توقيت القاهرة المحلي 04:39:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عامل فنى أجره 1500 جنيه!

  مصر اليوم -

عامل فنى أجره 1500 جنيه

بقلم-عماد الدين حسين

قبل أيام زرت أحد المشروعات الاقتصادية الضخمة وهو شراكة نوعية ومميزة بين الحكومة والقطاع الخاص وبعض المستثمرين الأجانب.

المشروع مبهر ومبشر وخرجت منه مقتنعا أننا قادرون على تخطى أى صعاب، إذا كانت لدينا الإرادة. لكن ما لفت نظرى أننى رأيت بعض العمال والفنيين الآسيويين. وحينما سألت قيل لى بحسرة شديدة: نعم هم أجانب فعلا، واضطررنا إلى هذا الخيار المر بعد أن استنفدنا كل الطرق للعثور على عمالة مصرية مدربة ومؤهلة فى بعض التخصصات الفنية.

وبعضها على سبيل المثال فنى لحام متمرس يستطيع التعامل مع لحام المواسير ذات الأقطار الكبرى، أو فى مشروعات بترولية داخل البحر.

القانون يسمح لأى شركة أن تستورد عمالة أجنبية إذا دعت الحاجة فى حدود 10%.

فى يوم 11 سبتمبر 2016 كتبت فى هذا المكان مقالا بعنوان «وظيفة بـ400 جنيه يوميا»، عن حالة مشابهة اضطر فيها أحد كبار المستثمرين، إلى استقدام عمالة آسيوية كان يدفع للعامل الفنى فيها 400 جنيه يوميا للعمل كفنى لحام، بعد أن أعيته الحيل فى العثور على عمالة مصرية مؤهلة والأهم تكون ملتزمة ومنضبطة.

فى المشروع الذى زرته أخيرا، قال لى أحد المسئولين إن أجر الفنى الآسيوى أو حتى المصرى المخصص فى بعض التخصصات الفنية النادرة، يمكن أن يصل إلى 1500 جنيه يوميا، وحينما قلت له: ليتنى كنت فنيا!»، رد بأن العثور على العمالة الفنية فى مصر لم يعد أمرا سهلا.

مسئولة مهمة فى مشروع تحت الإنشاء، بدأ يعتمد على عمالة أجنبية تحكى وتقول لى: نحاول الفصل بين العمالة المصرية والأجنبية، لأن الأجانب يحصلون على أجور أقل، لكنها بالدولار، ومستوى إنتاجيتهم مرتفع جدا، ونخشى أن تصيبهم العدوى والنمردة»!.

وشاءت الصدف أن ألتقى أحد المسئولين المهمين فى حفل سحور مساء السبت الماضى، حكى لى عن تجربته فى أحد مصانع العاشر من رمضان، كانوا يبحثون عن عشرة فنيين مؤهلين، ولذلك تعاقدوا مع أكثر من مائة شخص أولا، وبعد التجريب بقى منهم فقط خمسة أشخاص!!.

المسئول حكى عن تجربته المباشرة حينما كان مسئولا عن تعويم شركة خاسرة بقوله: «كنت أتحدث مع بعض العمال المصريين وأسألهم لماذا لا يلتزمون، فيرد علىّ أحدهم قائلا: «يا عم الأمر صعب ويتطلب أن أستيقظ فى الخامسة صباحا، لماذا لا تجعلون بداية العمل فى الثامنة أو التاسعة؟!»!!. فيرد عليه المسئول:

«ولكن لو نفذنا طلبك فهل نضمن أن تأتى فى الموعد المحدد؟!!!.

يقول هذا المسئول إن هناك مشكلة كبرى اسمها عدم انضباط غالبية العمالة الفنية المصرية، التى صارت للأسف تتسم ليس فقط بضعف التعليم، بل وهذا هو الأخطر ــ بالاتكالية والكسل.

للأسف الشديد هذه الوقائع صارت منتشرة جدا فى العديد من المصانع والمشروعات المصرية. وهى مفارقة صارخة للغاية فى بلد كان يتباهى حتى وقت قريب بأنه يقوم بتخريج العمالة الفنية المتميزة، وتصديرها للبلدان العربية. والأنكى أننا نشكو من وجود ١٠٪ على الأقل معدل بطالة بين الشباب فى سن العمل، ونشكو أكثر من ندرة العملة الأجنبية التى ندفعها للعمالة الأجنبية، وكان الأولى أن تذهب للمصريين.

كل منا يملك العديد من الوقائع والقصص التى تدلل على ندرة العمالة الفنية، أو سوء مستواها إذا وجدت، من أول النقاشة والسباكة إلى فنى التكييف مرورا بكل الحرف.

هذا واقع مرير والسؤال المكرر: كيف نتغلب على هذه المشكلة؟!

بالطبع إذا تم حل مشكلة التعليم سوف تنتهى المشكلة، لكن وكما نعلم فإن إصلاح التعليم سيأخذ وقتا. وبالتالى أتصور أن أحد أفضل أنواع الاستثمار التى يمكن أن يقوم بها القطاع الخاص، هى إنشاء مدارس ومعاهد متخصصة فقط فى تخريج هذه العمالة، على أن يتلقوا دعما من الدولة، طالما أن ذلك سيصب فى صالح الاقتصاد المصرى.

أتمنى أن يبادر أصحاب الشأن إلى المسارعة بدراسة هذا الأمر، حتى نخرج من هذه الدوامة اللعينة. وبالمناسبة فإن أحد أكبر المجرمين الحقيقيين فى هذه المأساة، هو من سمح بدخول التوكتوك وانتشاره بهذه الصورة المرعبة، التى كان أخطر نتائجها القضاء على غالبية الفنيين أو «صبيان المعلمين الذين فضلوا التوكتوك على الصنعة».

لا سامح الله من ساعد فى انتشار فيروس التوكتوك فى مصر!

نقلا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عامل فنى أجره 1500 جنيه عامل فنى أجره 1500 جنيه



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين
  مصر اليوم - مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 00:02 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تعود بعد 7 سنوات بمية دهب
  مصر اليوم - هيفاء وهبي تعود بعد 7 سنوات بمية دهب

GMT 05:51 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

سامسونغ تطلق نسخة جديدة من "جلاكسي فولد" القابل للطي

GMT 11:37 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات قاتلة طفليها في محافظة الدقهلية

GMT 21:22 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل وفاة 35 معتمرًا وإصابة 4 إثر حادث "مكة"

GMT 00:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

رانيا يوسف تنتظر استدعاء النيابة بشأن الفيديو الإباحي

GMT 09:30 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن سلمان يلتقط صور"سلفي" في "الفورميلا أي"

GMT 07:39 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"جزر السيشل" في المحيط الهندي جنة لعشاق الطبيعة

GMT 19:26 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

طبال يبيع زوجته لـ"ثري عربي" مقابل 2000 ريال

GMT 20:52 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

المطربة ساندي تتعرض للإصابة خلال تصوير "عيش حياتك"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon