توقيت القاهرة المحلي 11:02:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لمن الغلبة في أفريقيا... لـ«القاعدة» أم لـ«داعش»؟

  مصر اليوم -

لمن الغلبة في أفريقيا لـ«القاعدة» أم لـ«داعش»

بقلم :هدى الحسيني

أول عمل قام به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما مني حزبه بهزيمة ساحقة في الانتخابات البلدية الفرنسية، هو أن سافر يوم الاثنين قبل الماضي إلى مالي لتفقد القوات الفرنسية هناك ويبحث معها آخر التطورات المقلقة جداً. فقد أصبحت منطقة الساحل الغربي للقارة الأفريقية ساحة معركة للجماعات الإسلامية المتطرفة المتنافسة للهيمنة على المنطقة.
في مايو (أيار) الماضي كشف تنظيم «داعش» في صحيفته «النبأ» عن صدامات بينه وبين مجموعات متحالفة مع تنظيم «القاعدة». وألقى «داعش» باللوم على جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» في الشروع في قتال عنيف من أجل انتزاع مناطق من تحت سيطرة «داعش».
منذ العام الماضي استعرت الهجمات التي تشنها هذه الجماعات ضد بعضها البعض، فإضافة إلى «القاعدة» و«داعش» هناك العديد من الجماعات الإرهابية الصغيرة والميليشيات القبلية الموجودة في نمط مجزأ في أنحاء المنطقة، وتعكس التحركات الأخيرة في المنطقة، أنه بسبب نقص الموارد والتمويل فإن الجماعات الصغيرة تنشق وتنضم إلى اللاعبين الرئيسيين. هذه الانشقاقات تساعد الجماعات الإرهابية «داعش» و«القاعدة» على زيادة قوتها في المنطقة، وبالتالي فإن منطقة الساحل تشهد حالياً زيادة في النشاط الإرهابي.
إن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب» متجذر بعمق في الحرب الأهلية الجزائرية عام 1992؛ إذ خلال الانتخابات النيابية ذلك العام كانت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» على حافة النصر، ومن أجل منع فوز حزب إسلامي في الانتخابات قام الجيش الجزائري بإلغاء الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية، ورداً على ذلك دعا المتطرفون في «جبهة الإنقاذ الإسلامية» إلى حرب شاملة ضد النظام، وشكلوا جماعة بقوة تقارب 4 آلاف إرهابي، بعض الإسلاميين المتطرفين الذين لم يكونوا يدعمون «جبهة الإنقاذ الإسلامية» اندمجوا مع مجموعات أخرى، وشكلوا «الجماعة الإسلامية المسلحة» بقوة قتالية من بين ألفين وثلاثة آلاف مقاتل تقريباً. في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1992، بدأ العديد من هذه الجماعات التي كانت مرتبطة ببعضها البعض بشكل فضفاض من دون هيكل قيادة مركزية، حملة إرهابية ضد الحكومة، رد عليها الجيش بصرامة، مما أدى إلى الحرب الأهلية التي استمرت حتى عام 1998، وغرقت الجزائر في حرب شرسة بين الإسلاميين والقوات الحكومية أوقعت إصابات تعدى عددها 150 ألفاً، معظمهم من المدنيين. يومها صرنا نعرف بعمليات الذبح التي كان يشنها الإرهابيون على القرى البعيدة، في النهاية تفاوضت بعض الجماعات الإرهابية مع الحكومة وفر آخرون ولجأوا إلى المنطقة المهجورة شمال مالي.
عام 1998 شكل حسن حطاب، الذي كان قائد إحدى مجموعات «الجماعة الإسلامية المسلحة»، منظمته الخاصة وأطلق عليها «الجماعة السلفية للدعوة والقتال». بعد ثماني سنوات ظهرت هذه المجموعة على رادارات العالم عبر روابط أقامتها مع تنظيم «القاعدة»، ولاحقاً أعلنت ولاءها لأسامة بن لادن في سبتمبر (أيلول) 2006، وبعد أشهر قليلة غيرت اسمها إلى «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».
عام 2015، انضمت إليها جماعة محلية تدعى «المرابطون» بعد فترة من الصراع. وفي عام 2017 أعلن «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب» تشكيل «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» بعد دمج «أنصار الدين» و«المرابطون». والآن تتحرك «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» تحت إشراف «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب» وتنظيم «القاعدة» المركزي.
في عام 2015، عندما كان كبار المسؤولين في «المرابطون» يفكرون في التصالح مع تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب»، أعلنت مجموعة منشقة بقيادة «عدنان أبو وليد الصحراوي» ولاءها لتنظيم «داعش» وترك «المرابطون»، وشكل «الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى». لكن قيادة «داعش» تجاهلت الأمر مدة 17 شهراً حتى تعلن قبول هذا الولاء واعترفت بـ«الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى» كتابعة لها في القارة الأفريقية.
كثيرة هي التكهنات عن سبب انتظار «داعش» لأكثر من سنة كي يقبل انضمام «الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى» إليه. وتقول إحدى النظريات إن تراجع تأثير «داعش» في سوريا والعراق أجبر التنظيم على البحث عن قاعدة جديدة، فظهرت منطقة الساحل حيث الحدود يسهل اختراقها، والحكم ضعيف، والمساحات غير الخاضعة للحكم شاسعة، كخيار أفضل لمقر جديد لـ«داعش».
أما «بوكو حرام» وهي جماعة إسلاموية إرهابية أخرى فقد حافظت في وقت سابق على علاقات وثيقة مع «القاعدة في بلاد المغرب». لكن عام 2015 تعهد أبو بكر شيكاو زعيم «بوكو حرام» إعلان ولائه لـ«داعش»، لكن علاوة على ذلك تورط «داعش» في صراع مع شيكاو عندما أعلن من جانب واحد تعيين أبو مصعب البرناوي زعيماً جديداً لبوكو حرام تابعاً لـ«داعش»، فأدى ذلك إلى انقسام في المنظمة، حيث تعهد أعضاء تقديم الولاء للاثنين شيكاو (بوكو حرام) والبرناوي (داعش).
شكلت «القاعدة في بلاد المغرب»، في البداية استراتيجية ثلاثية: شمال أفريقيا (المغرب العربي) مركز تجنيد، والعراق ساحة معركة للمجندين، وأوروبا حيث أراد تنظيم «القاعدة» في المغرب متابعة حملة دعائية عدوانية ضد فرنسا!
منذ بداية هذا العام تصاعد الصراع بين «داعش» و«القاعدة» في منطقة الساحل بعد خسارة العراق، وفي الساحل الأفريقي ألقت المجموعتان الإرهابيتان باللوم على بعضهما البعض في الانحراف عن طريق الجهاد. «داعش» يتهم «القاعدة» بالتساهل، و«القاعدة» تتهم «داعش» بالوحشية أكثر مما هو مطلوب.
لدى الفريقين اختلافات آيديولوجية وتصورات مختلفة حول من هم الأعداء. يشدد «القاعدة» على القتال ضد الحكومة والبيروقراطيين والقوات الأجنبية، ويتجنب إيذاء المواطنين المسلمين، في حين يؤمن «داعش» بمبدأ التكفير ويسمح لأعضائه بقتل المسلمين. تركز التعاليم الآيديولوجية لـ«داعش» بشكل أكبر على بناء مقاتلين عقائديين ملتزمين إنشاء «الخلافة».
أجبر الافتقار إلى الموارد في المنطقة الجماعات الإرهابية على الاستيلاء على مناطق يمكن أن تعيل أنفسها فيها، وهذا دفع إلى عمليات مشتركة ومتشابكة متكررة بين الجماعات؛ إذ تتداخل منطقة نفوذ كل من «داعش» و«القاعدة» مع بعضها البعض في مجالات استراتيجية معينة، وهذا يخلق توترات بين المجموعتين بشكل عام.
في الربع الأول من هذا العام تحولت العلاقة السلمية إلى حد ما، بين التنظيمين إلى مواجهات حادة ومميتة، اشتبكا في مسارح مختلفة: منطقة دلتا النيجر الداخلية حول «موبتي» - مالي، وفي منطقة الحدود بين مالي وبوركينا فاسو، حيث تعايش التنظيمان في شكل سلمي حتى هذا العام.
يذكر أن في مالي، التي تعرضت سابقاً لغزو إجرامي لثقافتها من قبل «القاعدة»، الجامع الكبير في منطقة «جينيه»، الذي يعتبر عمارة الساحل وتحفة أفريقية بامتياز، يقع في منطقة نائية قاحلة في الصحراء الحارقة جنوب مالي، وهو بناء جذاب وفريد، مشيد على مساحة طولها 91 متراً، بارتفاع 20 متراً، وهو أضخم بناء في العالم مشيد من الطوب الطيني. يوصف المسجد بأنه أجمل مثال على طراز العمارة السودانية السواحلية الذي يميز تلك المنطقة، ويتميز باستخدام السقالات الخشبية، ويعتبر بلا شك أهم موقع في بلدة «جينيه» المدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي.
من حيث القوة يفوق عدد المنتسبين إلى «القاعدة» عدد المنتسبين إلى «داعش» في المنطقة، وقد حافظ التنظيم على هيمنته على المناطق المحيطة بدلتا النيجر، وتقليدياً هيمن «القاعدة» والمتحالفون معه، على منطقة الساحل، وكانوا على رأس القائمة المستهدفة للقوات الحكومية.
تعاني منطقة الساحل منذ زمن من الفقر، وسوء الحكم والبطالة، والصراعات القبلية، والصراع المتفاقم الآن بين «القاعدة» و«داعش» لن يؤدي إلا إلى تفاقم هذه الأوضاع المؤسفة.
إن قرار الولايات المتحدة بسحب قواتها من المنطقة جعل الظروف أسوأ، وفرنسا هي الدولة الوحيدة الملتزمة حتى الآن. ولهذا نعرف سبب تكرار رحلات الرئيس ماكرون إلى تلك المنطقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لمن الغلبة في أفريقيا لـ«القاعدة» أم لـ«داعش» لمن الغلبة في أفريقيا لـ«القاعدة» أم لـ«داعش»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon