توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تكلفة الحرب في سوريا وراء أزمات إيران!

  مصر اليوم -

تكلفة الحرب في سوريا وراء أزمات إيران

بقلم - هدى الحسيني

تكاثر مهنئو إيران بانتهاء الأزمة الأخيرة، ومنهم من سافر إلى طهران ليقدم التهاني وجهاً لوجه، لكن الأزمة لم تنتهِ وهي جد معقدة، وفقاً لتقارير إعلامية أثارت قفزة في أسعار الدواجن ومشتقاتها المظاهرات. وتدعي السلطات الإيرانية أن ارتفاع أسعار البيض بنسبة 40 في المائة كان بسبب تفشي إنفلونزا الطيور، على الرغم من أن سعر البيض ارتفع بنسبة 30 في المائة اعتباراً من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كما انخفض سعر الريال الإيراني في السوق السوداء إلى 42 ألف ريال لكل دولار، من 39 ألفاً، مما أدى إلى ارتفاع كبير إنما غير مبالغ فيه بالنسبة إلى معدل التضخم الإجمالي الذي يبلغ الآن حوالي 11 في المائة.

ارتفاع سعر البيض مزعج، لكنه وحده لا يسبب خروج مئات الآلاف من كل المناطق إلى الشوارع، وكانت إذاعة «فاردا»، قبل أن تغلق السلطات وسائل التواصل الاجتماعي نشرت في الثاني من الشهر الحالي فيديو يظهر فيه المتظاهرون وهم يحرقون مركزاً للشرطة في مدينة غاهداريجان التي تبعد 24 كلم عن مدينة أصفهان، وغاهداريجان صغيرة ولا أحد يفكر فيها، لكن القرويين شعروا بالظلم، فنهر زاياناده رد (معطي الحياة)، الذي يروي أصفهان، يجف قبل وصوله إلى قريتهم، وهذا ضحية سوء إدارة إيران للموارد المائية المتضائلة.
احتجاجات غاهداريجان بدأت منذ زمن. وقبل عامين حذر عيسى كالنداري مستشار وزارة البيئة الإيرانية من أن 50 مليون إيراني سيُتركون من دون مياه بسبب استنفاد 70 في المائة من المياه الجوفية وإساءة تغيير مجرى الأنهار للتعويض.

يقول محدثي، إن الزراعة في إيران تستهلك 92 في المائة من المياه، وعدم المحافظة على المياه دفع فلاحي تلك الأراضي إلى المدن التي تعاني بالفعل من حوالي 30 في المائة من بطالة الشباب. وكان الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد أدرك أن تغيير المناخ وسوء إدارة المياه يدمران مزارع الأسر، فقدم إعانات مادية للأسر التي تكافح من أجل توفير الطعام لأولادها، وعندما لمح الرئيس الحالي حسن روحاني إلى أنه سيقلل من هذه الفوائد، ثارت الاحتجاجات. وفي حين أن الاضطرابات في الأسابيع الأخيرة كانت بسبب ارتفاع أسعار البيض والتخفيضات للإعانات، إلا أن من أكبر التحديات الاقتصادية في إيران سببها موجة الجفاف الشديدة التي بدأت أواخر التسعينات، ويقول محدثي إن إيران معرضة بشكل متزايد للتغيير المناخي، وأن منطقة الخليج وبحلول عام 2070 يمكن أن تشهد ارتفاعاً كبيراً في موجات الحرارة، هذا وفقاً لدراسة معهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا» نشرها عام 2015. ثم إنه في الصيف الفائت سجلت إيران واحدة من أعلى درجات الحرارة على الأرض (53,72 درجة مئوية).
في السنوات الأخيرة أقرت الحكومة الإيرانية بأن تغيير المناخ يشكل تهديداً حاداً. وخلال العام الماضي حذر عدد من المراقبين من حدوث أزمة اقتصادية وشيكة. ومن جهة أخرى، تتراوح تقديرات الإنفاق العسكري الإيراني في سوريا من 6 مليارات دولار إلى 15 أو 20 مليار دولار سنوياً، ويشمل ذلك 4 مليارات دولار من التكاليف المباشرة، فضلاً عن الدعم المقدم لـ«حزب الله» في لبنان وغيره من المجموعات المسلحة التي أنشأتها إيران وتسيطر عليها. يقول محدثي: لنفترض أن التقديرات الأقل هي الأقرب إلى الحقيقة، فيتبين أن تكلفة الحرب السورية على النظام الإيراني تساوي تقريباً العجز الكلي في ميزانية البلاد الذي يصل سنوياً إلى 9,3 مليار دولار. ويضيف أن النظام الإيراني على استعداد للتضحية بالاحتياجات الأكثر إلحاحاً للاقتصاد الداخلي لصالح طموحاته في سوريا. وحسب البنك المركزي فإن إيران خفضت الإنفاق على التنمية إلى الثلث، مع تراجع إيرادات الدولة عن التوقعات خلال الفصول الثلاثة المنتهية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
تعاني إيران من أزمات متعددة وشعور عميق بالضيق. إدارة المياه ليست سوى واحد من الكثير من العجز المخفي الذي تراكم على إيران منذ الثورة عام 1979؛ إذ تواجه أجزاء كبيرة من نظام المعاشات للمتقاعدين الإفلاس على المدى القصير. والمتأخرات السنوية للحكومة إلى نظام الضمان الاجتماعي الذي يعاني من النقص في التمويل، هي عدة مرات حجم عجز ميزانيتها الرسمية، ومع نسبة الإيرانيين الذين وصلوا إلى سن الشيخوخة، فإن التركيبة السكانية ستجعل المشكلة الحرجة أسوأ بكثير خلال السنوات القليلة المقبلة. ويقول محدثي إن إيران هي أول دولة تشيخ قبل أن تصبح غنية، مما يؤدي إلى أزمة في معاشات التقاعد، أكثر حدة من أي أزمة أخرى في العالم.
ويصل محدثي إلى النظام المصرفي الإيراني المعسر، ويرجع السبب جزئياً إلى الضغوط الاقتصادية، وجزئياً إلى إقراض داخلي ضخم للمستثمرين العقاريين المتصلين بالنظام. ويقول: قد تصل تكلفة خطة الإنقاذ المالي إلى 50 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي. وينقل عن صحيفة «دنيا الاقتصاد»، أن الأصول غير المنتجة في المصارف تمثل 40 إلى 50 في المائة من إجمالي الأصول المصرفية في البلاد «وفقاً للبيانات الرسمية». ويتكون ما يقرب من 15 في المائة من هذه الموجودات من أصول غير منقولة مثل الأراضي والمباني، والباقي من القروض المتعثرة والديون الحكومية، «ولا توجد بيانات رسمية عن الأصول الثابتة للبنوك». وحسب موقع «سيرات نيوز» الإلكتروني فقد قدر إجمالي قيمة الممتلكات غير المنقولة والمملوكة من 31 مصرفاً ومؤسسة مالية بقيمة 13,8 مليار دولار.
هناك الكثير من المصارف في إيران التي تقدم فائدة على الودائع تصل إلى 30 في المائة، وفي أوائل عام 2017 قرر النظام أن يكون سعر الفائدة 15 في المائة، لكن القليل امتثل، فردت الحكومة بالسماح بانهيار مؤسسات ائتمان خاصة، مما أدى إلى تبخر ودائع عشرات الملايين من المودعين الصغار، كما انهارت العديد من شركات الإقراض غير المصرح بها، وكانت انتشرت زمن أحمدي نجاد لتقدم قروضاً خلال طفرة البناء.

مصدر مالي قال إن إعادة التنظيم المالي للقطاع المصرفي الإيراني البالغ 700 مليار دولار، ستكلف ما بين 180 و200 مليار دولار، أي 50 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي لإيران. وهذا لا تستطيع إيران تحمله، حيث إن الناتج الإجمالي المحلي لديها يصل إلى 428 مليار دولار.

لدى إيران الكثير من الموهوبين الذين لا يمكن توظيفهم، وتبلغ نسبة البطالة بين الشباب 20 في المائة مع استثناء البطالة التي يعاني منها 4.7 مليون طالب جامعي. ولدى إيران العديد من المدارس الهندسية العليا، لكن الغالبية العظمى من الخريجين يتطلعون إلى الهجرة، وحسب غرفة تجارة طهران فإن هناك 3.5 مليون إيراني يستعدون لمغادرة البلاد.
إذا جمعنا تكاليف إعادة رأس مال المصارف، وإنقاذ صناديق المعاشات التقاعدية، وإصلاح نظام المياه، فإنها تفوق بكثير الناتج الإجمالي المحلي، وعلى الرغم من أن الدين الحكومي المباشر صغير، فإن النظام الإيراني يغرق في التزامات غير ممولة.

ليس من الواضح كيف سيحل النظام الحالي الإيراني أو أي نظام سيخلفه هذه الأزمات المتداخلة. يقول محدثي، إن إيران تحتاج إلى برنامج لمكافحة الفساد صعب جداً كالذي أقدم عليه الرئيس الصيني شي جينبينغ، ثم لا يمكنها أن تستمر في المغامرات العسكرية الخارجية، ومواصلة برنامج طموح للصواريخ الباليستية.

إن النظام الحالي غير قادر على تنفيذ هذا التحول المعقد والمكلف، وليست لديه رؤية واضحة حتى للإمساك برأس خيط هذه المشاكل المتراكمة منذ 39 عاماً. وأكدت الاحتجاجات في الشوارع أن النظام فقد مصداقيته، الأمر الذي سيجعل من الصعب عليه الاستمرار في المناورة والمراوغة.

يقول محدثي: في مواجهة مشاكل على هذا النطاق، تقلل حكومات العالم الثالث عادة من التزاماتها بتخفيض قيمة العملة والتضخم، حيث إن المعاشات التقاعدية والمطلوبات الإيرانية من حق الشعب، لكن الحكومة تكسب المال بالعملة الصعبة، كما أن تخفيض قيمة العملة والتضخم يمثلان تحويل الثروة من الشعب إلى النظام. ويضيف: والنتيجة المتوقعة هي فترة طويلة من عدم الاستقرار تتخللها مظاهرات متفرقة إنما عنيفة في الشارع، وتدهور اقتصادي إضافي!

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكلفة الحرب في سوريا وراء أزمات إيران تكلفة الحرب في سوريا وراء أزمات إيران



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon