توقيت القاهرة المحلي 09:28:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دلالات مقتل أطفال المريوطية

  مصر اليوم -

دلالات مقتل أطفال المريوطية

بقلم-عماد الدين حسين

إذا صحت رواية أن حريقا وراء مقتل أطفال المريوطية الثلاثة، بسبب تقصير الأم، أو ظروفها الصعبة، فإن على كل من تسرع وروج لوجود مافيا تجارة أعضاء وراء الحادث أن يعتذر، والأهم أن يتوقف عن مثل هذه النوعية من التفكير الرغائبى المعلب، لأن ضرره أكثر من نفعه.

حينما تم العثور على الأطفال الثلاثة، راجت شائعة أن بطون الأطفال المقتولين كانت مفتوحة، ومنزوع منها بعض أعضائهم. وانجرفت غالبية وسائل الإعلام خلف هذه الرواية، وبدأ كثيرون يحللون الموضوع على هذا الأساس، رغم أنه لم يكن هناك أى تصريح رسمى أو رواية شاهد عيان تؤكد هذه الرواية.

فى اليوم التالى للعثور على جثث الأطفال، خرجت تقارير الطب الشرعى المبدئية، لتشير إلى أن الأطفال ماتوا مخنوقين نتيجة حريق ونفت تماما حكاية سرقة الأعضاء.

وطوال يومى السبت والأحد الماضيين عرفنا المزيد من التفاصيل، وكان أهمها ما جاء فى بيان وزارة الداخلية، بأن أم الأطفال كانت تعمل فى ملهى ليلى، وأنها تركتهم فى الشقة بالطالبية، وأن حريقا اندلع فماتوا خنقا، وأنها ألقتهم بمساعدة صديقتها وسائق توك توك فى المريوطية.

وحتى تتضح الحقيقة كاملة، فإنه يصعب تصور أن أما طبيعية تلقى بأولادها المقتولين حرقا بهذه الطريقة، حتى لو كانوا من ثلاثة أزواج عرفيين مختلفين، فهم فى النهاية أولادها!

ما أريد مناقشته فى هذه السطور هو ضرورة ألا نندفع سواء فى وسائل الإعلام التقليدية، أو وسائل التواصل الاجتماعى خلف الشائعات وأنصاف الحقائق أو أرباعها، قبل أن تتبين الحقيقة، وبعدها يمكننا أن نفتى ونحلل ونناقش كما نشاء.

رواية سرقة أعضاء تفسيرا للحادث انتشرت كالنار فى الهشيم، وصدقها الكثيرون، ولم يكلف أحدهم نفسه انتظار تقرير رسمى يؤكد الواقعة أو ينفيها. والبعض قفز من هذه الواقعة لمحاولة إثبات وجهة نظره ضد الحكومة والنظام بأكمله.

لكن فى الناحية الأخرى فعلى الحكومة، أن تدرس سر ظاهرة تصديق الكثير من الناس للعديد من الشائعات حتى لو كانت مفبركة أو مفككة وركيكة، ولماذا صاروا قابلين لذلك، وأين الخطأ بالضبط؟!

ورغم ذلك، أزعم أن الحكومة وأجهزتها وسائر مراكز البحوث والمجتمع المدنى ينبغى أن يهتموا بما وراء الحادثة إذا صحت الوقائع التى قرأناها فى وسائل الإعلام الأحد.

تقول هذه الوقائع إن السيدة تزوجت ثلاث مرات عرفيا، وأنها أنجبت ابنا من كل زوج، وأن الأطفال ليسوا مسجلين بآبائهم الحقيقيين، بل بالزوج الرابع الشرعى، وأحدهم ليس مسجلا على الإطلاق!

ثم إن الأم كانت تترك الأطفال فى غرفة أو شقة واحدة، وتذهب لعملها الذى لا نعرف طبيعته بالضبط، وهل هى نادلة أم خادمة أم راقصة؟!. كل هذه الوقائع ــ إذا صحت ــ ينبغى أن تدق ناقوس الخطر الداهم الذى يهدد المجتمع.

السؤال الجوهرى: هل الحكومة وكل المجتمع على علم ودراية ومعرفة بهؤلاء الناس الذين يعيشون فى الهامش ولا نراهم ولا نسمع عنهم، إلا حينما تقع المأساة أو الفأس فى الرأس؟!

السؤال الثانى: أى واقع هو الذى يجعل سيدة تتزوج ثلاث مرات عرفيا، ولا تسجل أولادها فى أوراق رسمية أو تسجلهم بأسماء آباء غير حقيقيين، وأى مستقبل ينتظر مثل هؤلاء الأطفال غير المصير البائس والمفجع الذى لاقاه الأطفال الثلاثة، حيث ماتوا محروقين فى شقة بالطالبية وتم إلقاء جثثهم على ترعة المريوطية، وحرموا حتى من الدفن الكريم، أى إنهم عاشوا معذبين وماتوا معذبين علما بأن أعمارهم بين الثانية والخامسة؟!

السؤال الثالث: ماذا نتوقع من مثل هذه النوعية من الأطفال أن يفعلوا عندما يكبروا، وأى نوع من العمل سوف يمتهنون؟!. أليس المنطقى أن يتحولوا إلى متطرفين أو مدمنين أو انعزاليين، وإذا كان حظهم سعيدا سيصبحون «سائقى تكاتك» فى مناطق عشوائية؟!

أرجو أن ننشغل كثيرا بدلالات حادث الأطفال على جميع الأصعدة من أول انجرار السوشيال ميديا خلف أسطورة سرقة الأعضاء، ونهاية بالدلالات المأساوية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية والاعلامية لهذه الحادثة.

أفيقوا يرحمكم الله قبل الطوفان.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دلالات مقتل أطفال المريوطية دلالات مقتل أطفال المريوطية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"

GMT 07:26 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

حسابات التصميم الداخلي الأفضل لعام 2019 عبر "إنستغرام"

GMT 06:56 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

أب يُصاب بالصدمة بعدما استيقظ ووجد ابنه متوفيًا بين ذراعيه

GMT 11:35 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشيزني يبيًن ما دار مع رونالدو قبل ركلة الجزاء هيغواين

GMT 09:16 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زوجة المتهم بقتل طفليه "محمد وريان" في المنصورة تؤكد برائته

GMT 17:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

فستان ياسمين صبري يضع منى الشاذلي في موقف محرج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon