توقيت القاهرة المحلي 18:20:02 آخر تحديث
الاثنين 20 كانون الثاني / يناير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

«السلاح المنفلت» ومخاطره في المنطقة

  مصر اليوم -

«السلاح المنفلت» ومخاطره في المنطقة

بقلم - عثمان ميرغني

«نحن من نسيّر البلد حسب مشيئتنا... نحن الحكومة إلى أن تمتلك الحكومة جيشاً».
هذه العبارة الصاعقة يمكن أن تنطبق اليوم على عدد من الدول العربية التي تعاني من الحروب الداخلية ومن انتشار الميليشيات والسلاح، ويمكن أن تنسب إلى أي من قادة الحركات المسلحة التي يتزايد نفوذها وقوتها على حساب السلطة المركزية. لكن العبارة كما جرى تناقلها منسوبة في هذه الحالة إلى قائد «قوات الدعم السريع» السودانية المثير للجدل الفريق محمد حمدان دقلو، الشهير بـ«حميدتي»، الذي يدور الكثير من اللغط حول دور قواته في المشهد السوداني الداخلي.
بغض النظر عن مدى صحة هذا الكلام، فإن المهم هو أن عدداً من الدول العربية تعاني من مسألة وجود سلاح خارج عن السيطرة الكاملة للدولة، أو عامل خارج سياق أنظمتها وهياكلها الرسمية وأطرها القانونية والدستورية. فمن ليبيا إلى الصومال، ومن العراق إلى سوريا، ومن السودان إلى اليمن ولبنان، تبرز قضية الحركات والقوات والميليشيات، سمها كما شئت، التي تملك سلاحاً خارجاً عن سيطرة السلطة المركزية ويشكل تهديداً لها. الظروف قد تختلف من بلد إلى آخر، مثلما أن الأسباب قد تتباين، لكن تبقى القضية مصدر قلق للناس، وتهديد مستمر للأمن وللاستقرار إن وجد.
الميليشيات المسلحة تظهر إما رغماً عن السلطة المركزية وإما بدعم منها، أو إذا حدث فراغ نتيجة ضعف أو انهيار السلطة المركزية. كذلك قد تظهر الميليشيات بسبب مشاعر الغبن والتهميش، أو بسبب عوامل الخوف والاحتكاك الطائفي أو القبلي. الأمثلة كثيرة والأسباب متنوعة من قوات البيشمركة و«الحشد الشعبي» في العراق، إلى حركات دارفور في السودان وقبلها «الجيش الشعبي لتحرير السودان» الذي قاد الحرب في الجنوب منذ ثمانينات القرن الماضي وصولا إلى الانفصال عام 2011. هناك أيضا الحالة الليبية حيث أدى الانهيار الشامل وانتشار السلاح بكثافة بعد الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، إلى فوضى أمنية واقتتال من أجل السيطرة على السلطة والموارد حتى كادت ليبيا تصبح مثل الصومال المنهار والمنقسم والمتحارب منذ سقوط نظام سياد بري عام 1991.
اليمن نموذج آخر يحكي خطورة وجود سلاح خارج سيطرة الدولة والسلطة المركزية. فانتشار السلاح كان على الدوام مصدر ضعف وتهديد للسلطة المركزية، وكان من بين أسباب انحراف الأمور بعد أحداث الربيع العربي وما انتهت إليه من محاولة الحوثيين فرض سيطرتهم على زمام الأمور بدعم من إيران التي وجدتها فرصة لمحاولة مد نفوذها الإقليمي وتأجيج الصراع الدائر داخل هذا البلد وفي المنطقة. فإيران تعمل منذ سنوات على محاولة استنساخ تجربة «حزب الله» اللبناني ونقلها إلى دول أخرى، وبشكل خاص إلى العراق واليمن، وربما سوريا أيضاً. ففي اليمن تناقلت أنباء من مصادر مختلفة وجود مستشارين من «فيلق القدس» الإيراني يدعمون الحوثيين ويشرفون على تدريبهم على الصواريخ التي تطلق على السعودية. وفي سوريا يشارك الإيرانيون وحلفاؤهم سواء من «حزب الله» اللبناني أو من الميليشيات العراقية بشكل مباشر في الحرب إلى جانب النظام السوري. أما في العراق فإن النفوذ الإيراني تغلغل بدرجة دفعت عدداً من السياسيين العراقيين إلى المطالبة بفرض سلطة الدولة على سلاح «الحشد الشعبي» والسلاح العشائري.
التقديرات تشير إلى أن «الحشد الشعبي» يضم نحو 42 فصيلاً مدعوماً من إيران، وبإشراف مباشر من قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني. وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية سعت لتقنين وضع «الحشد الشعبي» وإلحاقه بالقوات المسلحة وفقاً للقانون الذي أجازه مجلس النواب، فإن الأمر لا يبدو مقنعاً للكثيرين الذين ينظرون إلى هذه القوات باعتبارها ميليشيا طائفية، وقوة موازية للقوات النظامية. صحيح أنها لعبت دوراً في محاربة «داعش»، لكن هذا لم يمنع البعض من أن يعتبر هذه الميليشيات خطراً أكبر من «داعش» على وحدة العراق التي تواجه امتحاناً آخر في كردستان.
السودان الذي اكتوى بتجربة انفصال الجنوب، سعى أيضاً لتقنين وضع الميليشيات التي استعان بها في حرب دارفور، فأصدر قانوناً خاصاً جعل «قوات الدعم السريع» تابعة للقوات المسلحة، كذلك أطلق حملة لجمع السلاح من بعض حلفاء الأمس، مما قاد إلى اصطدام مع موسى هلال قائد قوات «مجلس الصحوة الثوري» والجنجويد سابقاً، الذي نمت قواته وطموحاته في فترة ما إلى الحد الذي أقلق الحكومة وجعلها تسعى لتحجيم دوره ودور ميليشياته. وهناك من يتوقع أن تواجه الحكومة عاجلاً أم آجلاً تحدياً مشابهاً إن لم يكن أكبر، من قوات الدعم السريع وقائدها الطموح لا سيما مع النمو المتزايد لقدراتها وأدوارها.
القضية تبقى أن وجود ميليشيات مسلحة لأي سبب وتحت أي اسم أو غطاء في أي بلد، يمثل خطراً على الدولة ومؤسساتها وعلى أمنها وأمن شعبها. فالسلاح يجب أن يبقى في يد القوات المسلحة النظامية، وتحت سلطة الدولة وهياكلها العسكرية والأمنية محكوماً بالقوانين والدستور. ونزع سلاح الميليشيات وخطرها لا يمكن أن يتم إلا في إطار مصالحة وطنية شاملة تضمن المشاركة الواسعة لكل أطياف المجتمع ومكوناته وأقاليمه، وتزيل مشاعر الخوف والتهميش والغبن.

 

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«السلاح المنفلت» ومخاطره في المنطقة «السلاح المنفلت» ومخاطره في المنطقة



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 14:46 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

ياسمين صبري تعلق على ترشيحها لجائزة أفضل ممثلة
  مصر اليوم - ياسمين صبري تعلق على ترشيحها لجائزة أفضل ممثلة

GMT 09:10 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

حيل ونصائح لترتيب المطبخ غير المزود بخزائن

GMT 08:41 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 08:54 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل

GMT 20:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أنجلينا جولي تكشف عن شعورها تجاه عملها بعد رحيل والدتها

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 11:02 2015 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تفحم 4 جثث في حريق هائل في معرض سيارات في قليوب

GMT 12:38 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

أبرز وأفضل أماكن التزلج في لبنان

GMT 06:05 2017 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

أهمية نبات التبغ في علاج إصابات الملاعب والحروق

GMT 05:23 2022 الإثنين ,26 كانون الأول / ديسمبر

اعتراض قوي من كولر وعبد الحفيظ عقب تعادل الأهلي مع سموحة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon