توقيت القاهرة المحلي 16:06:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

  مصر اليوم -

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني

بقلم: عثمان ميرغني

يأمل المرء في ألا يتحول مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية المقرر عقده يومي السبت والأحد المقبلين بدعوة من الخارجية المصرية، إلى مجرد مناسبة لالتقاط الصور، وإصدار بيانات وتصريحات لا تفضي إلى شيء، ولا تحرك جهود حل الأزمة السودانية خطوة إلى الأمام. المؤتمر سينجح في حالة واحدة وهي أن يتفق السودانيون أنفسهم على البحث بجدية عن الوفاق الشامل، ويوجهوا جهودهم وطاقاتهم نحو الخطوات المؤدية إلى ذلك. من دون ذلك سينفضّ مثل غيره من الاجتماعات التي عقدت بين الأطراف السودانية منذ اندلاع الحرب، وسنبقى ندور في حلقة مفرغة بينما الحرب تتمدد، والمخاطر تتزايد على البلد.

المساعي لمفاوضات بين الأطراف العسكرية متوقفة ولا أمل في استئنافها قريباً على الرغم من الدعوة الصادرة من الاتحاد الأفريقي. صحيح أن هناك أطرافاً مدنية تعول على الوساطة الأفريقية، لكن الواقع يوحي بأنه لا أمل حقيقياً في نجاحها بسبب التوتر الذي يسود علاقات الحكومة السودانية بعدد من الدول المتصدية لهذه الوساطة. فهناك اتهامات صريحة لعدد من دول الجوار الأفريقي بالانحياز لقوات الدعم السريع وتسهيل وصول إمدادات السلاح وقوافل المرتزقة إليها. وفي تصريحاته أول من أمس خلال مخاطبته للقوات في مدينة أم درمان وضع الفريق عبد الفتاح البرهان حداً لأي كلام عن احتمال مشاركته في اجتماع مع قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) تجاوباً مع ما دعا إليه الاتحاد الأفريقي، إذ قال إنهم لن يتفاوضوا مع قوات الدعم السريع في الوقت الذي تهاجم فيه الحاميات والمدن، وتحتل بيوت المواطنين، وتنهب ممتلكاتهم، وتشردهم، بل أضاف أنهم لن يتفاوضوا «مع أي شخص يدعم هذا العدو».

هل يعني ذلك أن كل السبل مغلقة أمام إمكانية إنهاء الحرب؟

ذكرت في مقال الأسبوع الماضي أن المدخل لإنهاء الحرب ليس بالضرورة في المفاوضات بين الجيش والدعم السريع، بل في مفاوضات شاملة واتفاق بين القوى السياسية والمدنية. فالحرب وإن اندلعت بين حملة السلاح، لكن من بين أهم الأسباب التي ساهمت فيها وقادت إليها انغماس القوى السياسية والمدنية في صراع عدمي إقصائي، شحن الأجواء وهيّأ لاشتعالها.

المشكلة أن الذين يتصدرون المشهد السياسي لم يتعلموا من التجربة المريرة التي أدخلت البلد في هذه الكارثة، بل مضوا في الطريق نفسه، وبقي الخطاب الإقصائي هو الأعلى. فبعض الناس أعماهم تماماً عداؤهم للكيزان حتى لم يعودوا يرون هذه الحرب إلا من منظور تدمير الكيزان وإقصائهم ولو كان الثمن تدمير الوطن. السودان يحتاج في هذا الوقت العصيب إلى رؤية جديدة، ومعالجات جريئة تنطلق من حقيقة أنه انتقل إلى فترة مختلفة عنوانها الحرب وليس الثورة التي وئدت للأسف وتجاوزتها التطورات الراهنة التي أصبحت هي هم الناس وشاغلهم، وبات كل تفكيرهم ينحصر في كيفية الخروج من هذه المحنة، واستعادة حياتهم، وإنقاذ البلد مما يحيط به من مخاطر.

الذين يصرون على المضي في الطريق الإقصائي يساهمون في الواقع في إطالة أمد الحرب، ولا يريدون أن يروا استحالة تطبيق مفهوم استئصال قوة سياسية من المشهد السوداني بقرار سياسي أو قانوني حتى، سواء كانوا الإسلاميين أم غيرهم. حظر حزب المؤتمر الوطني، سيكون في نهاية المطاف خطوة رمزية لعدة أسباب؛ أولها أنه يمكنهم العودة عبر لافتات وأسماء وتنظيمات جديدة. ثانياً أن المؤتمر الوطني كان لافتة عريضة جمعت تحتها إسلاميين وغير إسلاميين، ونظامهم انخرط فيه كثيرون، منهم من أصبح اليوم في عضوية تنسيقية القوى المدنية (تقدم)، بل إن قيادات الجيش والدعم السريع الذين يريدون التفاوض معها لإنهاء الحرب كانت في عضويته (المؤتمر الوطني). ثالثاً أن الإقصاء يجب أن يُترك للشعب؛ يقصي من يشاء عبر صناديق الانتخابات.

ما يحتاج إليه السودان اليوم ليس استمرار الصراعات العدمية، بل الانفتاح على وفاق شامل، ومن أجل ذلك تحتاج كل الأطراف إلى مراجعة جادة لمواقفها من أجل إنقاذ الوطن. الإسلاميون يحتاجون إليها من أجل الإقرار بأخطاء جسيمة ارتكبت منذ انقلابهم على الحكم المدني الديمقراطي عام 1989 والقبول بمبدأ محاسبة من ارتكبوا جرائم مدانة بالقانون. والقوى السياسية والمدنية الأخرى تحتاج إليها لكي تغادر محطة الإقصاء وتنفتح على فكرة التوافق على حوار شامل يفضي إلى مشروع وطني متفق عليه من الجميع ينقذ البلد من الكارثة الراهنة ويعيده إلى مسار الانتقال السلمي الديمقراطي. ومهما بدت فكرة الحوار الشامل صادمة للبعض فإنها تبقى الخطوة الشجاعة التي سبقنا إليها آخرون سواء في جنوب أفريقيا أو رواندا، مع اختلاف الظروف بالطبع، وهي إن تحققت فستكون المدخل الذي سيقود إلى إنهاء الحرب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني



GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

GMT 08:31 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

نتنياهو يغير «حزب الله»

GMT 08:27 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

بعد تحوّل حرب غزّة.. إلى حرب "بيبي"

GMT 08:17 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

معقول بيننا من يشمت بحزب الله ؟؟!

GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
  مصر اليوم - طائرة مساعدات إماراتية عاجلة لدعم لبنان بـ100 مليون دولار

GMT 10:19 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية
  مصر اليوم - منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية

GMT 11:21 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
  مصر اليوم - الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 12:39 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

بيكر يختار ليفربول بعد مستوى متميز مع روما

GMT 18:09 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

المصري النني يثير جدلا بسبب العلم الإسرائيلي

GMT 01:53 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تراجع أسعار الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 03:36 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

طريقة سهلة لتحضير الفطير باللحم الحار

GMT 20:17 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

اتحاد الكرة يخطر المقاصة بلعب مباراة بيراميدز بدون جمهور

GMT 10:01 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بروك شيلدز تُظهر تميُّزها خلال احتفالية "سيني بسترو"

GMT 03:02 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور مجدي بدران يكشف أسرار معتقدات خاطئة عن نزلات البرد

GMT 22:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة الفنان الأردني ماجد الزواهرة بسبب أزمة قلبية مفاجئة

GMT 04:36 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

"قبلة" تنهي حياة مولودة جديدة و"تأكل رئتيها ودماغها"

GMT 10:57 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

سعر ومواصفات رينو كابتشر S-Edition في فرنسا

GMT 07:42 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

قائمة بمستحضرات تجميل تجنبي استخدامها يوميًا

GMT 16:08 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

ممفيس ديباي يتلقى ضربتين موجعتين في فرنسا

GMT 08:59 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

فتاة تروى تفاصيل قصتها مع الزواج العرفي

GMT 21:05 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة والد زوجة الفنان هاني رمزي الثلاثاء

GMT 03:59 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

ارتفاع أسعار الذهب الأسواق المصرية الأربعاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon