توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تطيح كامالا هاريس ترمب؟

  مصر اليوم -

هل تطيح كامالا هاريس ترمب

بقلم :عثمان ميرغني

في اختياره لكامالا هاريس كمرشحة لمنصب نائب الرئيس في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حقّق المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن، ثلاثاً من المواصفات التي كان قد حددها قبل أشهر للشخصية التي ستخوض الانتخابات معه في بطاقة الديمقراطيين. المواصفات هي أن تكون الشخصية امرأة، وأن يكون هناك توافق في السياسات والقضايا الرئيسية، وأن تكون جاهزة لتولي الرئاسة مستقبلاً.
ما لم يقله بايدن، لكنه كان واضحاً منذ فترة أن المرشحة المطلوبة يفضل أن تكون أميركية من السود. فالحزب الديمقراطي لديه قاعدة قوية وسط الأميركيين من جذور أفريقية، وترشيح شخصية مثل كامالا هاريس سيكون نقطة جذب لهم، ولا سيما في الوقت الذي تمر فيه أميركا بتوترات شديدة مع حوادث قتل أميركيين من جذور أفريقية، إما على أيدي الشرطة أو على أيدي بيض في ظروف جددت الجدل حول التفرقة العنصرية، وأدت إلى احتجاجات واسعة امتدت خارج أميركا بعد مقتل جورج فلويد اختناقاً تحت ركبة شرطي في مينيابوليس أواخر مايو (أيار) الماضي.
فإلى جانب كامالا درست حملة بايدن 4 سيدات أخريات من السود، من أبرزهن سوزان رايس مستشارة الأمن القومي السابقة في فترة رئاسة باراك أوباما، التي تردد اسمها بقوة كمرشحة محتملة.
باختياره لكامالا يكون بايدن حقق صفة رابعة للشخصية المنتقاة بعناية فائقة. ذلك أن كامالا هاريس أصبحت أول أميركية سوداء البشرة ترشح لمنصب نائب الرئيس. ليس ذلك فحسب، بل هي أيضاً أول امرأة من جذور آسيوية ترشح للمنصب. فهذه السيدة البالغة من العمر 55 عاماً، والدها أميركي جامايكي، وأمها أميركية مهاجرة من تاميل نادو بالهند.
وعلى الرغم من أن أمها شيمالا غوبالان المتوفاة في عام 2009 حرصت على ربط بنتيها بجذورهما الهندية مع تربيتهما الأميركية، فإنها كانت واعية إلى أهمية تنشئتهما على أساس الانخراط في مجتمع الأميركيين السود، على أساس أن النظرة إليهما سيحكمها لون البشرة. والأم التي عملت باحثة في مجال سرطان الثدي أعطت لابنتيها اسمين من الإرث الهندوسي، فالكبرى كامالا ديفي هاريس، والصغرى مايا لاكشمي هاريس، وكانت تأخذهما في صغرهما إلى المعابد الهندوسية مع ارتيادهما للكنيسة أيضاً. ولأن الوالدة التي أشرفت على تربية ابنتيها بعد طلاقها من زوجها البروفسور دونالد هاريس كانت ناشطة في حركة الحقوق المدنية، فإن البنتين درستا القانون، واتجهتا للنشاط السياسي في الحزب الديمقراطي.
هناك بالطبع من يرى أن اختيار كامالا يدعم حظوظها مستقبلاً للمنافسة على أن تصبح أول رئيسة داكنة البشرة للولايات المتحدة، بعد أن أصبح باراك أوباما أول أميركي من جذور أفريقية يتولى الرئاسة. فهذه السيدة لا تخفي طموحاتها الكبيرة، إذ إنها بعد أقل من 4 سنوات في مجلس الشيوخ، دخلت حلبة المنافسة لكي تفوز بفرصة الترشيح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي. ولكن بعد بداية قوية لحملتها الانتخابية، بدأت حظوظها تتراجع، فانسحبت من السباق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بسبب شحّ التبرعات والموارد المالية، وأعلنت دعمها القوي لحملة بايدن الذي اصطدمت معه عدة مرات خلال المناظرات الانتخابية.
ماذا يمكن أن تضيف كامالا لحملة بايدن؟
بشكل عام، فإن ترشيحها قوبل بترحيب واسع، لكن الرئيس دونالد ترمب لم ينتظر، بل سارع لتوجيه انتقادات لاذعة لها، واصفاً إياها بالشريرة واللئيمة، وقائلاً إنه لن ينسى الطريقة التي استجوبت بها مرشحه للمحكمة العليا القاضي بريت كافانو لدى مثوله أمام الكونغرس. هذه المهارة في الاستجواب التي استفزت ترمب، ورفعت أسهم كامالا، تعود إلى خلفيتها القانونية في الدراسة والعمل، وطموحها الكبير، ما أوصلها لتصبح أول امرأة سوداء تتقلد منصب المدعي العام لسان فرانسيسكو، ثم لتنتخب مرتين لمنصب المدعي العام لولاية كاليفورنيا، ومنه ترشحت ودخلت الكونغرس عضواً في مجلس الشيوخ، لتصبح ثاني امرأة سوداء في تاريخ المجلس.
كل هذه الصفات والقدرات ستفيد كثيراً حملة الديمقراطيين، وستضفي عليها حيوية، ولا سيما أن بايدن ليس خطيباً بارعاً ولا هو شخصية استقطابية، ما جعل ترمب يلقبه بـ«جو النعسان». فكامالا أظهرت قدرة على شنّ هجوم كاسح على ترمب بشكل منهجي وقوي يصل إلى أسماع الناس بسهولة، خصوصاً ما يتعلق بمجالات ضبط الأمن وفرض القانون مع احترام الحقوق المدنية، ومخاطبة بواعث قلق الأقليات وقضايا التفرقة العنصرية وعنف الشرطة. وفي كثير من خطاباتها لم تتردد في وصف خطاب ترمب بالعنصري، حتى فيما اعتبرته فشله الذريع في مواجهة جائحة كورونا والآثار المدمرة التي خلفتها على أميركا، وبشكل خاص على الأميركيين من جذور أفريقية وآسيوية والهسبانك. وهجوم ترمب المبكر عليها يعكس قلق حملته من تأثيرها، فبايدن وحده كان هدفاً سهلاً للسان الرئيس اللاذع، لكن كامالا قد تصبح الورقة الرابحة لإنعاش حملة الديمقراطيين لاستعادة البيت الأبيض من رئيس جمهوري مثير للجدل بكل المعايير.
كامالا أيضاً ستكون أقدر على مخاطبة الشباب الذين قد يشكلون ورقة مهمة للديمقراطيين مع النساء في انتخابات نوفمبر. لكن الأهم أن ترشيحها سيدعم مركز بايدن في مخاطبة قطاع الأقليات المهم بالنسبة لحملته، وبوجه خاص الأميركيون من جذور أفريقية بعدما قفزت قضية العنصرية وعنف الشرطة إلى الواجهة بقوة بعد مقتل جورج فلويد. كذلك، فإن ترشيحها يعيد تأكيد اهتمام الديمقراطيين بالصوت النسائي، بعد هزيمة هيلاري كلينتون في انتخابات 2016 أمام ترمب.
الأمر الوحيد الذي قد يضعف من تأثير كامالا في الحملة، أن الانتخابات سيسيطر عليها موضوع جائحة كورونا وتداعياتها على حياة الناس وعلى الاقتصاد. كما أن الجائحة تؤثر أيضاً على شكل الحملات الانتخابية بتقليص المهرجانات والتجمعات الكبرى، وربما ينعكس الأمر بدرجة أقل على المناظرات بين المرشحين التي ستجرى بالتأكيد وفقاً لشكل الحياة في عصر «كوفيد - 19».
إذا فازت بطاقة الديمقراطيين في الانتخابات المقبلة، فإن هاريس ستكون حسب مواصفات بايدن «جاهزة لتولي الرئاسة مستقبلاً»، وهو تاريخ قد يكون أقرب من المتوقع. فبايدن سيكون في الثامنة والسبعين من العمر إذا فاز ودخل البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) المقبل، وسيصبح أكبر الرؤساء سناً في تاريخ الولايات المتحدة، وبذلك فإنه قد يكون رئيساً لولاية واحدة إذا كتب له العمر وأكملها، ما يفتح الطريق لكامالا لكي تصبح مرشحة الحزب الديمقراطي في 2024.
حتى إذا قرر بايدن المنافسة على ولاية ثانية، فإن حظوظ نائبته ستبقى قوية لخلافته، وهو أمر إن حدث فسيضيف صفحة أخرى في قصتها التي تستشهد بها كنموذج لـ«الحلم الأميركي»، وللتنوع الإثني والديني والثقافي في خلفيتها كابنة مهاجر جامايكي وأم مهاجرة هندية وزوجة محامٍ يهودي، حقّقت نجاحاً مذهلاً وضعها في طريق قد يقودها إلى البيت الأبيض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تطيح كامالا هاريس ترمب هل تطيح كامالا هاريس ترمب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon