توقيت القاهرة المحلي 19:41:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مع الغزو التركي لسوريا... توقعوا عودة «داعش»

  مصر اليوم -

مع الغزو التركي لسوريا توقعوا عودة «داعش»

بقلم: هدى الحسيني

الفرق بين زعيمين، واحد من المفترض أنه متمرس في السياسة، يريد تحقيق طموحاته التوسعية المتشددة على صهوة جواد الحروب، وآخر جديد في السياسة، وصل إلى رئاسة الحكومة في بلاده منذ أقل من سنتين، فأنهى حرباً طويلة بين بلاده إثيوبيا وآريتريا، أطلق السجناء السياسيين وفتح المجال واسعاً أمام الحريات السياسية، ساعد في انتقال السلطة في السودان، ويعمل على مصالحة الشمال مع الجنوب. وكذلك يعمل على نشر سياسة السلام والازدهار في كل القارة الأفريقية، إنه آبي أحمد الفائز بجائزة نوبل للسلام.
أما الرئيس التركي رجب طيب إردوغان فإنه عكس ذلك تماماً، من ليس معه فهو إرهابي، وهجومه الآن على شمال شرقي سوريا لم يؤد فقط إلى مجازر جماعية ضد الأكراد السوريين وبقية الإثنيات، بل إلى دق جرس النفير لإعادة إطلاق تنظيم «داعش».
أولاً وقبل كل شيء «داعش» لم يُهزم، لا في سوريا، ولا في العراق. لاحظنا أخيراً عودة ظهوره وإعادة تأمين موارده المالية، وتشكيل هيكل القيادة والسيطرة واللوجستيات والأماكن التي يهاجمها. كل ذلك يشير إلى أن التنظيم يستعد لمرحلة جديدة. إن خطر «داعش» قائم، وبينما يقيم بعض مقاتليه في غرب سوريا فإن تركيزهم يقع شرق وادي نهر الفرات. عندما تم شن الهجمات الأخيرة على الموصل في العراق لطرد «داعش» وكذلك في الرقة في سوريا، خرج التنظيم، وحمى غالبية قواته من المنطقتين، وحافظ على قوة صغيرة للبقاء والقتال حتى النهاية. يقول المفتش العام للبنتاغون إن عدد قوات «داعش» يتراوح ما بين 20 و30 ألفاً، والبعض يعتقد أنه قد يكون أقرب إلى 15 ألفاً.
في 16 سبتمبر (أيلول) الماضي، دعا زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي المعتقلين في السجون العراقية والسورية إلى الخروج فعلياً من تلك السجون. أهمية هذه الدعوة، أنه عندما خرج تنظيم «داعش» من تنظيم «القاعدة» في العراق عام 2013، فعل ذلك من خلال شن حملة للخروج من السجون ومراكز الاحتجاز التي كان فيها في العراق. قامت قيادة «داعش» التي كانت خارج تلك السجون بالتنسيق مع أعضاء «داعش» الذين كانوا في الداخل وشنوا هجمات مذهلة، بما في ذلك كثير من السيارات المفخخة ضد السجون بطريقة منسقة، من أجل تجديد القوة القتالية للمعتقلين. أطلق «داعش» على هذه الحملة عبارة «كسر الجدران»، ثم نجح في أقل من عام في السيطرة على الموصل.
الآن يستعد «داعش» لحملة جديدة لإطلاق سراح مقاتليه من المخيمات السورية، والغزو التركي سيسهل ذلك. وهذا يعني أن «داعش» يريد فعلاً استعادة الأرض، إما للحكم أو للمساعدة في حرية التنقل وتأمين الملاذ الآمن، من أجل إعادة تشكيل قواته وإعادة إنشاء دولة الخلافة. قد لا يكون هذا هدفاً فورياً، ما يهم التنظيم الآن هو استعادة الوصول إلى الموالين له، من أجل أن يكونوا قادرين على المضي قدماً. من هنا خطورة الغزو التركي.
المعروف أن الأكراد هم الذين يتحملون مسؤولية المعتقلين الذين لا يخضعون لحراسة مشددة، وهذا يجعل الأكراد غير قادرين على منع «داعش» مما يحاول القيام به، وأشار تقرير المفتش العام للبنتاغون عن سوريا (صدر خلال الصيف) إلى قلق القيادة العسكرية الأميركية في المنطقة إزاء تطرف الأشخاص داخل مراكز الاحتجاز. وقال إن هذه المخيمات محمية فقط من الخارج، أي أن من فيها أحرار بتصرفاتهم ومعتقداتهم المتشددة.
من هنا خطورة الوضع. ويقول محدثي الأميركي، الذي لديه اطلاع كامل على الأوضاع هناك، إن عاصمة الخلافة موجودة «بمعنى ما» في مراكز الاحتجاز في الأراضي التي كان يسيطر عليها الأكراد السوريون داخل سوريا؛ حيث هناك 70 ألفاً من المعتقلين، أو في المخيمات المجاورة. وأطرح عليه أن الرئيس ترمب أمر بإجلاء بقية الجنود الأميركيين، فيجيب أن على أميركا الاحتفاظ بقوات في سوريا، لأنها «الغراء» الذي يحافظ على مساحة كبيرة من شمال شرقي سوريا مرتبط بعضها ببعض. إن القوات الأميركية توفر قدرات هائلة، في وقت يريد «داعش» إعادة بناء نفسه. هذه القدرات نحتاجها لوقت طويل في شمال شرقي سوريا.
مع تصعيد تركيا لعملياتها العسكرية للسيطرة على الأراضي في شمال شرقي سوريا، ولإقامة ممر بين سوريا وتركيا، ستكون مهمتها الأساسية طرد القوات الديمقراطية السورية من المنطقة.
تاريخياً، كانت أولوية الأكراد في الدفاع عن أرضهم ضد الأتراك تتقدم على دفاعهم عن أراضي الآخرين ضد «داعش»، والآن من دون الوجود الأميركي ستقوم القوات الديمقراطية السورية بإعادة الانتشار خارج المناطق، حيث «داعش» يشكل التهديد الأكبر، وتذهب إلى مناطق آمنة لعوائلها.
يعود محدثي إلى القول؛ تعتبر القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا ضرورية لمنع الوكلاء الإيرانيين والوكلاء الروس ونظام الأسد من السيطرة فعلياً على الثروة الرئيسية هناك، أي حقول النفط في شرق سوريا، وهذا ما تتطلع إليه أيضاً تركيا من خلال غزوها الأخير، كما تفعل مع نفط قبرص اليونانية حيث بدأت هي أيضاً تحدي الحفر!
يضيف؛ وبمغادرة الولايات المتحدة لشمال شرقي سوريا، فإنها تقوّض الجهود المتضافرة التي فرضتها على النظام وعلى روسيا وعلى إيران عبر نظام العقوبات، من خلال منح هذه الأطراف إمكانية الوصول إلى آبار النفط والغاز التي تستطيع من خلالها إعادة بناء رفاهها الاقتصادي، كانت الفكرة أنه ليست للولايات المتحدة مصلحة جيوسياسية في شمال شرقي سوريا، باستثناء القضاء على «داعش»، لكن محدثي يقول؛ يجب أن نرى أن لها مصالح جيوسياسية تشمل «داعش» وإيران وسوريا، بالإضافة إلى تركيا والمنافسة بينها وبين روسيا. كان الوجود الأميركي في تلك المنطقة هو ما يقلل قدرة جميع الجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة من تصعيد العنف، بعضها ضد بعض، بطريقة من المحتمل أن تزعزع الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط بأكمله.
الآن تحاول قوات «داعش» التأثير على القوة القبلية الموجودة في شرق سوريا، وخاصة القوات العربية؛ إذ يعيش العرب في معظم الأراضي، والأكراد في الجزء الشمالي من القطاع. لا يرى «داعش» نفسه يسيطر على المنطقة مرة أخرى هذه السنة أو السنة المقبلة، لكنه لم يستبعد النية، وعندما تتاح الفرصة سيبسط سيطرته على الأراضي بشكل رئيسي في سوريا، وأيضاً في العراق. كان يمكن ألا يحدث ذلك لو بقيت القوات الأميركية بغطائها الجوي، لكن الآن مع القوات الجوية التركية، ستتدخل القوات الجوية الروسية، وستتولى إيران الجزء الشرقي من سوريا. إذا غادرت أميركا بشكل نهائي، فإن الروس والإيرانيين سيفعلون ما يريدون.
إن سوريا دولة فاشلة، ولن تتغير إلى الأفضل في المستقبل المنظور، وسوف يعود «داعش» ويلتقي مع الإسلاميين المتشددين الذين دخلوا مع تركيا.
من ناحيتها، أكدت القوات السورية الديمقراطية أنها سمحت للقوات النظامية السورية بدخول أراضيها لوقف الهجوم التركي. إن هذا مسمار في نعش آمال الأكراد في الحفاظ على الحكم الذاتي في شبه دولتهم في شمال شرقي سوريا. تاريخ الشعب الكردي يؤكد أن العواطف معه لا تكفي. «وكلنا أكراد» لم تمنع من إسالة دمائه. مع الغزو التركي أيدٍ كثيرة تلطخت بدمائه، والفاجعة ستكبر وتتعمق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع الغزو التركي لسوريا توقعوا عودة «داعش» مع الغزو التركي لسوريا توقعوا عودة «داعش»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon