توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مطالب الثورة ضمان وضمانة السلم الأهلي في لبنان

  مصر اليوم -

مطالب الثورة ضمان وضمانة السلم الأهلي في لبنان

بقلم: هدى الحسيني

تشكَّلتِ الوزارة أم بعد... تم التكليفُ أم بعد؟ هناك انقطاعٌ شاملٌ بين السلطة والثوار اللبنانيين. هناك عدم ثقة بين الناس والمنظومة السياسية في لبنان وهي الأحزاب الستة الأساسية الطائفية الممثلة في السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. صار واضحاً أن هذه السلطة تتمتع بكم هائل من الاستهتار والجرأة على إذلال الناس إلى درجة أنها استطاعت وعلى مرِّ 30 عاماً أن تسرقَ 100 مليار دولار، فأوصلتِ البلدَ إلى انهيار مالي.
وأسأل جيلبير ضوميط؛ من مؤسسي «بيروت مدينتي» وناشط مدني في الثورة، وأستاذ جامعي، كيف أن كلَّ الأحزاب السياسية تقولُ الآن إنَّ طلبات الثوار هي طلباتنا؟ يجيب: «دائماً في الخطاب السلطة معنا، لكن في الواقع فإنَّ نتائج أفعالها ليست معنا، لأنَّها لو كانت مع مكافحة الفساد فلماذا لم تتم المصادقة على مشروع قانون استقلالية القضاء رغم تقديمنا له. ثم لماذا أفراد السلطة من الأغنى في العالم. فعلياً كلام رجال السلطة الآن فارغ، وفي كل الأحوال تجب محاسبة هؤلاء لما قاموا به».
لكن هل ستستطيع السلطة الآن فرض الوزارة التي تريدها رغم كل طلبات الثوار؟ يجيب: «من شبه المستحيل. لأن هذه الثورة تنتج ثقافة ووعياً وتغييراً جذرياً في سلوك الناس وآرائهم وعلاقتهم بعضهم بين بعض وعلاقتهم بالسلطة والدولة. لأول مرة يريد الناس أن يحاسبوا ويطبقوا الدستور والقوانين. الكلام الطائفي يُنبذ مباشرة، أو أن يقول أحدهم: أنا فاسد لأنَّ الآخر فاسد. ينبذ مباشرة. كل الشخصيات صارت مفضوحة. إنَّ كَمَّ المعلومات التي عُرفت عن كل واحد، رفع سقف الناس عالياً جداً. صار من المستحيل على السلطة القيام بأي ممارسات خارج توقعات الناس».
يقول ضوميط: «طلباتنا واضحة جداً: حكومة مصغرة انتقالية من مستقلين اختصاصيين لديها صلاحيات تشريعية كي لا يعطلها مجلس النواب. سيكون لديها 3 أدوار: تنظيم انتخابات مبكرة انطلاقاً من قانون عادل وإدارة للعملية الانتخابية من خارج السلطة التنفيذية. والثاني، إقرار قانون استقلالية القضاء واسترجاع الأموال المنهوبة. والثالث: القيام بالإجراءات الاقتصادية المالية المباشرة لوقف الانهيار. يجب أن يدفع ثمن الأزمة الطبقة السياسية وليس الناس. بعد الانتخابات نحن لدينا دستور... نحترم ما ستفرزه إرادة الشعب، عندما نذهب إلى انتخابات رئاسية، نقصر ولاية الرئيس وننتخب رئيساً جديداً. وبالتالي نكون غيّرنا السلطة التنفيذية والتشريعية ورئاسة الجمهورية».
وأسأل ضوميط: «مع احترامي أن لبنان وطن، لكن، لو كان معروضاً للبيع فهل من شركة في العالم على استعداد لشرائه في هذه الحالة؟». يجيب: «أولاً لبنان ليس للبيع. وإذا أردت أن أتحدث عنه كمؤسسة فإنه في أسوأ حالاته. إنه بلد مفلس... بلد لا يستطيع جمع قمامته، مظلم كل وقته... مستويات الفقر واللامساواة، نوعية الماء، سرقة بحره، فيه مجموعة كبيرة من الفاسدين... فأي شركة في العالم على استعداد لشرائه؟ على كلٍّ هو ليس للبيع، لأن فيه أشياء أخرى (تأخذ العقل)».
أسأل: «هناك كلام كثير عن احتمال إفلاس الشركات الخاصة وتصبح العائلات في الشوارع؟». يجيب: «آخر 3 سنوات نعيش هذا التدهور. وفي 17 أكتوبر (تشرين الأول) بدأ ينخفض سعر الليرة، زاد عدد الشركات التي تعلن إفلاسها، والبطالة في ازدياد، ومع إجراءات مصرف لبنان فستتضاعف الأزمة بسرعة. نحن بلد مفلس واقتصاد منهار. تم تعطيل البلد لأكثر من سنتين لانتخاب رئيس للجمهورية، ثم دخلنا في انتخابات نيابية وكان البلد ينهار مالياً؛ إذ إن مؤتمر (سيدر) عُقد قبل شهر من إجرائها، لإعطاء نفَس للبلد رغم أنه دين جديد. جرت الانتخابات وبعد 9 أشهر تشكلت الحكومة، وطوال وجودها لم تقم بأي إنجاز. المشكلة أن السياسيين لا يشعرون بالأزمة، همهم استمرار النهب من الدولة، يراهنون على النفط والغاز، كما راهنوا بأن المجتمع الدولي سيظل يدفع للبنان بسبب وجود اللاجئين السوريين».
أسأله: «اعتدنا في لبنان أن تكون للخارج يد في وصول رئيس الجمهورية، لكن لم يكن هو يظهر ذلك. مع الرئيس ميشال عون هناك استغراب من ولائه لإيران عبر التزامه بكل مواقف (حزب الله)، ألا يضع هذا لبنان في ورطة إقليمية ودولية؟». يجيب: «نحن أصلاً في ورطة من هذا النوع، ومما لا شك فيه أن الرئيس جاء من خلال تحالف يميل إلى هذا المحور، لأنه ما كان يمكن أن يصل لو لم يكن مدعوماً مباشرة من (حزب الله) و(حركة أمل). لقد راهن منذ اتفاقية (مار مخايل) عام 2006 على هذا التحالف ليصل إلى سدة الرئاسة، وبالتالي هو ملزم بتحالفاته».
«لكن بعد وصوله أليس قادراً على التخلي عن التزاماته التي تضر بلبنان؟». يجيب ضوميط: «لا أعتقد أنه راغب في ذلك. يضاف إلى ذلك أن لصهره جبران باسيل الرهان نفسه. إذا سلمنا جدلاً بأن الرئيس يريد التخلي عن هذا التحالف، فإن تخلي باسيل عن هذا التحالف يقلل من احتمالات وصوله هو إلى سدة الرئاسة، وتحالفه معهم وسيلته الأساسية للوصول إلى سدة الرئاسة».
«ألن تنسف الثورة كل هذه الاحتمالات؟». يقول: «الأمنية أن تنسف كل احتمالات باسيل وبقية الأطراف بمن فيهم سعد الحريري، وسمير جعجع، ووليد جنبلاط، ونبيه بري وحسن نصر الله. من هنا أهمية وصحة شعار (كلن يعني كلن)».
لا مجال للحديث عن إنجازات هذا العهد، لأنَّ ما يحدث في الشارع دليل كاف على فشله. لكن يقول ضوميط: كي أكون صادقاً مع نفسي، فإن المسؤولية لا تقع فقط على رئيس الجمهورية، لأننا نعرف محدودية صلاحياته. مسؤولياته تكمن في أن لديه من خلال حزبه أكبر كتلة نيابية وأكبر وجود في مجلس الوزراء، ويتحمل المسؤولية أيضاً رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب اللذان لديهما حجم كبير من حلفائهما. وصار رئيس مجلس النواب نبيه بري معروفاً بتدوير الزوايا. يضع كل القوانين والقوانين المضادة لها في الدرج للحفاظ على ميزان القوى.
المشكلة التي واجهها اللبنانيون طيلة السنوات الماضية، أنه في محطات كثيرة كان يتقاتل السياسيون وتنتشر روائحهم، لكن كان اللبنانيون يتساءلون عن الوسائل للمحاسبة، فالقضاء مسيطر عليه. ولهذا السبب نزل الناس إلى الشارع. ما يجري في لبنان الآن محاسبة شعبية.
أسأله: «الملاحظ أن (حزب الله) يترنح داخل لبنان، جمد البلد أكثر من سنتين لإيصال الرئيس فإذا بالعهد يفشل. هناك من يقول إنهم جعلوه ينتظر طويلاً كي يفشل، لأن الحزب ينتعش إذا عمّ الفقر البلاد كلها؟». يجيب: «لا أحد ينتعش إذا عمّ الفقر، وأكبر دليل هذه الثورة التي هي من كل لبنان وكل الطوائف وكل الجهات. كل الأحزاب كانت تنتعش من الأموال التي تأتي من الخارج أو من خزينة الدولة. لكن عندما جفّ التمويل الخارجي إن كان من إيران أو الدول العربية أو المجتمع الدولي، ولم تعد خزينة الدولة كافية، ثار الناس على أحزابهم». يضيف: «ما يجري اليوم يشكل أزمة لكل الأطراف السياسية الطائفية».
يقول ضوميط: الثورة هي الضمان الوحيد اليوم للمحافظة على السلم الأهلي، لأنها وحدت الناس وخلقت الأمل، ولن يقبل الناس بالانتظار طويلاً. ستحافظ الثورة على زخمها لأنه لم يعد لدى الناس ما يخسرونه. إذا ظلت السلطة على موقفها المتحجر فسنصل إلى مرحلة أصعب بكثير. هناك من يحذر من حرب أهلية كي يمتص زخم الثورة، لكن ضوميط يستبعد الحرب الأهلية. ثم إن الحرب الأهلية تحتاج إلى أسلحة وأموال وتدخل دول، لكن حسب اعتقادي لا مصلحة لأحد بالحرب الأهلية.
في النهاية يقول جيلبير ضوميط إن السيناريوهات أمام السلطة وحلفائها محدودة. إن كل الناس من مختلف البيئات تشارك في الثورة ولا تشعر بأنها مستبعدة. والثورة حريصة على أن يكون كل الناس من كل الفئات جزءاً منها. وهذا ما حققته؛ إذ لم يعد أحد خائفاً من الانضمام إلى الثورة. إنها من أجل الجميع، لأن المنظومة السياسية القائمة فاسدة. كما يستبعد أي تحرك عسكري... «من يستطيع أن يتحمله؟!».
الثورة ستستمر، ما زالت شابة ولن تؤثر عليها سلطة مهزومة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مطالب الثورة ضمان وضمانة السلم الأهلي في لبنان مطالب الثورة ضمان وضمانة السلم الأهلي في لبنان



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon