعلية. لهذا السبب سارعت عدة جهات لانتقاد رسالة ترمب الانتخابية بعد مغادرته المستشفى.
في كل الأحوال فإن جائحة «كورونا» تبقى حاضرة بشكل كبير في الانتخابات الأميركية، فهي على رأس قائمة اهتمامات الناخبين ومصادر قلقهم سواء بالنسبة للمرض أو تداعياته الاقتصادية المدمرة، ومن الصعب إلهاء الناس عن خطورتها. وحتى الآن فإنها تصب في غير مصلحة ترمب. فاستطلاعات الرأي التي نشرت خلال الخمسة أيام الماضية أشارت إلى أن الفارق يتسع لصالح بايدن لا سيما وسط فئة «الناخبين الرماديين» أو الشيب (من هم فوق سن الخامسة والستين)، وهي فئة كانت قد صوتت في أغلبيتها لصالح ترمب في انتخابات 2016 ففي استطلاع للناخبين في هذه الفئة أجرته شبكة «سي إن إن» ونشر أول من أمس جاءت النتيجة لصالح بايدن بفارق 21 نقطة (60 في المائة للمرشح الديمقراطي مقابل 39 في المائة لترمب). وفي استطلاع آخر وسط هذه الفئة أيضا أجرته شبكة «إن بي سي» مع صحيفة «وول ستريت جورنال» ونشر يوم الأحد الماضي جاءت النتيجة لصالح بايدن بنسبة 27 نقطة.
هذه النتائج وسط الناخبين الشيب تؤكد أن «كورونا» وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية ستكون العامل الأهم والحاسم في الانتخابات، وهو أمر مقلق لحملة ترمب التي تسعي جاهدة الآن لمحاولة قلب الطاولة، مؤملة فيما يعرف في أميركا بـ«مفاجأة أكتوبر (تشرين الأول)» الذي لم يتبق منه الكثير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الورقة الحاسمة في الانتخابات الأميركية الورقة الحاسمة في الانتخابات الأميركية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:53 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يرد على منتقديه في تجمع انتخابي بولاية جورجيا
  مصر اليوم - ترامب يرد على منتقديه في تجمع انتخابي بولاية جورجيا

GMT 04:30 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

قائمة الفائزين بـ"جوائز الكرة الذهبية" 2024
  مصر اليوم - قائمة الفائزين بـجوائز الكرة الذهبية 2024

GMT 19:22 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار عملية ومختلفة لتزيين الشرفة المنزلية الصغيرة
  مصر اليوم - أفكار عملية ومختلفة لتزيين الشرفة المنزلية الصغيرة

GMT 19:05 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حلا شيحة تكشف عن سبب ابتعادها عن الأعمال الرمضانية
  مصر اليوم - حلا شيحة تكشف عن سبب ابتعادها عن الأعمال الرمضانية

GMT 10:37 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

تعرف على من هو أحمد مناع أمين مجلس النواب 2021

GMT 06:45 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

أبرز فوائد فيتامين " أ " على صحة الجسم والمناعة

GMT 09:47 2020 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

عبد المهدي يتخلى عن معظم مهامه الرسمية

GMT 04:22 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ريم مصطفى تؤكد أن مسلسل "شديد الخطورة" تجربة مختلفة

GMT 07:44 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

سامي مغاوري يتحدى ابنه في "واحد من الناس" مع عمرو الليثي

GMT 21:05 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مصرية تطلب الخلع من زوجها وتتفاجئ من رد فعله

GMT 18:29 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شخص وإصابة اثنين فى حادث تصادم بالدقهلية

GMT 19:21 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

بوسى برفقة حلا شيحة فى أغرب إطلالة لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon