توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران بين تخبط النظام وثورة الشارع!

  مصر اليوم -

إيران بين تخبط النظام وثورة الشارع

بقلم:هدى الحسيني

في الشهر الماضي أشرت إلى زيارة قام بها علي لاريجاني وشقيقه إلى مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي بحضور نجل المرشد مجتبى، وقد أفتى المرشد بضرورة إنزال أشد العقوبات على المتظاهرين بما فيها الإعدام. وقد رددت الصحف الإيرانية المتشددة فتوى المرشد ونشرت صحيفة «كيهان» في عناوينها الرئيسية «يجب تنفيذ الإعدامات من دون تردد». وقد ساء هذا نهج كثيرين من أركان النظام الأكثر اعتدالاً وقاطعوا الاجتماعات التي دعا إليها الرئيس إبراهيم رئيسي والتزموا منازلهم احتجاجاً على ما تقوم به السلطة القمعية من تنكيل وقتل.
وكان الرئيس الإيراني أمر قوى السلطة بقيادة بور محمدي بقمع المتظاهرين بلا رحمة ولا هوادة، وقد أعلنت منظمة «هيومن رايتس واتش» عن اعتقال أكثر من 8000 شخص من المتظاهرين وعائلاتهم، ومن يشك في تعاطفهم مع الانتفاضة. وقالت المنظمة إن عدد القتلى ممن سقط برصاص الباسيج بلغ حتى بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) 237، بينهم أطفال ونساء. وقد تم إعدام مجيد رضا زهنود في سجن مشهد المركزي وإعدام محسن شكاري في طهران. كما أعلن عن وفاة ناشطة في منظمة حقوق المرأة اسمها إيدا رستمي كانت تقدم مساعدات طبية لجرحى التظاهرات وأعلن أن سبب وفاتها كان سقوطها من مبنى وارتطامها بالأرض. وأعدمت مصممة أزياء اسمها ريحانة ملايري قدمت عروضاً لأزياء نسائية غير مطابقة لتعليمات نظام الملالي، وقد تم تلفيق تهمة قتل ضدها وأعدمت من دون محاكمة. وكان تم إعدام بطل الملاكمة علي المطيري في خوزستان بعد تصديه لقوة من الباسيج اقتحمت منزله. يذكر أن المطيري مثل بلاده في الألعاب الأولمبية في كوريا الجنوبية. وقد استمر النظام بقطع الإنترنت عن كامل الأراضي الإيرانية وأصبح التواصل مع العالم الخارجي وبين المناطق الداخلية محصوراً بتسجيلات صوتية تنقل صورة ما يحدث كما كان الأمر في ثمانينات القرن الماضي. وقد تم استدعاء سفراء إيران إلى فرنسا وأستراليا والدنمارك لتبليغهم شجب ما يحدث وطلب التوقف عن ممارسة القمع والقتل والاعتداء على حقوق الإنسان. كما صرح ناطق باسم الخارجية الصينية بأن الوضع الإيراني غير مستقر ويدعو إلى القلق. والموقف الصيني أثار حفيظة النظام الإيراني الذي راقب بقلق المشاريع الموقعة بين الصين والمملكة العربية السعودية، كما أثاره الموقف البريطاني فأرسل عملاءه يكتبون على جدران السفارة البريطانية في طهران اساءات مثل: وكر الجواسيس. وقد ساعد إيرانيون شبان وصبايا السفير البريطاني سايمون شركليف على إزالة هذه العبارات.
وفي معلومات نقلتها مصادر دبلوماسية غربية قيل إن إبراهيم رئيسي حصل على تفويض من المرشد علي خامنئي بتسلم كل صلاحياته عند الحاجة لأسباب صحية تمنعه من ممارستها، وقد أودع المرشد نسخة عن التفويض مع نجله مجتبى. ومن المعلوم أن صحة المرشد غير جيدة وهو يعاني من سرطان متقدم وغير قابل للعلاج. وقد أبدت المصادر الدبلوماسية قلقاً كبيراً من الصلاحيات المطلقة لإبراهيم رئيسي الذي قام أثناء رئاسته لجهاز القضاء بإعدام الآلاف بسبب معارضتهم لنظام الملالي. وكشف رجل الدين علي منتظري في مذكراته أن إبراهيم رئيسي الذي ترأس لجنة «الموت الرباعي» أشرف على إعدام 3800 شخص، وقد استحق بموجب ذلك لقب «قاضي الإعدامات».
تمتلئ الشوارع في عشرات المدن الإيرانية بالغاضبين في الاحتجاجات الشعبية التي استمرت بالفعل لفترة أطول بكثير من تلك التي حدثت في عامي 2009 و2019.
وتدعو أعداد كبيرة من الإيرانيين إلى إطاحة رجال الدين الاستبداديين الذين يحكمون البلاد. «المرأة، الحياة، الحرية» هي صرختهم، وإطاحة نظام علي خامنئي هدفهم.
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يرفض بطبيعة الحال المتظاهرين: «علينا أن نفصل بين الاحتجاج الشرعي وأعمال الشغب»، وقال إن «الخط الأحمرللجمهورية الإسلامية هو حياة الناس وممتلكاتهم».
لكنه يعرف بالتأكيد، كما كتب أحد المراقبين، أن المظاهرات هي «أخطر تهديد للجمهورية الإسلامية منذ الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينات». ويظهر رد النظام القاسي أنه يؤمن بهذا التقييم.
يسعى النظام في إيران إلى المزيد من عمليات الإعدام لمعاقبة المتظاهرين، لكن الإيرانيين صامدون. لا يزال اسم مهسا أميني على شفاههم ولا تزال ذكرى مئات القتلى الآخرين - وكثير منهم لم تُذكر أسماؤهم - في قلوبهم.
جاءت الاحتجاجات في أفضل الأوقات وأسوئها. الأفضل، لأن ثيوقراطية خامنئي، الذي يحكم منذ عام 1989، بغيضة عندما يتعلق الأمر بالمرأة واحترام حقوق الإنسان بشكل عام.
تم دعم الاحتجاجات بأعمال جريئة لم يسبق لها مثيل من قبل - مثل اختراق التلفزيون الحكومي الذي يظهر صورة لخامنئي تلتهمها النيران، ورفض المنتخب الوطني الإيراني لكرة القدم غناء النشيد الوطني في مباريات كأس العالم في قطر، وانتقاد النظام من قبل لاعب كرة قدم كردي في إيران، تم اعتقاله.
تستحق الاحتجاجات الدعم العالمي، وقد دعمتها إلى حد كبير جميع الحكومات الديمقراطية تقريبا.
وسمح مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإنشاء آلية لتقصي الحقائق بهامش واسع 25 مقابل 6، مع امتناع 16 عضوا عن التصويت. وقال رئيس المجلس، فولكر تورك: «نحن الآن في أزمة كاملة في مجال حقوق الإنسان».
وذكرت التقارير الصحافية أن النظام سيحل شرطة الأخلاق، ولكن من الصعب تصديق ذلك. من المؤكد أن خامنئي يدرك التحذير الشهير لأليكسيس دي توكفيل: «أخطر لحظة على حكومة سيئة هي عندما تبدأ في إصلاح نفسها».
إنه أيضا أسوأ الأوقات، بسبب دعم الولايات المتحدة للمتظاهرين، كما أن دعم الاحتجاجات يضع المحادثات النووية على المقعد الخلفي، وربما لا يتم إحياؤها أبدا. على كلٍّ يوم الاثنين الماضي التقطت الكاميرا الرئيس الأميركي جو بايدن وهو يعترف بأن الاتفاق النووي الإيراني «ميت». في إشارة واضحة إلى أن واشنطن تخلت سراً عن آمال استعادة الاتفاق.
من جهتها، ذكرت وسائل الإعلام الغربية بشكل غير دقيق أن النظام الإيراني ألغى دوريات شرطة الأخلاق في 4 ديسمبر (كانون الأول).
في الواقع لم يقدم النظام مثل هذا التنازل. أساءت الوسائل الغربية تفسير تصريحات المدعي العام محمد جواد منتظري في 3 ديسمبر.
منتظري وردا على سؤال صحفي أشار إلى أن قوات الأمن خفضت دوريات شرطة الأخلاق في الأشهر الأخيرة، وهو بيان صاغته بعض وسائل الإعلام الغربية عن طريق الخطأ على أنه تأكيد على أن النظام ألغى الدوريات. أوضحت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية في وقت لاحق أن منتظري أقر فقط بانخفاض الدوريات، بدلا من الإعلان عن إنهاء دورها. ولم يشر أي مسؤول إيراني آخر إلى أن النظام أنهى الدوريات.
من المرجح أن ينظر خامنئي إلى أي إصلاح من هذا القبيل على أنه براغماتية مؤقتة لضمان بقاء النظام. جادل خامنئي باستمرار بأن النظام لم يؤدلج عقول الناس بعد بما فيه الكفاية، ويصر على أن التلقين العقائدي الاجتماعي هو الحل الحقيقي للعديد من مشاكل إيران.
إن فكرة أن النظام في عهد خامنئي سيخفف من سياسات مثل الحجاب الإلزامي تتعارض بشكل أساسي مع رؤيته للمستقبل التي ترفض الإصلاح.
لا شك أن النظام الإيراني يتخبط وهو لا يستطيع استيعاب أن القمع والقتل لن يجديا في ظل أوضاع اقتصادية عالمية خانقة تهدد دولاً أكثر تطوراً واستقراراً، فكيف بإيران التي تعاني من ويلات العقوبات المستمرة منذ عقود والتي لم يواكب نظامها تطلعات الشعب وبالأخص الشباب.
فالمنتفضون لن يتوقفوا لأنه لا أمل لديهم بوجود نظام متحجر لا يؤمن الحد الأدنى من تطلعاتهم، ومع استمرارهم سيستمر إبراهيم رئيسي بأداء دور قاضي الإعدامات كما فعل من قبله كل الطغاة، وفي النهاية سينهار النظام. وقد يسرّع رحيل المرشد بتغيير النظام وعندها يكون انتقاله إلى أجله المحتوم رحمة للشعب الإيراني الذي تحمل الكثيرعلى أيدي الملالي. على كل أعلنت مجموعات من الشباب عن تشكيل منظمة شاملة «تحالف شباب الأحياء». ذكر التحالف أن أهدافه هي «تنسيق التخطيط لدفع الثورة إلى النصر وكذلك إنشاء البنية التحتية اللازمة لإدارة شؤون البلاد خلال الفترات الحرجة من انتقال السلطة». هناك كثير من عدم الوضوح في مستقبل النظام الإيراني ومستقبل إيران كدولة موحدة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران بين تخبط النظام وثورة الشارع إيران بين تخبط النظام وثورة الشارع



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon