توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السودان... لماذا استهداف الجيش؟

  مصر اليوم -

السودان لماذا استهداف الجيش

بقلم: عثمان ميرغني

خلال اليومين الماضيين انشغلت منصات التواصل الاجتماعي السودانية بواقعة مقاطعة كلمة ممثل المزارعين في مؤتمر تنسيقية القوى المدنية (تقدم) بمجرد أن أدان في حديثه الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها «قوات الدعم السريع» في ولاية الجزيرة. فقد طالب المقاطعون المتحدث بأن يدين أيضاً انتهاكات الجيش وقصف الطيران، وهو ما قام به الرجل، لكي يواصل كلمته.

المشكلة هنا أن في «تقدم» من يرى أنه لا يمكن إدانة «الدعم السريع» إلا إذا أرفقت بإدانة للجيش، وهو ما ظهر بشكل أكثر وضوحاً في تصريحات كثير من المتحدثين باسم التنسيقية في كثير من المناسبات والمنصات، ورسخ قناعة الكثيرين بأن خطاب «تقدم» كان ولا يزال منحازاً ضد الجيش لأسباب وحسابات سياسية. مذكرة حزب الأمة لإصلاح تنسيقية «تقدم» المرفوعة في مارس (آذار) الماضي وضعت يدها على هذا الأمر وأشارت إليه في فقرة صريحة تحدثت عن «غياب الحياد» و«وجود انحياز إعلامي لأحد طرفي الحرب»، والمقصود بالطبع هو الانحياز إلى جانب «قوات الدعم السريع». واقترح الحزب في أولى النقاط التي حددها في رؤيته لإصلاح المسار «التأكيد على ممارسة (تقدم) الحياد التام بين طرفي الحرب لنصلح كوسيط لوقفها. والسعي لتصحيح أي مسلك يتعارض مع ذلك».

بعد اجتياح «قوات الدعم السريع» لإقليم الجزيرة وما صاحبه من انتهاكات واسعة قوبلت باستهجان واستنكار واسعين من السودانيين، ثم بعد مذكرة حزب الأمة، ظهر بعض التغيير في خطاب قيادات «تقدم» لكن ليس بالضرورة في خطاب كثير من أنصارها الذين واصلوا هجومهم ومحاولاتهم لتشويه صورة الجيش، وتثبيط مقاتليه.

وحتى عندما عدل متحدثو «تقدم» خطابهم جزئياً فإنهم باتوا لا يدينون انتهاكات «الدعم السريع» إلا ويرفقونها في ذات الجملة بإدانة لانتهاكات الجيش، علماً أن البون شاسع بينهما. لا جدال في أن أي انتهاكات تحدث هي مدانة، لكن لا يمكن مساواتها في كل حالة. انتهاكات الجيش فردية وانتهاكات «الدعم السريع» منهجية شهد عليها العالم ومؤسساته الدولية، لذلك ما إن تدخل «قوات الدعم السريع» بلدة أو قرية إلا وتجد الناس يهربون منها، في حين أنه ما إن يدخل الجيش موقعاً إلا وترى الناس يحتفون ويحتفلون ابتهاجاً بمقدمه.

تركيز الحملات على استخدام الجيش لسلاح الطيران لم يكن جديداً وبدأته «قوات الدعم السريع» التي ظلت تشن الحملات الإعلامية لتشويه عمليات سلاح الطيران الذي يشكل خطراً كبيراً عليها، وكانت تأمل في أن تؤدي تلك الحملات إلى إدانات دولية تقود إلى فرض حظر على الطيران. تدريجياً انضم محسوبون على تنسيقية «تقدم» وقبلها على قوى الحرية والتغيير (قحت) إلى هذه الحملة وبات الهجوم على عمليات الطيران سمة متكررة في تصريحاتهم. يتحدثون عن قصف الجيش لبعض المواقع بالطيران وسقوط ضحايا مدنيين أحياناً، وهو أمر مؤسف بالتأكيد، لكنهم يتغاضون عن قيام «قوات الدعم السريع» بالقصف المتعمد للأحياء المدنية الآمنة الذي أودي بحياة كثيرين.

مضى الذين يهاجمون الجيش بعيداً في حملاتهم حتى إنهم حاولوا دمغ الجيش بأنه «جيش الدواعش»، وهي فرية مشينة في حق جيش البلاد، وسقوط مريع لمن يستخدمون هذا التشويه لتحقيق أغراض سياسية. فالجيش يبقى جيش البلاد بغض النظر عن أي ممارسات فردية، وبصرف النظر عن أي تحفظات، والإصلاح مطلوب ويتحدث عنه العسكريون أيضاً، لكنه الإصلاح وليس الهدم.

يتحدثون عن ثلاث جرائم نسبت لعسكريين من الجيش، وهي جرائم مستهجنة ومدانة بغض النظر عن الجهة التي نفذتها، وقد أدانها الجيش ذاته ووعد بالتحقيق فيها ومحاسبة مرتكبيها إن ثبت أنهم من عناصره، ومن مصلحته إعلان نتائج تحقيقاته للناس لتأكيد مصداقيته ورفضه لهذه الممارسات. الذين يهاجمون الجيش يحاولون استخدام هذه الحوادث المحدودة، ومساواتها بالانتهاكات الواسعة والممنهجة التي قامت وتقوم بها «قوات الدعم السريع».

كذلك فإنهم عندما هاجموا الاستنفار والدعوة للمقاومة الشعبية، اتهموا الجيش بأنه يريد تحويل الحرب إلى حرب أهلية وقبلية، في حين أنهم سكتوا تماماً عن الاستنفار القبلي الذي قامت وتقوم به «قوات الدعم السريع» وجلبها المرتزقة من الخارج في حملات مستمرة ومعلنة وموثق لها في كثير من مقاطع الفيديو المنتشرة.

الحرب ستتوقف في السودان عاجلاً أم آجلاً، لكن الاستقطاب الشديد الحاصل، والطريقة التي يُدار بها الصراع السياسي، سيكلفان البلد الكثير، ويزيدان من المخاطر التي يواجهها، ما لم يتعلم الناس أن يضعوا المصالح العليا للوطن فوق الحسابات والمصالح السياسية الضيقة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان لماذا استهداف الجيش السودان لماذا استهداف الجيش



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon