توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا الديمقراطية الأميركية مهددة؟

  مصر اليوم -

لماذا الديمقراطية الأميركية مهددة

بقلم - عثمان ميرغني

بين أحاديث الحرب الأهلية والمخاوف على الديمقراطية، تجرى الانتخابات النصفية في أميركا الأسبوع المقبل، والتي لن تحدد من يسيطر على الكونغرس فحسب، بل كيف ستكون الفترة المتبقية للرئيس جو بايدن في البيت الأبيض، وما إذا كنا سنشهد إعلاناً قريباً من الرئيس السابق دونالد ترمب عن عزمه على الترشح لانتخابات 2024. الأهم من ذلك أن هذه الانتخابات تضع أميركا أمام تحد جديد ومختلف لديمقراطيتها.
الانتخابات تجري في أجواء استقطاب سياسي حاد، وانقسام مجتمعي، وأزمة اقتصادية خانقة، وفي وقت ما زالت أميركا تعاني فيه من آثار كابوس الهجوم على مقر الكونغرس في 6 يناير (كانون الثاني) 2021. فبينما يتوجه الناخبون للإدلاء بأصواتهم تستمر التحقيقات في الكونغرس بشأن تلك الأحداث التي هزت أميركا، وتتواصل محاكمات بعض المشاركين في اقتحام مبنى الكابيتول، وترتفع أصوات المنجرفين وراء نظرية المؤامرة الذين يرون أن انتخابات الرئاسة الماضية زورت و«سُرقت» من ترمب لصالح بايدن.
ترمب ذاته لم يتوقف عن تأجيج هذا الشحن في كل مناسبة سانحة، سواء في حملات الدعاية للمرشحين الذين يدعمهم في هذه الانتخابات، أو في المقابلات الصحافية، أو رسائله في وسائل التواصل الاجتماعي. ففي مشاركة له على منصته «تروث سوشيال»، أول من أمس، شكك مجدداً في العملية الانتخابية وآليات الديمقراطية الأميركية، وتبنى مزاعم أطلقها موقع إلكتروني يميني بأن عمليات تجري لتزوير نتائج الانتخابات النصفية في ولاية بنسلفانيا الأسبوع المقبل، وهي واحدة من الولايات التي قد تكون حاسمة في معركة السيطرة على مجلس الشيوخ.
أجواء الشحن هذه هي التي تدفع الكثيرين للتعبير عن قلقهم على مستقبل الديمقراطية، ومخاوفهم من تصاعد العنف السياسي وربما اندلاع حرب أهلية. فاقتحام مقر الكونغرس كان أحد مظاهر هذا العنف، وكذلك هجوم الأسبوع الماضي على منزل رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في سان فرانسيسكو والاعتداء على زوجها. فالمهاجم المتأثر بخطاب اليمين المتطرف، ونظرية المؤامرة ومزاعم «سرقة» نتائج انتخابات الرئاسة، أقر بأنه كان يبحث عن رئيسة مجلس النواب لتهشيم ركبتيها وأخذها رهينة.
في هذه الأجواء المشحونة والمتوترة يتوجه الناخبون إلى مراكز الاقتراع الأسبوع المقبل للإدلاء بأصواتهم في انتخابات ستكون لها تأثيرات كبيرة على رئاسة بايدن وعلى شكل الساحة السياسية الأميركية ليس فقط في العامين المتبقيين قبل معركة الانتخابات الرئاسية في 2024، وإنما لفترة طويلة بعد ذلك.
التاريخ ليس في مصلحة بايدن، فالرؤساء على الأغلب يخسرون الانتخابات النصفية، وآخر مرة فاز فيها حزب الرئيس في انتخابات الكونغرس النصفية كانت في عام 2002 إبان رئاسة جورج بوش الابن، وهي مسألة لعبت فيه أحداث سبتمبر (أيلول) 2001 دوراً واضحاً، إذ إنها رفعت شعبية الرئيس الأميركي داخلياً واستفاد الحزب الجمهوري من ذلك في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
الديمقراطيون يخوضون الانتخابات الأسبوع المقبل بينما شعبية بايدن في أدنى مستوياتها، وغالبية الناخبين يشعرون بالغضب من الضغوط الاقتصادية وسيعاقبونه وحزبه في التصويت. فمعظم التوقعات واستطلاعات الرأي تشير إلى أن الديمقراطيين سيخسرون سيطرتهم على مجلس النواب، بينما تبقى السيطرة على مجلس الشيوخ معلقة بمعارك فاصلة في عدد بسيط من الولايات منها جورجيا ونيفادا وبنسلفانيا، حيث تتقارب نسبة التأييد للمرشحين الديمقراطيين والجمهوريين وفقاً لآخر استطلاعات الرأي. مقعد واحد فقط يمكن أن يقلب الطاولة في مجلس الشيوخ ويعطي السيطرة لأي من الحزبين، إذ إن المجلس موزع حالياً بالتساوي بينهما حيث يشغل الجمهوريون 50 مقعداً، والديمقراطيون 48 مقعداً، إضافة إلى مقعدين يشغلهما عضوان من المستقلين المحسوبين على الديمقراطيين. وكفة الديمقراطيين في المجلس مرجحة حالياً فقط بصوت نائبة الرئيس كمالا هاريس.
أي فوز للجمهوريين في هذه الانتخابات سيكون نصراً لتيار «الترمبية» لأن عدداً مقدراً من مرشحي الحزب سواء للكونغرس أو لمناصب حكام الولايات أو الحكومات المحلية يسيرون على نهج الرئيس السابق ويتبنون مقولة إن انتخابات الرئاسة في 2020 «سُرقت» منهم. التحدي الذي يشكله هذا التيار للديمقراطية الأميركية وآلياتها يمكن تلخيصه في ثلاثة أشياء؛ أولها أن المشككين في نزاهة الانتخابات في أوساط الجمهوريين سيصل بعضهم إلى مناصب وهيئات تشرف على المصادقة على نتائج الانتخابات المستقبلية بما فيها انتخابات عام 2024 مما يثير احتمال عرقلتها أو إلغائها، وليس بعيداً عن الأذهان الضغوط التي مارسها ترمب وبعض مسؤولي إدارته السابقة لإلغاء أو تعديل نتائج التصويت في ولايات حددت نتيجة انتخابات الرئاسة الماضية.
الأمر الثاني يتمثل في أن عدداً من المرشحين الجمهوريين في مختلف المستويات صاروا يرفضون قبول نتيجة الاقتراع الديمقراطي إلا إذا جاءت لمصلحتهم، أو سيعتبرونها مزورة. وقد سمعنا بعض المرشحين لانتخابات الأسبوع المقبل يتحدثون بمثل هذه اللهجة ويعطون قبولاً مشروطاً لنتائجها مستخدمين تعبيرات قابلة للتأويل مثل أن تكون النتيجة «عادلة» و«نزيهة».
الأمر الثالث أن هذا التشكيك في الآليات الديمقراطية بدأ ينتقل إلى عامة الناس ويبعث فيهم عدم الثقة في الانتخابات وديمقراطية بلادهم. فقد وجد استطلاع نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أن 28 في المائة من الناخبين يقولون إنهم لا يثقون كثيراً بدقة نتائج الانتخابات، أو بمعنى آخر يشككون فيها ولا يستبعدون تزويرها. هذه النسبة ترتفع لتصل إلى41 في المائة بين الناخبين الجمهوريين.
الرسالة ذات الدلالة الكبرى في الاستطلاع أن 71 في المائة من الناخبين يرون أن الديمقراطية الأميركية في خطر.
هذه هي الأجواء التي تجري فيها الانتخابات النصفية الأسبوع المقبل بكل ما يمكن أن تؤدي إليه من آثار تنعكس على الأوضاع الأميركية لفترة طويلة قادمة. والصورة ستكون قاتمة أكثر لانتخابات 2024 إلا إذا وجد الجمهوريون والديمقراطيون الشجاعة لتجاوز بايدن وترمب، وتقديم وجوه جديدة بخطاب يساعد في ترميم الشروخ العميقة التي خلفتها انتخابات الرئاسة الماضية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا الديمقراطية الأميركية مهددة لماذا الديمقراطية الأميركية مهددة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon