نشر فى : الجمعة 2 فبراير 2018 - 10:05 م | آخر تحديث : الجمعة 2 فبراير 2018 - 10:05 م
لمن وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى تحذيره شديد اللهجة ظهرا الأربعاء الماضى؟!
الرئيس كان يتحدث خلال افتتاح حقل ظهر العملاق للغاز الطبيعى فى محطة المعالجة بمنطقة الجميل المواجهة للحقل الواقع على مساحة ١٩٠ مترا من شواطئ بورسعيد.
قال الرئيس خلال كلمته المرتجلة: «اللى حصل فى مصر قبل سع سنوات لن يتكرر، وحياتى وحياة الجيش ثمن المساس بأمن مصر، أنا مش سياسى، واللى عايز يخرب مصر لازم يخلص منى الأول. سأطلب من المصريين تفويضا لمواجهة الأشرار إذا لزم الأمر، والاستقرار سبب النجاح، ومحدش يأخذكم فى سكة ويضيع بلدكم. ناس كتير بتقف قدام الميكروفون وهم لا يعرفون معنى دولة، وربنا وحده الذى يعلم كيف رجعت البلد تانى. حاولوا تدمير علاقتنا مع إيطاليا، حتى لا يتم اكتشاف حقل ظهر، ولولا ترسيم الحدود مع قبرص ما انجزنا الحقل».
فى هذا اليوم كان السيسى صارما وغاضبا ومحتدا، ولم يحاول أن يزوّق كلماته أو يصيغها بصورة ملتبسة. وهذا السلوك استمرار لما فعله ليلة إعلان ترشحه من فندق الماسة مساء الجمعة قبل الماضية، حينما قال بوضوح إن «الحرامى اللص لن أسمح له بالاقتراب من كرسى الرئاسة».
أحد الإعلاميين الكبار الذى كان يجلس بجانبى ونحن داخل قاعة الاحتفال فى بورسعيد، قال لى إنه لو كان يكتب مقالا عن التصريحات التى قالها الرئيس لاختار لها عنوان «ما الذى يخفيه السيسى، وجعله يتحدث بهذه اللهجة الشديدة؟!»، هذا الاعلامى يعتقد أن الرئيس توافر له وقائع ومعلومات محددة، وربما تحركات على الأرض، وبالتالى أراد أن يحذر هذه الأطراف بصورة لا لبس فيها، وصلت إلى قوله إنه «ليس سياسيا وبتاع كلام» ثم أردفها أنه قد يطلب تفويضا جديدا من الشعب.
لدى بعض التقديرات أن السيسى واثق بالطبع من الفوز فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وبالتالى يطلب فعلا من الناس النزول للشارع، أولا لتفوضه شعبيا من جديد، وثانيا لتعويض أى نقص فى عدد المشاركين فى الانتخابات. وإذا نزلت الناس إلى الشارع فعلا، فقد يتم اتخاذ إجراءات قاسية بحق بعض المعارضين، وهو ما ألمح إليه السيسى دون مواربة.
كنت داخل القاعة حينما كان الرئيس يتحدث، وبعد نهاية كلمته سألتنى الصديقة الإعلامية رندا أبوالعزم، مديرة مكتب قناة العربية بالقاهرة، عن الأطراف التى وجه إليها الرئيس رسالته.
قلت لها إن تقديرى وليس معلوماتى ــ أنه يمكن تخمين الآتى:
الطرف الأول هو الفريق الذى دعم ووقف وراء ترشح سامى عنان لرئاسة الجمهورية قبل أن يتم إبعاده.
الرسالة التى وصلت إلى الاجهزك الحكومية هى أن عنان وفريقه تحولوا إلى «حصان طروادة» لإعادة الإخوان مرة أخرى إلى داخل العملية السياسية.
قد يرى البعض أن هذا التحليل غير صحيح، وأن عنان كان يبحث فقط عن طموح رئاسى مشروع، لكن لدى الدوائر الحكومية الأمر مختلف تماما، بل ويتم ربطه بتحركات إقليمية ودولية، تريد استئناف المحاولة التى جرت بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، ليس فى مصر فقط ولكن فى كل المنطقة. ويربط هؤلاء الموضوع مع المحاولات التركية للضغط على مصر عبر ليبيا والسودان، ويضيفون إليها البيان الذى أصدره السيناتور جون ماكين يوم ٢٥ يناير الماضى وانتقد فيه بعنف غياب الحريات وحقوق الإنسان.
الطرف الثانى الذى يبدو أن الرئيس وجه إليه التحذير هو التحركات الداخلية التى جرت فى الأيام الأخيرة، وأبرزها دعوة محمد أنور السادات بتنظيم مسيرة سلمية إلى مقر الرئاسة، ثم دعوة «الحركة المدنية الديمقراطية» إلى مقاطعة الانتخابات، وربما بعض البيانات التى صدرت عن نواب «٢٥ ــ ٣٠»، وفيها جرى تصوير الأوضاع بصورة قاتمة تماما. الطبيعى أن هذه القوى ترى كل تحركاتها سلمية وطبيعية وفى إطار القانون، لكن دوائر حكومية تراها محاولات للانقلاب على الدستور، كما قال لـ«الشروق» قبل أيام أحد أعضاء كتلة «دعم مصر» المؤيدة للحكومة.
قابلت أحد كبار الداعمين للحكومة يوم الأربعاء الماضى، فى بورسعيد، وهو يرى أن أوضاع البلد لا تتحمل مثل هذه التحركات، خصوصا فى ظل وجود تربص خارجى. والأخطر الحالة الصعبة التى تمر بها المنطقة. وقلت له لكن الحكومة عاجزة تماما عن استيعاب غالبية القوى السياسية المدنية، وتصر على حشرها، فى ركن ضيق.. فماذا تتوقع منها؟. يحتاج الأمر إلى حلول سياسية عاجلة.
نقلا عن الشروق القاهريه